أمد/ واشنطن: منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة، كلّف الرئيس الأميركي، جو بايدن، عددا من المسؤولين بإدارة ملفات مختلفة متعلقة بالصراع، مع تصاعد التوترات في منطقة الشرق الأوسط.
وسلطت صحيفة “هآرتس” العبرية في تقرير لها، الضوء على ما وصفته بـ “الدائرة الداخلية” للرئيس بايدن، التي تتولى ملف الحرب، بما في ذلك المشاركين في مفاوضات الرهائن، والمسؤولين عن منع اتساع الصراع إلى لبنان والشرق الأوسط، علاوة على الذين تولوا ملف المساعدات الإنسانية في غزة.
وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، بمثابة المقياس العام لاستجابة الإدارة للأزمة، من خلال جولاته الدبلوماسية المكوكية بعد الحرب، وتصريحاته التي تعكس وجهة نظر واشنطن على الأرض، وفقا للصحيفة الإسرائيلية.
وبحسب “هآرتس”، فإن تصريحاته كانت تشير بشكل ثابت إلى مزيد من القلق بشأن الأزمة الإنسانية في غزة، وفشل إسرائيل في الحد من الخسائر بصفوف المدنيين.
“اللاءات الخمس”
وكثيرا ما يُستشهد بالتعليقات التي أدلى بها بلينكن في طوكيو يوم الثامن من نوفمبر، التي تناول فيها بالتفصيل ما سمي بـ “اللاءات الخمس”، باعتبارها عرضا للمبادئ الأميركية بشأن حرب غزة ومستقبل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وقال بلينكن، آنذاك، في تصريحاته الشهيرة: “لا للتهجير القسري من غزة، لا لاستخدام غزة كمنصة للإرهاب، لا لإعادة احتلال غزة بعد انتهاء الصراع، لا لحصار غزة، ولا لتقليص أراضي غزة”.
ويعد مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، وخاصة من خلال نائبه، جون فاينر، وكبير مستشاري الشرق الأوسط، بريت ماكغورك، “أقرب الأصوات إلى أذن بايدن في جميع شؤون السياسة الخارجية”، بحسب الصحيفة.
ووفق الصحيفة، فإن هؤلاء كانوا “من بين أقوى المدافعين عن إعادة ترتيب أولويات التكامل الإقليمي لإسرائيل قبل السابع من أكتوبر، إلى أن أدى هجوم حماس إلى قلب هذا النهج رأسا على عقب”.
ومنذ ذلك الحين، كثفوا جهودهم علنا وفي السر لتحفيز التطبيع الإسرائيلي السعودي، كمسار نحو حل الدولتين.
وبرزت نائب الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، خلال الأشهر القليلة الماضية، فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، حيث دعت في اتصالات متكررة مع الرئيس الإسرائيلي، اسحق هرتسوغ، وفي خطاب مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمناخ “كوب 28” في ديسمبر، إسرائيل إلى بذل المزيد من الجهد لحماية المدنيين.
وفي الوقت نفسه، كان زوجها دوغ إيمهوف (أول زوج يهودي لرئيس أو نائب رئيس أميركي) بمثابة “وجه الإدارة لمكافحة معاداة السامية المحلية المتزايدة الناجمة عن الحرب”، حسب الصحيفة.
كما تلعب سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، دورا على الساحة العالمية. وتحت قيادتها، كانت أميركا العضو الوحيد في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي استخدم حق النقض ضد قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار بغزة.
وأشرفت كذلك على المفاوضات الرامية إلى إحداث تغيير كبير في صياغة قرار نادر لمجلس الأمن، يهدف إلى زيادة المساعدات لقطاع غزة.
وداخل إسرائيل، عمل سفير الولايات المتحدة، جاك ليو، الذي تم تعيينه سريعا في غضون أسابيع بعد الحرب، كمحاور رئيسي على الأرض بين الحكومتين الأميركية والإسرائيلية.
