أمد/
جاءت العمليات العسكرية الأخيرة التي قام بها الجيش الإسرائيلي في مدينه رفح صباح يوم السابع من يناير والتي أودت بحياة اثنين من الصحفيين منهم حمزة الدحدوح نجل مراسل الجزيرة وائل الدحدوح ، ومن قبلها سقوط 55 شهيدًا جراء القصف الإسرائيلي المتواصل على أحياء مدينة خانيونس خلال الساعات الماضية ، ليزيد هذا من الارتباك الحاصل وبقوة على مختلف المسارات السياسية الساعية إلى التفاوض من أجل وقف إطلاق النار.
وتتعقد هذه النقطة خاصة مع مواصلة إسرائيل عمليات القتل والتصفية الخارجية ، بجانب عمليات الاغتيال الداخلية المتواصلة في قطاع غزة والضفة الغربية .
وبات واضحا أن هناك صوتا عسكريا عاليا وبقوة يمكن أن:
1- يوثر في مسار أي مفاوضات سياسية
2- ينعكس سلبا على أجواء الثقة المتبادلة بين عناصر حركة حماس ومن يرعاهم تفاوضيا، والمقصود هنا قطر من جهة وبين إسرائيل من جهة أخرى
ويتزامن كل هذا مع نقطة استراتيجية محددة ، وهي وجود خلافات داخلية بين القيادات السياسية داخل الحكومة من جهة ، والقيادات العسكرية ، وهو ما بات واضحا خاصة بين الوزير بن غفير من جهة وبين رئيس هيئة الإركان هرتس هاليفي من جهة أخرى.
وبالطبع لا تتوقف الخلافات الاستراتيجية بين الوزراء من جهة وبين هرتسي هاليفي فقط ، ولكن أيضا هناك خلافات بين الكثير من الساسة وكلا من رئيس الموساد دافيد برنيع ، ورئيس جهاز الشاباك رونين بار تحديدا، فضلا عن الانتقادات الحادة التي يوجهها الشعب الإسرائيلي للجيش ، وهي بالطبع انتقادات بسبب الفشل الأمني والاستراتيجي والسياسي لما حصل في السابع من أكتوبر الماضي .
تصعيد عسكري
ومن المتابعة الاستراتيجية لعمليات الجيش الإسرائيلي في غزة تحديدا يمكن الوصول لبعض من التقديرات ومنها :
1- أن عملية إطلاق النار على الأهداف المعادية باتت تتسم بالعصبية الواضحة والسريعة للتخلص من أي مشتبه به ( حادثة اطلاق النار على الرهائن من العسكريين ممن لوحوا بالراية البيضاء وتحدثوا بالعبرية للجنود، ورغم ذلك تمت تصفيتهم )
2-تدمير بنايات كاملة حال وجود مشتبه بهم فيها ، وهو ما أدى لخسائر في الرهائن .
3- وضعت الحرب الإسرائيلية في غزة قاعدة غير مألوفة عن الجيش الإسرائيلي ، وهي التخلص من المطلوب (الإرهابي) ولو على حساب الرهينة الاسرائيلية ..وهو ما يجعل هذه الحرب مختلفة وتمثل ما يمكن وصفه بالثورة في الفكر العسكري الإسرائيلي الذي اعتاد دوما على انقاذ الرهينة مهما كان الثمن
4- من الواضح أن هذه الحرب وضعت فكرا حديثا ، تمثل في الجيل الذي خرج منه بعض من العسكريين و الدبلوماسيين في إسرائيل حاليا والذي يرد بالصوت والصورة على المنصات العربية، رغم أن إسرائيل في السابق لم تعتاد على الرد على ما يكتب عربيا
5- متابعة ما يقوله المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للغة العربية ( افيخاي إدرعي ) ومعه تحديدا الطاقم الإعلامي للسفارة الإسرائيلية في مصر أو العاملين في إدارة مصر بالخارجية الاسرائيلية ( حادثة سد النهضة والرد على مزاعم مساعدة إسرائيل لإثيوبيا في بناء السد ) سيكتشف أن نفس الروح التي تدير الحرب الإعلامية لإسرائيل من وراء الكي بورد ، هي ذاتها الروح التي تقود حرب غزة.
عموما بات واضحا أن الموقف يزداد دقة في إسرائيل خاصة على صعيد الشرائح المعارضة لسياسات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو
وترتكز هذه الخلافات على شرائح معينة في المجتمع وهي:
1- عائلات و ذوي المختطفين الإسرائيليين في غزة من المدنيين والعسكريين
2- المعارضون لنتنياهو وسياساته ممن أكدوا آن ما حصل في السابع من أكتوبر هو أكبر دليل على فشل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية وعدم قدرتها على مجاراة حركة حماس التي لا يمكن أن تقارن إمكاناتها العسكرية والاستراتيجية بإسرائيل.
تقدير موقف
بالتالي بات من الواضح أن العملية العسكرية الحالية في غزة ، ومعها التداعيات المرافقة لها في الشمال ستؤثر بصورة أو بأخرى على مسار المفاوضات السياسية بشأن قضية الرهائن أو قرار وقف الحرب بصورة عامة ، الأمر الذي يزيد من دقة هذه القضية بصورة واضحة بالنهاية .