أمد/ بيروت: رحل المفكر والمبدع والمناضل، الرفيق كريم مروة عن عمر 94 عاماً، عاش خلالها حياة صاخبة، مليئة بالكفاح والإبداع، وحتى آخر يوم في حياته، لم تفارقه فكرة البحث والكتابة والعمل من أجل أن يكون في لبنان دولة مواطنة ديمقراطية سيدة وعادلة، ومن أجل وطن عربي لكل كيان فيه خصوصياته المبنية هي أيضاً على قواعد الديمقراطية والتعددية والعدالة والتكامل في ما بينها. ولم تغب يوماً عن اهتماماته فكرة بناء الإشتراكية الأكثر إنسانية.
كتب آلاف المقالات، وبلغت مؤلفاته 45 كتاباً إضافة إلى عشرة كتب هي تحت الطبع، وكان آخرها: «عباقرة الفكر والأدب والفن في روسيا من زمن القياصرة إلى العصر السوفياتي»
كان مروة أحد القادة الفاعلين في الحزب الشيوعي اللبناني، وتقلد فيه عدة مناصب، حيث كان عضوا في مكتبه السياسي من 1964 حتى 1999. وفي 1987 انتخب نائبا للأمين العام في حينه جورج حاوي.
عايش مروة خلال حياته سلسلة من المحطات التاريخية الأساسية في تاريخ لبنان والمنطقة، من ثورة الضباط الأحرار في مصر إلى العدوان الثلاثي إلى حرب 1967 و1973 والحرب الأهلية اللبنانية واجتياح لبنان في 1982، كما كان له دور رئيسي في الحركة الوطنية اللبنانية بزعامة الراحل كمال جنبلاط، والتي كانت تناصر فلسطين وتدعو لإقامة نظام ديمقراطي علماني إشتراكي في لبنان.
كتابات في الأدب والسياسة
كان للراحل مساهمات غزيرة في الكتابات السياسية والتحليلية والمقالات، حيث نشرت مجلات الطريق والأخبار والنداء، عددا كبيرا من مقالاته ودراساته. كما كان له مساهمة أساسية في صياغة وثائق الحزب الشيوعي اللبناني وأدبياته وبرامجه.
كان لمروة أيضا عدد من الكتب السياسية، تعتبر مرجعا في تاريخ لبنان الحديث والحراك السياسي فيه وتاريخ اليسار اللبناني بشكل عام، مثل “نحو نهضة جديدة لليسار في العالم العربي” و”فصول من تجربتي في الفكر وفي السياسة”، و”الشيوعيون الأربعة الكبار في تاريخ لبنان الحديث: فؤاد الشمالي، فرج الله الحلو، نقولا الشاوي، جورج حاوي”.
فضلا عن الكتابات السياسية، كان لكريم مروة مساهمات أيضا في الإضاءة على عدد من التجارب اللبنانية في مجالات الأدب والفن، حيث نشر في هذا المجال كتبا عن سير المثقفين اللبنانيين من أهمها “ملامح الشخصيّة اللبنانية في سير وإبداعات المثقفين اللبنانيين”، و”الرواد اللبنانيون في مصر: في الصحافة والفكر والأدب والفن”، وعناوين أخرى كثيرة.
نعت قيادة الحزب الشيوعي اللبناني القائد السياسي والمفكر كريم مروة، “من موقعه القيادي التاريخي في صفوف الحزب خلال أكثر من خمسين عاما، حيث شكّل جزءا لا يتجزّأ من التجربة الكفاحية الطويلة التي طبعت تاريخ الحزب. انضم الراحل الكبير الى صفوف الحزب منذ كان شابا في مطلع الخمسينيات، وشارك في كل المعارك النضالية التي خاضها الحزب في المراحل المختلفة، وفي مجالات متنوعة”.
وقال الحزب: “لقد عمل في الصحافة الحزبية وفي مجلة الطريق وفي التنظيم الحزبي وفي الصلات السياسية وفي حقل الثقافة، وأنتج عشرات المؤلفات في الفكر والسياسة والتاريخ والثقافة والأدب. انتخب عضوا في المكتب السياسي لأكثر من 35 سنة كما انتخب نائبا للأمين العام عام 1987. وربطا بهذه المرحلة الطويلة من النضال والتضحيات التي أمضاها في صفوف الحزب، تتقدم قيادة الحزب باحر التعازي من عائلته الكريمة ومن أصدقائه ومحبيه ومن كل الذين رافقوه في مسيرة نضاله”.