أمد/
تل أبيب: يتهرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من تحقيق تطلعات أهالي الرهائن المحتجزين لدى حماس في غزة، ويختلق في كل لقاء معهم، حججاً واهية وأكاذيب باتت تنفد حسب قول صحيفة “هآرتس” العبرية.
ويقول الكاتب في “هآرتس” أنشيل فيفر، إن نتنياهو بدأ بفقدان السيطرة بسبب إمعانه في الكذب، ويتجلى ذلك في آخر لقاء له مع أهالي الرهائن، حين قال لهم، “لا يوجد أي اقتراح جدي من حماس للإفراج عنهم”، متهماً الحركة التي احتجزت عشرات الإسرائيليين في هجوم 7 أكتوبر (تشرين الاول) الماضي، بالخداع، ومع ذلك فقد ينجح في الإفلات من مطالبات أهالي الرهائن باللجوء إلى الكذب في كل مرة، لكن ومع انتشار تسريبات حول مقترح جدي من السلطات المصرية حول التوسط في صفقة تبادل جديدة بين إسرائيل وحماس، ووقف دائم لإطلاق النار في غزة، يبدو رئيس الوزراء الإسرائيلي في موضع حرج يصعّب عليه التهرب هذه المرة، فمصر ليست حماس.
ويزداد قلق نتنياهو، إذ لا مفر من ضغط شركائه في مجلس الحرب، بيني غانتس وغادي آيزنكوت، اللذان يؤيدان مطالب أهالي الرهائن، ويفضلان صفقة مشابهة للمقترح المصري.
“حتى على أمريكا”
ولا يتوقف كذب نتنياهو حتى على الولايات المتحدة، أبرز حلفاء إسرائيل، فهو مستمر في التهرب من ضغوطات بايدن، وفي محادثتهما الهاتفية الأخيرة يوم الجمعة الماضي، أعطى نتانياهو لبايدن انطباعاً إيجابياً بقبوله شكلاً معيناً لدولة فلسطينية منزوعة السلاح، مبدياً استعداده للنظر في المقترح الأمريكي لليوم التالي في غزة.
وفور انتهاء المكالمة، سارع الأمريكيون إلى تسريب تفاصيلها، لتجنيب نتنياهو عناء الكذب والتهرب من أقواله أمام بايدن، لكنّه عاد يوم السبت إلى عادته المعهودة، وكتب على منصة إكس، “لن أتنازل عن فرض إسرائيل سيطرتها الأمنية المطلقة على الضفة الغربية وغزة”.
مخاوف من خسارة الأغلبية
وعن السبب الرئيسي والأهم، الذي يدفع نتنياهو للكذب والخداع في كل مرة، يقول فيفير، إن رئيس وزراء إسرائيل، لا يبدي تخوفاً من الضغوطات المصرية أو الأمريكية، أو حتى علو صوت أهالي الرهائن بقدر تخوفه من خسارة الأغلبية في الكنيست، التي استطاع تأمينها بشق الأنفس ليعود إلى كرسي القيادة، بعد 18 شهراً أمضاها في صفوف المعارضة محبطاً حتى نجاحه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، بكسب تأييد 64 عضواً في الكنيست، بدعم رئيسي من حزب الصهيونية الدينية بقيادة وزير المالية الحالي بتسلئيل سموتريتش، “والقوة اليهودية” بقيادة بن غفير، وسيخوض أي مغامرة لتجنب خسارة دعم حليفيه الرئيسيين اللذين يعارضان وقف الحرب على غزة وعودة السلطة الفلسطينية إليها، ويهددان بالانسحاب من الحكومة إن جرى ذلك.
ويقول الكاتب، لدى كل من سموتريتش وبن غفير استراتيجية واضحة للانتخابات المقبلة، فهما من دعيا إلى شن حملة عسكرية شاملة على غزة وإلى إعادة احتلالها، والاستيطان فيها، ولا يريد نتانياهو بدوره أن يمنح أياً منهما الفرصة لتقويض حكومته من خلال الاستمرار بدعم تطلعاتهم، فبدونهم، سيكون تحت رحمة بيني غانتس وغادي آيزنكوت، الراغبان في استبداله في أقرب وقت ممكن.
ويؤكد الكاتب في ختام مقاله، في ظل كل تلك الضغوطات، قد لا يقدر نتانياهو على الاستمرار في الكذب إلى ما لا نهاية، فعلى مدى أكثر من 3 أشهر، حاول تجنب إجراء مناقشة جدية في مجلس الوزراء حول استراتيجية “اليوم التالي” في غزة،
وفي الأسابيع الأخيرة استخدم نفس الأساليب للمماطلة في الوصول إلى اتفاق حول مصير الرهائن في غزة، لكن ستصل الأمور إلى ذروتها قريباً، في ظل مطالبات غانتس وآيزنكوت بإجابات واضحة، وعندما لا يحصلون على واحدة، أو إذا كانت سلبية، فمن المؤكد أنهم سيغادرون حكومة الحرب، ويدعون إلى إجراء انتخابات مبكرة، وسيظل نتانياهو حينها محتفظاً بائتلافه الأصلي المكون من 64 مقعداً في الكنيست، لكن مع رحيل حكومة الحرب، فمن المرجح أن تؤيد الأغلبية في حزب الليكود الحاكم حل الكنيست.