أمد/
رواية مسلة آديم المفقودة للكاتب الفلسطيني نضال عبد العال الصادرة عن دار الفارابي في بيروت هذا العام من القطع المتوسط،
في الرواية نجد الكاتب يتحدث عن سرديات من زوايا متعددة تشمل المكان الأصلي قريته الغابسية والمكان الآخر مخيم نهر البارد حيث أطل منها على قطاع واسع جداً من الشخصيات وعلاقتها بالمكان والهوية.
ينكشف ذلك من خلال حوادث مطردة متلاحقة الغابسية ،مخيم نهر البارد، تتكئ على مفاصل تاريخية لا تخلو فداحة الأحداث من وظيفة تؤديها أداءً فنياً، فهي تمثل هيكلاً يجمع ما في هذه السرديات من حوادث متناثرة ومتداخلة، تسودها تقنية التقديم والتأخير تارة، والاسترجاع باستدعاء الماضي تارة، والاستشراف أو التنبؤ بواقع يحدث تارة أخرى، وهذه المفاصل التاريخية تساعد على تنضيد تلك الحوادث المتناثرة في نسق يخدُم القضية.
أما الحدَث الذي يحتل موقع البؤرة في البناء السردي لهذه السرديات هو الصراع الأزلي بين الاحتلال والشعب الفلسطيني ،الذي بدأ من تزييف الحقائق التاريخية كما حصل مع محمود العبد الله الذي أوكله أبوه محمد العبد الله بالحفاظ على اللوح الطيني الذي يحمل نقوشاً كنعانية، غير أن المهمة لم تكتمل عندما وجده الخواجا اسماعيل الذي كان يعمل مع بعثة أجنبية للتنقيب عن الآثار ، وضربه على رأسه ففقد عقله، بعد أن فقد محمد العبد الله عقله ضرب رجلاً وقتله وأودع في السجن حتى مات فيه، الخواجا اسماعيل التركي الذي كان يعمل مع البعثة الأجنبية لم يدرك إلا متأخراً أن هناك أيادٍ خفية كانت تعمل على سرقة وتزييف الحقائق،
وصف الكاتب تفاصيل ومشاهد مهمة داخل مخيم نهر البارد مسقط رأسه، ربما كانت الضرورة الفنية هي التي أملت على الكاتب الدخول في أدق التفاصيل داخل المخيم، وظهر ذلك جلياً من خلال اللجوء إلى البناء الدرامي جعل متانة في الحبكة. فالرواي في هذه السرديات يمثل المؤلف.
يقوم بدور الصحفي الذي ينقل الصورة من قلب الحدث بدقة واحتراف وعمق، يضيء على مأساة الشتات الفلسطيني وتفاعله مع محيطه،يسلط الضوء على أناس اقتلعوا من أرضهم ومدنهم ليزرعوا في أرض أخرى،
استخدم الكاتب اللغة الرشيقة بعيداً عن الغرق بالصور الرمزية والحشو الزائد فلجأ إلى التكثيف لذلك كانت الرواية لا تتجاوز المئة والعشرون صفحة،
تحدث الكاتب عن قرى عديدة بالوطن الأم ينحدر منها أبناء مخيم نهر البارد لكنه كان لابد من الحديث أكثر عن هذه القرى قبل النكبة وأهم الحوادث التاريخية لإعطاء القارئ لمحة عنها.