أمد/
أكثر من 22 ألف شهيد و55 ألف جريح فلسطيني سقطوا في العدوان الإسرائيلي على غزة، ورغم ذلك لم تضع الحرب أوزارها حتى الآن، غير أن الأيام الأخيرة شهدت نوعا من التهدئة في أراضي القطاع الفلسطيني المعزب منذ أكثر 88 يوما من العنف المتواصل.
أسباب وسيناريوهات عديدة تقف وراء تهدئة الحرب على غزة نسبيا، ويبدو أن أكثر الأسباب الواقعية هي توقف التمويل المالي الخارجي لحركة "حماس" بعد تشديد الخناق على مصادر التمويل القادمة من إيران، فتراجعت الحركة عن الدخول في قتال شوارع مع عناصر جيش الاحتلال الإسرائيلي، وخفضت من مقاومتها نسبيا مما أدى إلى قلة الاشتباكات المسلحة مع إسرائيل عما سبق.
بالتأكيد أحداث 7 أكتوبر أو عملية "طوفان الأقصى" أربكت حسابات إسرائيل العسكرية، وكشفت للعالم أجمع أن "حماس" قوة عسكرية لا يستهان بها، وظهر ذلك جليا في آلاف الصواريخ والطائرات بدون طيار المستخدمة في العلمية، وكذلك قذائف الياسين 105 وطوربيد "العاصف" وقاذف RPG F 7، والعبوات الناسفة التي حملت اسم "شواظ الدروع".. ولكن كيف تسلح "حماس" نفسها؟.. وكيف تعزز قوتها العسكرية يوما بعد الآخر؟
النظام المالي ل "حماس" أو "كتائب القسام" معقدٌ ومبهم، وتمتد جذوره إلى ما هو أبعد من قطاع غزة، وخاصة إلى إيران التي ترعي شبكة من الحلفاء في المنطقة لاحتواء النفوذ الإسرائيلي، فتساعدهم في التمويل، وهذا ما أكده زعيم حماس نفسه، إسماعيل هنية في عام 2022، بأن إيران هي المانح الرئيسي لها وأنها ساهمت بمبلغ 70 مليون دولار في تطوير أنظمتها الصاروخية.
وطالما، برزت إيران كواحدة من أكثر الداعمين ماليا لحركة "حماس" سخاءً، حيث توفر للجماعة المسلحة الموارد الحيوية التي تحتاجها لتنفيذ عملياتها، ولكن بعد تضييق الخناق على الأموال الإيرانية للحركة، لجأت حماس إلى العملات الرقمية "المشفرة" من أجل جمع الأموال من أجل إعادة بناء نفسها عسكريا ومواصلة رحلة المقاومة ضد الاحتلال بدعم باطني من طهران.
وبدأت "حماس" في استخدام هذه العملات لتلقي تبرعات صغيرة الحجم من المؤيدين كجزء من جهد تمويل جماعي أوسع، ويبدو أنه خلال الفترة الأخيرة، أصبحت العملات المشفرة وسيلة لتحويلات واسعة النطاق بين إيران والحركة ضمن شبكات الحوالة، عن طريق شبكة كبيرة من رجال الأعمال المقربين من الحركة مادام من الصعب اقتفاء أثر العملات الرقمية.
ويبدو أن التمويل في صالح دعم صمود الحركة أمام الاحتلال، أما التمويل العسكري فأصبح مستحيلا الآن لأن الحركة الفلسطينية مازالت تعتمد على إمكانياتها البسيطة في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.
فكرة التمويل ككل تزعج إسرائيل وحلفاؤها وخاصة أميركا التي أعلنت صراحة أن "كتائب القسام" تتلقى تدريبا ودعما ماليا من إيران، وأن الحركة لجات إلى العملات المشفرة لتلقي تحويل الأموال والتهرب من الرقابة، ودفع هذا تل أبيب إلى مصادرة العملات المشفرة التي تحتفظ بها شركات الصرافة فق غزة والتي لها صلات بإيران، كما كشفت أن محافظ هذع العملات تلقت حوالي 40 مليون دولار من أجل تمويل الحركة الفلسطينية عسكريا، وهذا بالتأكيد دفع دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى مصادرة جميع الأموال المرتبطة بالحركة بذريعة تجفيف منابع التمويل الذي كان ولا يزال هاجس إسرائيل الأكبر.
وأخيرا.. كيف ستصمد حماس بعد نهاية الحرب هذا إن فشلت اسرائيل في القضاء عليها.. وكيف ستتمكن إيران من تمويلها بعد أن اكتشف أمر الحيل السابقة؟!