معتز خليل
أمد/ تنشغل الدوائر المصرية والإسرائيلية هذه الأيام بقضية السيطرة على محور فيلادلفيا ، وهي القضية التي تزايدت دقتها في ظل :
1- اقتناع الحكومة الإسرائيلية بأن غالبية الأسلحة المستخدمة في هجوم عملية طوفان الأقصى لحركة حماس في السابع من أكتوبر الماضي جاءت بالتهريب عبر هذا المحور.
2- هناك شعور بعدم الثقة الأمنية المتبادل بين مصر وإسرائيل ، وهو الشعور الذي يتجسد في :
أ- عدم الاتصال المباشر بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من جهة ، وبين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي منذ هجمات السابع من أكتوبر
ب- اقتصار الاتصالات مع مصر على عناصر جهاز الشاباك ، وخلال الآونة الأخيرة لوحظ عدم مشاركة رئيس الجهاز رونين بار في الجلسات الأمنية مع القاهرة
3- الحديث الإسرائيلي عن السيطرة الأمنية على المحور يعني بعض من الخطوات التي لم ترق للقاهرة وتحديدا جهاز المخابرات العامة المصري بسبب :
أ- اقتراح إسرائيل وضع مجسات تقنية للتجسس ومتابعة أي تحرك في منطقة الأنفاق ، وهو ما يعني تداعيات أمنية وانكشاف أوراق بعض من الأمور الأمنية للقاهرة أمام إسرائيل.
ب- تمثل هذه المنطقة (مفتاح الصنبور) الذي تغلق به مصر وتفتح به أيضا حجم تدفق المياه والمساعدات والدعم للجهة الفلسطينية التي تحكم غزة ، وهو ما يحقق لها مثلا بعض من الخطوات ومنها ، إرسال رسائل أمنية لإسرائيل و فضلا عن إرسال رسائل أخرى لجهات فلسطينية وعربية تحتاج مصر لإرسالها
4- المقترحات الإسرائيلية بشأن محور فيلادلفيا كانت تتوقعها مصر ، وهناك تقدير أمني مصري بهذه النقطة تم وضعه عقب عملية طوفان الأقصى، وتم معرفة تفاصيل ما ورد بهذا التقرير مع اعتماده على جمع بعض من المعلومات من مصادر في إسرائيل بصورة انتبهت لها أجهزة إسرائيلية وعرفت تلقائيا بنود هذا التقدير .
الولايات المتحدة الأميركية
وبالانتقال لنقطة أخرى تتعلق بروية الطرف الضامن لاتفاقية السلام وهي الولايات المتحدة ، والتي تعتبر الجهة الضامنة لتنفيذ بنود اتفاقية كامب ديفيد ، وبالتالي فأن هذا الضمان يعني :
1- أن اسرائيل وقبل الحديث أو طرح فكرة السيطرة على محور فيلادلفيا نسقت الأمر مع البيت الأبيض
2- خاطبت اسرائيل بعض من دول العالم بشأن هذه الخطوة
3- ترى إسرائيل ومعها أطراف قانونية في الولايات المتحدة أن ما قامت به إسرائيل مقبول قانونيا ، خاصة وأن بند المعاهدة يسمح لها بذلك ، وفقا لرأي خبراء قانونين في إسرائيل والبيت الأبيض.
4- هناك قناعة إسرائيلية حالية بأن المطالب بتغيير بنود أو مواثيق في معاهدة كامب ديفيد تمثل واقعا تفرضه التحديات العسكرية سواء المصرية أو الإسرائيلية ، وهو ما يمكن أن يجعل مصر في النهاية توافق على الطلب الإسرائيلي مقابل موافقة إسرائيل على أمور أمنية في غزة تطالب بها مصر أيضا
5- تعرف مصر تماما أن الحرب لن تنتهي الآن ، وهذا يسبب ضغوطا عليها في منطقة الحدود مثلا ودعوات فتح هذه الحدود ، وبالتالي فإن القادم يجب أن يتسم بالمرونة الأمنية والسياسية مع بعضهما البعض
التغيير
من الواضح أن مصر وإسرائيل اللتان وقعتا سويا على معاهدة السلام عام ١٩٧٩ ليسا هما مصر وإسرائيل اللتان تعيشان حجم مخاطر أمنية مشتركة عام ٢٠٢٤ ، وبالتالي فإن القضية ليست سيطرة على موقع أو منطقة محور بقدر ما هي تعاون أمني وتبادل للمعلومات مفيد للطرفين ، وتدرك بعض من الأطراف تماما هذا الأمر ، وتعرف أن العناد لكل طرف مع الآخر لن يحقق أي مكسب لا لمصر ولا لإسرائيل ، وهو ما يفتح الباب نحو الموافقة لإسرائيل على ما تطلبه من تغيرات في منطقة محور فيلادلفيا الحدودية مقابل مقترحات أخرى ألمحت إليها مصر في السابق وتعمل على أعداد بعضها خلال الفترة المقبلة.