أمد/
لم يعد المواطن في قطاع غزة يعاني من الحرب الإسرائيلية الطاحنة والمستمرة منذ أكثر من ثلاثة شهور فقط، بل بات يعاني من حربين، أشدهما جشع التجار الذين تقف ورائهم حركة حماس التي تحكم القطاع بالحديد والنار، واحتكارهم للسلع والأسعار بشكل شبه خيالي، لم يمر على القطاع منذ عشرات السنين.
وإذا كانت الشرطة في رفح جنوب قطاع غزة وجهاز الامن الداخلي التابع لحماس، يحمي الناس فعلا من الاستغلال والاحتكار وسرقة المساعدات الدولية التي تأتي للناس وخصوصا النازحين من بيوتهم خلال الحرب، وتطلق النار على الناس الذين يهاجمون تلك المساعدات تحت حجة انهم "حرامية"، فلماذا تصمت بشكل مطلق على وصول أسعار الخيمة الواحدة الى اكثر من 2000 شيقل أي 700 دولار أمريكي، رغم أنها قد وصلت مساعدات ومجانا للناس النازحين، والأمر مستمر بالنهج ذاته منذ شهرين وأكثر؟
كما أنه ينبغي على حماس وقادتها الإجابة على العديد من الأسئلة الواقعية، أولها لماذا وصل سعر المواد الغذائية وأهمها الطحين ثم أدوات النظافة الشخصية الى ثلاثة أضعاف؟، ولماذا تصمت على ارتفاع أسعار ايجارات البيوت في رفح بشكل جنوني، ليتراوح من 1000 دولار أمريكي الى 3000 آلاف بالشهر الواحد؟.
والأدهى من ذلك كله، لماذا تصمت حماس على وصول مبالغ التنسيق ورشاوي معبر رفح -الذي يربط القطاع بجمهورية مصر العربية- للسفر تصل الآن الى 9 آلاف دولار للشخص الواحد، رغم استمرار الأمر منذ شهرين؟.
أليس من المعقول أن يكون كل هذا منظم ومتوافق عليه مع حماس، وهناك مكاسب من خلفه وأشخاص مسؤولين متورطين مسكوت عنهم من قادة الحركة.
وبمجرد دخولك أي سوق من أسواق رفح، تجد أن الأسعار وصلت الى مرحلة الجنون، فلقد وصل سعر "بامبرز الأطفال" الى 120 شيكل رغم أنه كان ب30 شيكل فقط، كما وصل الطحين في شمال غزة الى 1000 شيقل، وسعر كيلو السكر وصل الى 25 شيكل ارتفاعا من 3 شيكل فقط، وسعر كرتونة البيض وصل الى 50 شيكل بعدما كان ب15 شيكل، وزيت الذرة وصل الى 25 شيكل بعدما كان ب5 فقط!!
وبحسب ما كشفت مصادر مطلعة، فإن تجارا تابعين لحركة حماس، يقفون فعليا وراء ارتفاع الأسعار بهذا الشكل الجنوني، ليؤكدوا أنهم "تجار الحروب" كما وصفهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس في وقت سابق.
يبدو أن معاناة الناس من حصار إسرائيلي ظالم على مدار 16 عاما، وصبرهم على 5 حروب سببها حماس ذاتها، لم يكن كافيا للحركة لترحم شعبها في ظل حرب ضروس وتهجير جديد لم تشهدها فلسطين منذ 1948.
ينبغي على حماس وقادتها ان ينظروا الى الواقع الفلسطيني في قطاع غزة جيدا، وان يتقربوا من الناس ويساعدونهم، أو على الأقل أن يتركوا المساعدات تصل الى مستحقيها، بدلا من المتاجرة بدمهم ومعاناتهم أمام شاشات التلفاز، أو أن يرحلوا عن وجوههم، فلقد وصل السيل الزبى، ولم يعد لدى الفلسطينيين أي مجال لتحمل المزيد، فليوقفوا الحربين، الحرب العسكرية، وحرب الجشع والاحتكار بحق الشعب الأعزل، أمام إسرائيل وحماس على حد سواء.