أمد/
احتفلت دول العالم برأس السنة الميلادية بأشكال متعددة من الزينة والإضاءات والأنوار وإطلاق الألعاب النارية وسط عشرات القنوات الفضائية التي تقدم وتبث برامج خاصة وحصرية ومشاهد في العواصم العربية والغربية عن استقبال العام الجديد وتمنيات وأماني بأن يحل الخير والسلام والنهضة في العالم أجمع.
لكن حياة الناس في قطاع غزة واحتفالاتهم بأعياد الميلاد المجيدة ورأس السنة الميلادية كانت مختلفة مع دخول الحرب العدوانية الإسرائيلية شهرها الرابع، على وقع أزيز الطائرات المقاتلة والاستطلاع والتي لم تتوقف أبداً، وأصوات القنابل والصواريخ من المدفعية والدبابات الإسرائيلية وهي تلقي بحممها النارية بكل قوة تجاه الفلسطينيين وممتلكاتهم لتوقع شهداء وجرحى في صفوف المدنيين العزل.
حيث تأتي أعياد الميلاد المجيدة ورأس السنة الميلادية، والفلسطينيون في قطاع غزة يواجهون الموت وجرائم الإبادة الجماعية لوحدهم، والتي راح ضحيتها نحو 30 ألفاً من الشهداء والمفقودين و60 ألفاً من الجرحى جلهم من الأطفال والنساء وآلاف المعتقلين، ومئات الآلاف من النازحين الذين يعيشون دون مآوي وفي ظروف حياتية بالغة التعقيد نتيجة انعدام الأمن الغذائي ونقص وتلوث مياه الشرب بمياه الصرف الصحي ومياه البحر وانتشار الأمراض والأوبئة، وانقطاع كامل للكهرباء والاتصالات وغاز الطهي ووقود المركبات، وتوقف العشرات من المشافي عن تقديم خدماتها، وتدمير أكثر من 70٪ من الوحدات السكنية والبنى التحتية، وانهيار الاقتصاد الغزي.
وقدّّر مراقبون أن الحرب العدوانية الإسرائيلية لو توقفت في هذه الأثناء، فإن قطاع غزة بحاجة إلى سنة كاملة لإزالة ركام منازل وممتلكات الغزيين جراء الحرب الإسرائيلية المتواصلة، وما بين سبع وعشر سنوات لإعمار ما دمرته آلة الحرب الإسرائيلية بتكلفة تزيد عن 4 مليارات دولار.
لذلك نتيجة الحرب الإسرائيلية على غزة اقتصرت احتفالات أعياد الميلاد المجيدة هذا العام على إقامة الشعائر والصلوات وقرع أجراس الكنائس في فلسطين دون أية مظاهر احتفالية بالعيد مع دعوات وتمنيات أن يحل الأمن والسلام والاستقرار أرض فلسطين.
إن أماني الفلسطينيين ومن خلفهم شعوب وأحرار العالم في اعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية أن تتوقف آلة القتل والتدمير، وجرائم الإبادة والتطهير العرقي والترانسفير التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلية على قطاع غزة بدعم سياسي وإعلامي ومالي غربي على رأسه الولايات المتحدة الأميركية، وأن تضع الحرب أوزارها ليعود البناء والإعمار والتنمية.
وفي الختام، رغم الموت والقهر والجوع والتدمير، ورغم جرائم الإبادة والتطهير العرقي والترانسفير، ورغم فظائع العدوان الإسرائيلي وازدواجية المعايير الدولية، إلا أن الشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة بقي وما زال صامداً مكافحاً كطائر العنقاء حاضناً لمقاومته على الرغم من امكانياتها المتواضعة وبسواعد رجالها وعزيمتهم التي لا تلين، وهي تكبد القوات الغازية الإسرائيلية وآلياتها خسائر فادحة، ورافضاً لكل أشكال العودة إلى الانتدابات أو الاحتلالات أو الوصايات الدولية، ورافضاً أيضاً لمخططات التهجير بكافة أشكالها، كون الشعب الفلسطيني وحده هو من يقرر مصيره ويرسم مستقبله على أرضه في اليوم التالي لتوقف الحرب.