أمد/ الرياض: عقدت منظمة “الأيسيسكو”، أعمال الدورة الرابعة والأربعين للمجلس، والتي جاءت باستضافة من المملكة العربية السعودية، ممثلة في اللجنة الوطنية السعودية للتربية والثقافة والعلوم.
وتم عقد الدورة الـ(44)، برئاسة دولة فلسطين ممثلة بأمين عام اللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم د. دوّاس دوّاس بصفته رئيس المجلس التنفيذي لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة “الإيسيسكو”،
وجاء ذلك بمشاركة د. محمد أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي في جمهورية مصر العربية رئيس المؤتمر العام “للإيسيسكو”، ووزير التربية والتعليم في الجمهورية العربية السورية، ود. سالم بن محمد المالك المدير العام للمنظمة، وممثلي الدول الأعضاء من رؤساء الوفود ووزراء وسفراء من دول العالم الإسلامي، ومسؤولين وممثلين عن منظمات وهيئات إقليمية ودولية.
ووافق المجلس التنفيذي “للإيسسيكو” على مقترح المدير العام “للإيسيسكو” الدكتور سالم بن محمد المالك بإنشاء مكتب للمنظمة بدولة فلسطين، في إطار موقفها الصلب لدعم الشعب الفلسطيني في مجالات التربية والثقافة والعلوم، وذلك في ضوء ما تتعرض له فلسطين من تحديات في هذه القطاعات، فيما عبرت دول العالم الإسلامي في كلماتها عن دعمها لفلسطين والشعب الفلسطيني ونضاله، وأهمية دعم القطاعات التربوية والثقافية والعلمية بفلسطين، وكان المجلس التنفيذي قد أدرج بند الأوضاع التربوية والثقافية والعلمية في فلسطين كبند على جدول الأعمال والذي تقدمت به دولة فلسطين من خلال اللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم.
وقدم دوّاس خلال مشاركته تقريرا حول الأوضاع التربوية والثقافية والعلمية في فلسطين والقدس حول الانتهاكات بحق القطاعات التربوية والثقافية والعلمية منذ بدء العدوان بتاريخ 7 أكتوبر ولغاية 31 من ديسمبر 2023، ونقل خلال أعمال الدورة، تحيات الشعب الفلسطيني الذي يؤكد اعتزازه بدول عالمنا الإسلامي، التي ما انفكت تؤكد على مركزية القضية الفلسطينية وأهمية القدس الشريف للعالم الإسلامي أجمع، وقال: “نأمل أن نكون دائماً على قدر الثقة والمسؤولية في الدفاع عن المقدسات الإسلامية والمسيحية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، معتزّين بكوننا جزءاً أصيلاً من هذه المنظمة الموقرة لنساهم معاً بالنهوض بعالمنا الإسلامي في مجالات التربية والثقافة والعلوم .”
وأشار دوّاس إلى ما تعانيه دول عالمنا الإسلامي اليوم من تحديات على مختلف الصعد، بما في ذلك في مجالات التربوية والثقافية والعلمية، التي تخطو في العالم خطوات متسارعة نحو مقاربات جديدة ومتطورة ومتحركة علينا جميعا أن نسعى نحو مواكبة وتوطين واستقطاب أفضل الممارسات العالمية للنهوض بقطاعات التربية والثقافة والعلوم في دولنا، ومنظمتنا توفر منبراً حقيقياً لتبادل الخبرات والممارسات ووجهات النظر بما يعزز فهمنا للأخر وفهم الأخر بنا بغية تحقيق توافق ومسارات تعكس عمق تاريخنا وتجربتنا ومنجازاتنا الحضارية الثرية لتنعكس على تناولنا للمسائل التربوية والثقافية والعلمية سواء في دولنا أو من خلال التفاعل بغية تحقيق تغيير حقيقي وترجمة التزاماتنا إلى أفعال مؤثرة.
وأضاف دوّاس: “تعقد دورتنا هذه في ظل ظروف استثنائية تتعرض لها الأراضي الفلسطينية تحديداً الحرب على قطاع غزة، حيث ينتهج الاحتلال الإسرائيلي منذ احتلاله لأرض فلسطين، سياسة تربوية وثقافية، تهدف إلى تشويه وتهويد التراث الحضاري الفلسطيني العربي، والقضاء تدريجياً على مقومات المجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وجعل الفلسطينيين في الأراضي المحتلة يعيشون عزلة حضارية.”، مشيرا إلى انه ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي الهمجي على قطاع غزة، في السابع من أكتوبر 2023، ووسط دعوات علنية للإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني وتحويل غزة إلى جزيرة مهجـورة، ودعوة لإلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة، ألقت الطائرات الحربية الإسرائيلية أطنانا من المتفجرات على غزة. وأغلقت جميع مخارجها، وقطعت الغذاء والماء والوقود والغاز والكهرباء عن السكان المدنيين. وراح ضحية العدوان أكثر من24300 شهيداً وأكثر من 61200 مصاباً، أكثرهم أطفالا ونساء، واستهداف القطاعات التربوية والثقافية والعلمية سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية والقدس بفعل اعتداءات الاحتلال وقطعان المستوطنين، آملين أن تكون مخرجات هذه الدورة لمجلسنا التنفيذي بشأن فلسطين والقدس قادرة على مواجهة التحديات وطموحات الشعب الفلسطيني، ونحن على ثقة بأن “الإيسيسكو” ستكون بمستوى المسؤولية تجاه القدس وفلسطين وشعبها المحتل كما دول العالم الإسلامي ايضاً.
