أمد/
ثلاثة أشهر تمر على الحرب التي تخوضها إسرائيل ضد حركة حماس في غزة ، وهي الحرب التي بدأت مع العمليات العسكرية التي قامت بها حركة حماس ضد المدن الإسرائيلية الموجودة في غلاف غزة ، وهو ما أسفر في بداية الحرب عن مقتل واختطاف ما يقرب من ١٢٠٠ إسرائيلي وتواصل جرح وأصابه الكثير من عناصر الجيش بسبب العمليات التي تقوم بها عناصر الجيش في غزة.
فرضيات تتعلق بالخلافات بين عناصر حماس
وفي ذروة الحديث عما يجري في فلسطين وتداعيات العملية الأمنية في غزة ، بات هناك عدد من النقاط الحساسة ومنها…هل تتفجر الخلافات داخل حركة حماس؟
وهل يمكن القول أن هذه الخلافات بين بعض من القيادات وصلت إلى طريق مسدود؟
أسئلة مهمة ودقيقة يتم طرحها في هذا الوقت ، في ظل بعض من المعطيات ومنها:
1- تدمير المرافق الرئيسية في قطاع غزة بسبب عملية طوفان الأقصى وتداعياتها.
2- اغتيال عدد من القيادات العليا في الحركة ، وعلى رأسها صالح العاروري نائب رئيس الحركة وعدد من كبار المسؤولين.
3- تدمير بعض من المرافق والمؤسسات الدولية بدعوى دعمها لحركة حماس (منظمة الأونروا نموذجا)
4- وضع عدد من المؤسسات الدولية تحت المراقبة والملاحظة في ظل وجود شبهات أمنية حول تعاونها مع حركة حماس
5- تزايد الضغوط على بعض من الدول التي تحتضن عناصر أو قيادات من حركة حماس ، ومنها قطر أو تركيا أو لبنان خاصة وأن عملية اغتيال العاروري تعني تصاعد التكلفة الأمنية والسياسية والاستراتيجية لأي دولة تستضيف عنصرا من عناصر حركة حماس، ولكن في نفس الوقت فإن ما حصل في عملية طوفان الأقصى كان له بعض من المكاسب التي يمكن تلخيصها في:
1- التأكيد على أن الجيش الإسرائيلي لدية نقاط ضعف واضحة تسهل عملية اختراقه
2- يمكن القول بأن عنصر المباغتة يمثل تهديدا استراتيجيا واضحا للجيش الإسرائيلي ، الأمر الذي يسهل معه وبمقتضاه مهاجمة العناصر المسلحة الإسرائيلية مع المباغتة مهما كانت عناصر التسلح والقوة الإسرائيلية.
غير أن المقارنة استراتيجيا بين عناصر المكاسب ( المحدودة ) وبين الخسائر ( المتعددة ) تجعل من الحديث عن الخلافات بين عناصر حركة حماس أمرا منطقيا ، خاصة الجناح السياسي الذي يشاهد وعن كثب الكثير من الضغوط التي تتعرض لها الحركة .
بجانب أن هذا الأمر سيجعل أيضا الحديث عن الخلافات بين الجناح السياسي للحركة من جهة ويحيى السنوار رئيس حركة حماس في غزة من جهة أخرى منطقيا ، خاصة في ظل القيود والقواعد السياسية التي يضعها السنوار لفرض العمل السياسي بالحركة الآن ، فضلا عن محاوله السنوار ومن تحت الأرض طرح بعض من الأفكار التي لا تتناسب وقيادات العمل السياسي التي تعمل من فوق الأرض.
صراعات
من الواضح أن تحليل المسار السياسي لما يجري في الحركة يؤدي لبعض من الفرضيات ومنها:
1- حماس غزة وقائدها السنوار وأتباعه الجدد في الحركة يدركون ضرورة حتمية الانقضاض على مقاليد السيطرة الكاملة داخل الحركة
2- يدرك السنوار أنه لا استمرار لعسكرة حماس في الوضع الدولي الحالي، فالطرح السياسي الدائر في الغرف المغلقة بخروج مسلحي حماس إلى دول في المنطقة، كان قد صرح به عضو قيادي قريب من تيار هنية – مشعل لوكالة أنباء روسية، وهو يصب لصالح التخلص من القوة العسكرية لتيار السنوار
من الواضح أن الساعات ا لأخيرة التي تلت اغتيال العاروري تحديدا تلتها بعض من التطورات الاستراتيجية ومنها فقد أنصار حركة حماس بالضفة بوصلتهم القيادية من الصف الأول والثاني، وهو ما سيجعل ساحة الضفة قبلة الصراع القادم بين حماس الخارج وحماس غزة حول لمن سيكون ولاؤها عقب انتهاء القتال .
ومع كل هذا أيضا هناك مشكلة ، حيث إن هناك تحركات سياسية تقوم بها عناصر حركة حماس لا ترضي المعسكر السياسي الذي يمكن وصفه بآنه معسكر حماس الذي يضم (هنية – مشعل).
ومن هذه التوجهات عرض تفاهمات سياسية في الدوحة مع التيار الإصلاحي المنشق عن حركة فتح (محمد دحلان) لتوجيه الدعم القادم عبر التيار لأهالي القطاع لأنصار موالين لقيادات حماس الخارج وعائلاتهم، مقابل بحث مشاركة محدودة للتيار في آليات حكم القطاع، وبذلك تُضيق الخناق أكثر على تيار السنوار بتجفيف الموارد المالية المحتملة بعد انتهاء الحرب .
ويفسر ما سبق بالطبع غضب السنوار من اتخاذ هذه الخطوة وتعنته في إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين ، وفرض شروط تجدد معها القتال بين حماس وإسرائيل من جديد.
تقدير موقف
عموما فإن ما يجري حاليا سيؤجج صراع الأجنحة داخل الحركة وسيشقها بالتأكيد إلى حماسين
1- حماس الخارج التي ستبقى في الحاضنة الإيرانية وضمن محورها في المنطقة تمارس دورا على الساحة اللبنانية ومخيماتها الفلسطينية
2-حماس غزة بحاضنتها القطرية التي ستتحالف مع الحصان الرابح، مع الاحتفاظ -أي حماس غزة- بعلاقاتها مع أجهزة الأمن المصرية، حيث يعول تيار السنوار على ملف إعمار غزة والمال الذي سيساعده على مخططاته للاستقلال بالقرار المالي والسياسي عن حماس الخارج .
الخلافات بين حماس لم تعد تحتمل أن تبقى داخل أورقة النظامين القطري و الإيراني ، فعاصفة الصراع قادمة لا محالة.. والانشقاق الحتمي بين تيارات حماس أصبح أقرب من أي وقت مضى، والذي قد يأخذ نوعا من الصدام العسكري في غزة تحديدا.. فالحالة الفصائلية الفلسطينية زاخرة بتجارب الانشقاقات خاصة بعد كل معركة أو تصعيد عسكري مع اسرائيل تحديدا .