أمد/
من الممكن بالطبع أن يعيش العالم بلا أي تنظيم سياسي أو أكثر فهذه سنة الدنيا من الولادة فالشباب فالشيخوخة، وتشيخ التنظيمات بأفكارها المتقادمة أو الصدئة، وتشيخ بقياداتها المتجمدة أوالمنهارة، وتبلى بعدم التجدد بالأفكاروالتكتيكات والخطط والإبداعات، وتسقط حين تهمل الشباب، بل وتموت بقلة فعاليتها وانعدام تأثيرها، وتذبل مع انصراف الجماهير عنها، أو قلة الاستقطاب، أو باحتقارهذه الفصائل لشعبها وعدم التعلم منه أوالاستماع اليه، وتتقوقع حين تصبح المصالح الخاصة فوق فلسطين، وتشيخ بافتقاد الحصافة والحكمة والتفكير الاستراتيجي نعم إضافة لعوامل أخرى كثيرة قد تسرع بالدفن بلا جنازة ولا معزّين.
حركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح، الكيانية، فتح الفكرة الوطنية، فتح الوحدة الوطنية، فتح التي خُلقت فقط لتحرير فلسطين، هي مَن جعلت كل الناس يحملون هذه البوصلة. إنها فتح الوسطية في الفكر، والديمقراطية والاعتدال بالحوار، وهو النهج الذي أصبح ملازمًا لغالب الفصائل والشارع الفلسطيني دون أن يدرك ربما أنه استقاه من مسيرة وثقافة ورحابة هذه الحركة شاء أم تعامى.
قدمت بما سبق لأنني قرأت مقال الأخ أ.د.عبدالمحسن صالح رئيس مركز الزيتونة للدراسات، تحت عنوان عالم بلا حماس في 21/12/2023م، وأردت الإشارة لبعض النقاط تعليقًا مباشرًا او غير مباشر على بعض النقاط في مقاله الذي احترمه فيه، واختلف بعدد من مواضعه مع التقدير الكبير لذات الدكتور لجهوده في رفعة القضية الفلسطينية وجهود مركزه الهام أيضًا.
-أقول أن للكاتب الكريم الحق أن يعبر عن رأيه كما يشاء بالطبع، ويدافع عن "حماس" التي هي جزء من النسيج الفلسطيني الوطني المناضل، ولكن أن يذكر في مقاله مصطلح أو فكرة "التعاون" مع الاحتلال بالإشارة للسلطة الوطنية الفلسطينية، إن شاء تسميتها أي "التعاون" فهي ذاتها التي كانت قائمة في قطاع غزة من قبل فصيل "حماس" بما أسموه "الضبط الميداني" لمنع أي عمليات عسكرية ضد الإسرائيلي!
-وحين ذكره 9 أجهزة أمنية!؟ بغرض التضخيم والتبخيس معًا، وهي "تتعاون" مع الإسرائيلي! فلا لا يوجد بالحقيقة ضمن إطار السلطة الوطنية الفلسطينية الا جهازين أمنيين مدنيين هما المخابرات إضافة للامن الوقائي، اما الثالث فهو الأمن الوطني بأقسامه المختلفة كأي أمن وطني محدود الامكانيات والصلاحيات تحت حكم إداري محدود، إضافة الى الشرطة المدنية.
– في سياق عرضه المؤيد لبقاء "حماس" ومسيرتها دعني أقول هل من الطبيعي أن يمر مرور الكرام على الانقلاب الدموي لفصيل "حماس" عام 2007 –دون إشارة او اعتذار كما فعل خالد مشعل معتذرًا لاحقًا-وما خلفه هذا الانقلاب "الحسم العسكري كما أسمته حماس" من ندوب بالجسد الفلسطيني!؟ وهل من المعقول أن يتناسى كل الاتفاقيات (للمصالحة) التي دوما ما رفضتها أوأفشلتها حماس أو "محور المقاومة" الإيراني، بإباء لتعود ثانية من حيث جربت الثورة الفلسطينية بلا طائل من حيث النتيجة، وهل من المعقول أن يمر مرور الكرام على "التنسيق الامني" لحكم "حماس" في غزة، والاموال القطرية-الإسرائيلية، وعن استبداد الحكم في غزة الذي لم يمنح الناس ولو ممارسة ديمقراطية واحدة لا بالجامعات ولا غيرها؟!
-إن كان الكاتب ينظر للفلسطينيين من غير فصيل حماس "شركاء" للإسرائيلي! بالمعنى ما تحت السطور أي الاتهام الحمساوي المتطرف المعهود بالعمالة! فماذا يمكننا القول عن الأموال القطرية-الإسرائيلية ل"حماس" أهي عمالة ام ماذا؟ وماذا يمكننا القول عن مقر "حماس" في قطر وقد تم التجديد للمستعمرة (القاعدة) الامريكية فيها منذ أيام ل10 سنوات! وهي أي دولة قطر التي تحتفل يوميًا بقدوم الوزراء الإسرائيليين وعلى رأسهم رئيس الموساد؟! وماذا نقول عن العمال من قطاع غزة الذين يعملون لدى الإسرائيلي بإرادة فصيل "حماس" أهي شراكة أم عمالة أم ماذا؟ وماذا نقول أيضا بمنع العمليات بقوة السلاح ضد الإسرائيلي من الحدود مع القطاع في غالب المراحل أهي شراكة أم تعاون أم تنسيق ام عمالة أم ماذا؟
لم نكن نحبذ الحديث بهذا الموضوع المؤجل لما بعد انتهاء العدوان الفاشي على شعبنا، ولكن المقال للأخ الكريم كان قادحًا لزناد الرد، وسنكمل.