وسام زغبر
أمد/ كشف تحقيق صحفي لقناة CNN الأميركية والذي رافق أحد صحفييها جيش الاحتلال الإسرائيلي في حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في قطاع غزة، كشف النقاب أن قوات الاحتلال جرفت 16 مقبرة في قطاع غزة ونبشت قبور شهداء فلسطينيين خلال مئة يوم من العدوان الإسرائيلي المتواصل لأكثر من 110 يوماً.
ولم تنكر قوات الاحتلال ذلك بل تباهت أن العدد أكبر من ذلك، حيث أن الشواهد والصور تظهر ذلك في مقبرة الفالوجا بمخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة، أثناء اجتياح تلك القوات الغازية المخيم ومحاصرته قامت بتجريف أجزاء من مقبرة المخيم وتدمير شواهد القبور.
ويُعد نبش قوات الاحتلال الإسرائيلي للقبور الفلسطينية في قطاع غزة وتجريف عدد منها وإخراج رفات الأموات، انتهاك صارخ لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وامتهان لكرامة الانسان، ويُعد أيضاً مخالفة صريحة لكل القيم والأخلاق.
حيث شهدت مؤخراً في المئة يوم الأولى من حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة، تدمير جيش الاحتلال الإسرائيلي ونبش قبور وإخراج جثامين شهداء قتلوا خلال معركة طوفان الأقصى وسرقتها وأيضاً أموات قتلوا في أوقات سابقة في عشرات المقابر في قطاع غزة، ومنها على سبيل المثال مقبرة في مدينة خانيونس جنوبي القطاع، وأخرى في مخيم جباليا شمالي القطاع.
ووفق الوثائق والتحقيقات الصحفية التي وثقت هذه الجريمة البشعة في استهداف الأموات ونبش قبورهم وسرقة رفاتهم في امتهان لكرامة البشر، والتي شكلت تلك التحقيقات والوثائق أساساً تم البناء عليه في الدعوى المقدمة من دولة جنوب أفريقيا لمحكمة العدل الدولية والتي تؤكد أن إسرائيل الدولة القائمة بالاحتلال ارتكبت جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة.
لذلك على المحكمة الجنائية الدولية والمدعي العام كريم خان، ولجان التحقيق الأممية، القدوم إلى قطاع غزة فوراً والاطلاع على جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي المرتكبة في قطاع غزة وفتح تحقيق فوري في تلك الجرائم وعدم الخضوع للقيود الإسرائيلية.
ووفق مراقبين، فإن جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في فلسطين ولا سيما في قطاع غزة تجاوزت جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبت في دولة جنوب أفريقيا.
وأوضح المراقبون أن جرائم الإبادة الجماعية لم تقتصر على المدنيين الأحياء بل طالت الموتى ورفاتهم، مشيرين إلى أن تلك الجريمة هي محاولة إسرائيلية بائسة لسرقة تلك الجثامين بغية استخدامها في أية صفقة تفاوضية قادمة لمبادلاتهم مع أسرى اسرائيليين، وربما أيضاً البحث عن جثامين أسراها المأسورين لدى المقاومة الفلسطينية في غزة بعد فشلها من الوصول إليهم.
إن احتجاز دولة الاحتلال الإسرائيلي لجثامين شهداء فلسطينيين وسرقة أعضائهم ونبش قبور وإخراج رفات الشهداء الفلسطينيين لم يكن وليد اللحظة، بل منذ احتلالها لفلسطين في عام النكبة الفلسطينية 1948 وهي تمارس تلك الجريمة وزادت حدتها مع احتلالها للضفة الغربية والقدس وقطاع غزة بعد نكسة حزيران عام 1967 مع تزايد عمليات المقاومة الفلسطينية في قلب المدن والمستوطنات الاسرائيلية المقامة على أراضي وممتلكات المواطنين الفلسطينيين، وأيضاً لعدد من الشهداء الأسرى في سجون الاحتلال وأقدمهم الأسير أنيس دولة منذ العام 1980، حيث تواصل دولة الاحتلال احتجاز نحو 300 جثمان في مقابر الأرقام وثلاجات الموتى.
على المجتمع الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي إدانة ووقف هذا السلوك الهمجي واللا أخلاقي الذي يشكل انتهاكاً لكل المواثيق والأعراف الدولية، وتحدياً واضحاً للقانون الدولي الإنساني ولمبادئ حقوق الإنسان، ما يتطلب فرض عقوبات على إسرائيل وعزلها والتعامل معها أنها دولة مارقة ومحاكمة قادتها وجنودها على ارتكابهم جرائم إبادة.
إن القانون الدولي الإنساني والاتفاقات الدولية التي تعنى بحقوق الإنسان أصبح على المحك مع استمرار قوات الاحتلال الإسرائيلي في ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والترانسفير بحق الفلسطينيين في قطاع غزة لنحو 4 أشهر على التوالي، نتيجة الدعم الدولي ولا سيما من الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا وكندا لإسرائيل والتعامل معها على أنها دولة فوق القانون الدولي، واستمرار ازدواجية المعايير وسياسة الصمت الدولية إزاء تلك الجرائم.
حيث تتجه الأنظار نحو محكمة العدل الدولية في لاهاي يوم الجمعة 26 كانون الثاني (يناير) بانتظار قرارها بإعلان نتائج التحقيق الأولية بعد المداولات في قضية انتهاك دولة الاحتلال الإسرائيلي اتفاقية منع الإبادة الجماعية في حربها ضد قطاع غزة، علماً أن القرار النهائي بشأن تهمة الإبادة الجماعية قد يستغرق صدوره سنوات. ومن المتوقع أن تصدر المحكمة الدولية قراراً يأمر إسرائيل التي تقود حربها البربرية بوقف عدوانها وجرائمها في قطاع غزة بشكل فوري ، وفي حال إقدام الولايات المتحدة الأميركية على رفع البطاقة الحمراء في مجلس الأمن الدولي في وجه قرار المحكمة يجعل العدالة الدولية والضمير الإنساني الدولي على حافة الانهيار.