وأشاد سفير دولة فلسطين لدى المملكة المغربية جمال الشوبكي خلال أعمال الدورة، بجهود وأنشطة منظمة “الإيسيسكو” في مجالات التربية والعلوم والثقافة، ونهج المنظمة المعتمَد لمساعدة الدول الأعضاء على تقليص الفجوات في مجالات العلوم والتكنولوجيا، ودعا الشوبكي إلى إيلاء البرامج والأنشطة الثقافية الموجهة نحو مدينة القدس من قبل المنظمة والدول الأعضاء للأولوية والاهتمام باعتبار “الإيسيسكو” انبثاقا عن منظمة التعاون الإسلامي التي أنشئت من أجل القدس.
ومن جهته، عبر المجلس عن إدانته للعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وما تقوم به آلة الحرب الإسرائيلية من دمار وقتل وتهجير بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والقدس وعموم الأراضي الفلسطينية، ومواصلة الاحتلال قصف وتدمير المدارس والجامعات والمستشفيات والمعالم التاريخية والمؤسسات الثقافية الفلسطينية في استهداف واضح لتدمير البنية التعليمية والثقافية التحتية في فلسطين، إضافة إلى استهداف الأطفال والطلبة والأكاديميين والكتّاب والصحفيين والمثقفين والفنانين، باعتبار ذلك جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني ويدعو المجلس المنظمات والمؤسسات الدولية والحقوقية والمختصة إلى اتّخاذ الإجراءات اللازمة لوقف العدوان ومحاسبة الاحتلال على جرائمه المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني لا سيّما في المجالات التربوية والثقافية والعلمية، ويؤكد المجلس التنفيذي على دعمه لنضال الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة بالحرية والاستقلال.
كما دعا المجلس الإدارة العامة للمنظمة إلى مواصلة العمل على حماية المقدرات الثقافية والحقوق التعليمية في فلسطين بشكل عام، والقدس الشريف بشكل خاص، وذلك لما تعانيه هذه القطاعات من محاولات طمس وتهويد واعتداء من الاحتلال الإسرائيلي، ودعا أيضا الإدارة العامة والدول الأعضاء إلى تسريع وتكثيف تسجيل المواقع التراثية والعناصر التراثية غير المادية الفلسطينية على لائحة التراث في العالم الإسلامي، والعمل على الحفاظ على التراث الثقافي الفلسطيني بشتى أشكاله، من خلال تقديم كافة الإمكانات المتاحة للجمعيات والمؤسسات المهتمة بتوثيق الرواية والتراث الثقافي، بهدف الحفاظ عليه وحمايته من التهويد والطمس، وإلى دعم جهود دولة فلسطين الرامية لإدراج عناصر التراث المادي وغير المادي الفلسطينية على لوائح اليونسكو للتراث العالمي.
ورحب المجلس التنفيذي بتوجه الإدارة العامة إلى افتتاح مكتب للإيسيسكو في فلسطين وذلك للاطلاع بدورها في حماية المقدرات الثقافية والتربوية والعلمية الفلسطينية في مدينة القدس وفلسطين في ضوء ما تتعرض له من مخاطر وتحديات وذلك بالتنسيق مع اللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم وجهات الاختصاص في دولة فلسطين، داعيا الإدارة العامة لإعادة تكييف البرامج والمشاريع المقدمة لدولة فلسطين لتتلاءم مع الاحتياجات الطارئة والأولويات الوطنية للقطاعات التربوية والثقافية والعلمية الفلسطينية في ضوء الوضع الراهن، وذلك بالتنسيق مع اللجنة الوطنية الفلسطينية، ودعا الإدارة العامة والدول الأعضاء إلى توفير برنامج دعم طارئ للطلبة الفلسطينيين الدارسين في الدول الأعضاء، ودعوة وزارات ومؤسسات التعليم العالي في الدول الأعضاء إلى تقديم مساعدة طارئة من خلال إعفاء الطلبة الفلسطينيين المقيمين لديهم من الرسوم الدراسية في ظل العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني والحصار المالي المفروض على مؤسسات دولة فلسطين ، وذلك لتمكين الطلبة الفلسطينيين من استكمال ومواصلة تحصيلهم العلمي.
وفي ذات السياق حثّ المجلس التنفيذي الجامعات ومؤسسات البحث العلمي لتكثيف برامج التوأمة والتعاون والتبادل الأكاديمي والعلمي والشراكات البحثية، مع الجامعات ومؤسسات البحث العلمي في فلسطين، لكسر الحصار الأكاديمي المفروض من قبل الاحتلال على مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي في فلسطين.
فيما ناقشت الدورة الـ44 مجموعة من المحاور الخاصة بعمل المنظمة وعلى رأسها التقرير التنفيذي عن أنشطة المنظمة للعام 2023، ومشروع خطة عمل المنظمة والموازنة لعامي 20242025، ورحلة الإيسيسكو مع الأيزو، بالإضافة للتقارير المالية وتقرير مساهمات الدول الأعضاء في موازنة المنظمة للسنة المالية 2022، وتقرير عن التقدم المحرز في إعداد ميثاق الذكاء الاصطناعي في العالم الإسلامي، وغيرها من الشؤون المتعلقة بمكان انعقاد الدورة القادمة، وتسليم جائزة “الإيسيسكو” في مجال محو أمية الفتيات والنساء، للفائزين بنسخة 2023، لفائدة منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية في المجال.