د. عبد الرحيم جاموس
أمد/ فلسطين التي ترزح تحت احتلال غربي صهيوني غاشم منذ ما يزيد على قرن كامل وهي تقاتل وتصارع من أجل إنهاء الإحتلال ونيل حريتها واستقلالها، آن لها أن تنصف وأن يتوقف هذا العدوان الذي تتعرض إليه، دون أن يجد من يردعه ويعيده إلى صوابه، لم يبدأ فقط منذ السابع من أكتوبر الماضي وإنما منذ السادس من ديسمبر من عام 1917 م، حين احتلت القوات البريطانية الغازية فلسطين وانهت الحكم العثماني الذي كان سائدا عليها لقرون خلت .. فقد نظمت بريطانيا الهجرة اليهودية غير الشرعية إلى فلسطين ومكنت اليهود من تنظيم أنفسهم في عصابات ارهابية للسطو على فلسطين وعلى الفلسطينيين وهذا ما حدث في العام 1948 م، حيث أعلنت بريطانيا إنهاء استعمارها واحتلالها لفلسطين في 15/5/1948 م في نفس اللحظة أعلنت العصابات الإرهابية اليهودية قيام كيانها المزعوم على معظم الأراضي الفلسطينية ما تساوي نسبته 78% من الأراض الفلسطينية، وقامت بتدمير أكثر من 550 قرية ومدينه فلسطينية وتهجير سكانها وتحويلهم إلى لاجئين فيما تبقى من أراض فلسطينية في الضفة وفي قطاع غزة ودول الجوار مثل الأردن ولبنان وسوريا ودول أخرى، الذين يربو عددهم اليوم على سبعة مليون لاجئ فلسطيني، ومن ثم وفي العام 1967 م أكمل الكيان الإسرائيلي المزعوم إحتلاله للأراضي الفلسطينية في الضفة وقطاع غزة، ليسوم الفلسطينيين أصناف شتى من التنكيل من قتل واعتقال وتهجير ومصادرة للأراضي والممتلكات …الخ. لم يتوقف الشعب الفلسطيني عن الكفاح والمقاومة والنضال والقتال من أجل استرداد حقوقه الطبيعية في وطنه وفي مقدمتها حقه في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة .. لكن التحالف الغربي الإستعماري شكل مظلة قانونية وسياسية وامنية وعسكرية داعمة وحامية للكيان الصهيوني ومثل مانعا وجدار صلدا أمام تطلعات الشعب الفلسطيني في العودة والحرية والإستقلال .. فالصراع لم يبدأ منذ السابع من أكتوبر الماضي 2023 م، إنما هذا التاريخ يمثل أخطر حلقة بشعة جديد في مسلسل العدوان الغاشم يستهدف كسر مقاومة الشعب الفلسطيني وكسر ارادته … وتحطيم أحلامه واهدافه ودفعه إلى الهجرة خارج الجغرافيا الفلسطينية … فيرتكب الإسرائيلي ابشع المجازر التي ترتقي بكل وضوح إلى مستوى الإبادة البشرية كاملة الأركان من الناحيتين الشكلية والموضوعية، مخلفة عشرات الآلاف من القتلى والجرحى ومئات الآلاف من المشردين وتدمير هائل لكافة المؤسسات والمنازل والمستشفيات ودور العبادة والمدارس والجامعات والأسواق والمزارع والمصانع، وقطع وتدمير كل سبل ومقومات الحياة من ماء وكهرباء وطاقة وغذاء ودواء في قطاع غزة لمليونين وثلاث مائة ألف إنسان يعيشون في قطاع غزة في أسوأ الظروف الحياتية، قطاع غزة الضيق الذي لا تزيد مساحته عن 365 كم مربع، تمثل فيه أعلى كثافة بشرية على سطح الأرض، وقد مضى أكثر من مئة وعشرة أيام على بدء هذه الحرب الإجرامية والإرهابية والعدوانية على قطاع غزة وما زالت فصولها تتوالى دون بوادر لوقوفها وانهائها ودون رادع يردعه، لما توفره له القوى الإستعمارية الغربية وفي طليعتها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا من دعم عسكري وغطاء سياسي وقانوني بما يخالف كافة القوانين والشرائع المحلية والدولية، فهي شريكة في هذا العدوان وفي هذه الإبادة البشرية التي يتعرض لها سكان قطاع غزة الفلسطيني. ان وقف هذا العدوان وهذه الإبادة الجماعية هو بيد الولايات المتحدة وبقية القوى الإستعمارية الغربية الشريكة مع الكيان الصهيوني في حربه وجرائمه من احتلال واغتصاب فلسطين إلى الآن فلم تكف عن دعمه وتزويده بالسلاح والعتاد والمال وتوفر له شبكة الأمان السياسية والقانونية، وبدونها لا يستطيع الكيان مواصلة عدوانه السافر على قطاع غزة وعلى فلسطين اليوم. لقد سقط القانون الدولي وسقطت قرارات الشرعية الدولية بشأن فلسطين تحت جنازير الدبابات والجرافات الإسرائيلية وتحت قصف الطائرات والصواريخ الأمريكية، كما سقطت في لغة المسؤولين الأمريكان والغربيين عامة المزدوجة والتي لا ترى ولا تنظر إلا بعين حولاء في التعاطي مع واقع العدوان ونتائجه مؤكدة شراكتها الفعلية فيه ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه .. لابد من وقف هذا العدوان ووقف إطلاق النار فورا دون تأخير وتسويف لإنقاذ حياة سكان قطاع غزة من القتل والمرض والجوع، واعادة كافة مقومات الحياة لقطاع غزة من غذاء ودواء وايواء حتى يعاد بناؤه من جديد وضمان عدم تكرار هذا العدوان من خلال البدء فورا بمسار سياسي يؤدي إلى إنهاء الإحتلال الغاشم وتوابعه وقيام دولة فلسطينية مستقلة وفق قرارات الشرعية الدولية وفي مقدمتها القرار 181 لسنة 1947م، تضمن للشعب الفلسطيني وحدته وأمنه واستقلاله وسلامته ومستقبله. لن يباد الشعب الفلسطيني رغم كل هذه الجرائم ولن يهجر وطنه ولن تكسر ارادته وسيستمر في الصمود والمقاومة حتى يرضخ العدو الصهيوني وحلفائه المعلنين والمستترين لمطالبه المشروعة في الحياة الكريمة في وطنه وحقوقه غير القابلة للتصرف وفي مقدمتها كنس وإنهاء الإحتلال للأراضي الفلسطينية وعودة اللاجئين الفلسطينيين وفق القرار 194 لعام 1948 م وحق تقرير المصير وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.