أمد/
بينما تسعى واشنطن إلى «التهدئة» في منطقتنا، وممارسة الضغط على حكومة المستعمرة لتحجيم رقعة الحرب، بعد فشلها في كل الأهداف التي سعت من أجلها وخططت لها في قطاع غزة وأخفقت في تحقيقها، وأن «إنجازاتها» في القصف الثقيل للمدنيين وقتل عشرات الآلاف ليصل إلى حوالي مائة ألف ما بين شهيد وجريح ومدفون تحت الأنقاض، هذه «الإنجازات» لجيش المستعمرة ضد أهالي قطاع غزة، بهذه الوحشية التي قارفوها، شكلت حالة امتعاض لدى الشعوب الأوروبية والأميركية، وسببت حالة حرج لإدارة بايدن كونها الحاضنة السياسية والتسليحية التي قدمتها للمستعمرة تحت غطاء تضليلي «حق المستعمرة في الدفاع عن نفسها» حيث سقطت هذه الحجة وتبددت بفعل الجرائم التي فعلها جيش الاحتلال، وبفعل السياسات المتطرفة المعلنة من قبل وزراء حكومة المستعمرة، جعلت حتى وزير الخارجية الأميركي اليهودي الصهيوني ينتقدها ويشجبها علناً، واعتبرها تصريحات غير مسؤولة.
تزداد مشاكل نتنياهو وفريقه الائتلافي المتطرف، في مواصلة خيارهم نحو استمرار الحرب، والعمل على توسيعها، بما يتعارض مع مصلحة الولايات المتحدة التي تسعى إلى لملمة الوضع الأمني في منطقتنا العربية، وتركيز الاهتمام فقط على حرب روسيا في أوكرانيا، وحرب المستعمرة على غزة بشكل محدود وانتقائي، وغير ذلك يعمل الوزير بلينكن على نزع عوامل ودوافع وممارسات التصعيد، خارج فلسطين.
نتنياهو الذي فشل في معركة غزة، وسبب انكشاف المستعمرة على حقيقتها أمام المجتمع كمشروع استعماري توسعي، يعمل على إطالة أمد الحرب لعله يحقق «إنجازات» ملموسة كما فعلها في بيروت في اغتيال الشهيد صالح العاروري، وهو يفعل ذلك لأنه يواجه ثلاث مشاكل:
أولاً فشله يوم 7 أكتوبر وتداعياتها، سواء في إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين ، أو في تصفيته حركة حماس وقياداتها.
ثانياً فشله في خطة السيطرة على الجهاز القضائي، وخاصة بعد صدور قرار المحكمة العليا المتضمن إلغاء التعديلات القضائية المتعلقة بـ»قانون الحد من المعقولية» وبقرار المحكمة العليا، يعني أن المحكمة ما زالت قادرة على الطعن بقرارات الحكومة، وهو ما دفع نتنياهو لمحاولة تقليص صلاحيات المحكمة العليا، عبر قرارات الحكومة والبرلمان، فجاء قرار المحكمة بإلغاء التعديلات القضائية التي سعى لها نتنياهو، وهي صفعة سياسية قانونية، دالة ومؤشر على ما سيواجه من تعقيدات في طليعتها مواصلة محاكمته في تهمة الفساد، والنظر بدعوى عزله على خلفية الفشل الذي أوقع نفسه فيه.
ثالثاً انفجار الخلاف بين المؤسسة السياسية الحزبية الائتلافية التي تقود الحكومة من طرف، وبين الجيش والأجهزة الأمنية من طرف آخر.
الفشل والإخفاق السياسي والعسكري والأمني، وعدم إطلاق سراح الأسرى، وزيادة عدد الجنود والضباط القتلى، حرك الشارع الإسرائيلي ببدايات تدريجية، اقتصرت في السابق على شرائح متواضعة، زادت الآن ببروز موقف قيادات سياسية معارضة، بدت علناً رفضها لاستمرار حكومة نتنياهو، والعمل على إسقاطها.