وبينما يشارك ماكغورك بشكل أساسي في كل مسألة تتعلق بالصراع، فإنه يركز بشكل متزايد على جهود التفاوض بشأن الرهائن المحتجزين في غزة على وجه التحديد، كمفتاح لإنهاء الحرب والانتقال إلى التطبيع مع السعودية وجهود حل الدولتين، حسب “هآرتس”.
وبعيدا عن ماكغورك، تولى رئيس وكالة الاستخبارات المركزية، ويليام بيرنز، قيادة مفاوضات بشأن الرهائن.
وساعدت دبلوماسيته المكوكية مع مصر وقطر، بالإضافة إلى اتصالاته مع رئيس الموساد، ديفيد بارنيا، بشكل ملحوظ في تسهيل الهدنة الإنسانية المؤقتة في نوفمبر، وإطلاق سراح جزء من الرهائن.
ويدعم جهود بيرنز، روجر كارستينز، الذي يعمل في وزارة الخارجية كمبعوث رئاسي خاص لشؤون الرهائن، ونائبه ستيفن جيلين، الذي سافر إلى إسرائيل إلى جانب بلينكن مباشرة بعد 7 أكتوبر، وبقي هناك للعمل مع عائلات الرهائن.
وكان وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، على اتصال مستمر مع نظيره الإسرائيلي، يوآف غالانت، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتزل هاليفي، حيث تلقى تحديثات تكتيكية حول العمليات العسكرية الإسرائيلية، وقدم تجاربه ودروسه الخاصة حول حرب المدن.
كما ركز على تعزيز الموقف العسكري الأميركي في الشرق الأوسط، كرادع محتمل ضد إيران ووكلائها الإقليميين.
المساعدات الإنسانية
وكان قائد القيادة المركزية الأميركية، مايكل كوريلا، مسؤولا عن الاتصالات العسكرية المباشرة مع إسرائيل، وقد اكتسبت القيادة المعروفة باسم “سنتكوم” اهتماما كبيرا وسط هجمات الحوثيين على سفن الشحن الدولي في البحر الأحمر، والضربات الأميركية اللاحقة على الحوثيين في اليمن.
كذلك، تم تكليف كبير مستشاري الولايات المتحدة لأمن الطاقة العالمي، عاموس هوكشتاين، بالعمل مع لبنان، الذي اقترب من الغليان في الأسابيع الأخيرة وسط تفاقم الاشتباكات بين إسرائيل وحزب الله، واغتيال مسؤول كبير في حماس ببيروت.
وبينما لم يعيّن بايدن مبعوثا خاصا للإشراف على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فقد عيّن ديفيد ساترفيلد مبعوثا للأزمة الإنسانية في غزة، بعد أيام من الحرب.
وعمل ساترفيلد مع الحكومة الإسرائيلية اليمينية، لتوسيع المساعدات الإنسانية التي تدخل غزة.. والحاجة إلى آليات جديدة لمنع الاشتباك.
وفي سياق متصل، لعبت مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، سامانثا باور، دورا مهما من واشنطن، في تنسيق الجهود الأميركية لتقديم المساعدة الإنسانية للفلسطينيين.
وسافرت باور إلى مصر وأشرفت على تسليم أكثر من 220 ألف كيلوغرام من المساعدات الغذائية، وعشرات الملايين من الدولارات كمساعدات تكميلية، بما في ذلك إنشاء مستشفى ميداني، وتوسيع المساعدات لتشمل السلع التجارية.
وفي الوقت ذاته، يعمل كبار المسؤولين في وزارة الخارجية إلى حد كبير على الحفاظ على العلاقات مع السلطة الفلسطينية، التي أصبح دورها الحالي والمستقبلي كهيئة حاكمة للفلسطينيين، نقطة خلاف بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
وقام المبعوث الأميركي الخاص للشؤون الفلسطينية، هادي عمرو، بزيارة رام الله في وقت سابق من هذا الشهر، للقاء رئيس وزراء السلطة الفلسطينية، محمد اشتية، الذي شدد على الحاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار، وعلى الضغوط المالية المستمرة التي تواجهها السلطة الفلسطينية بسبب عائدات الضرائب المحتجزة لدى إسرائيل.
ولعب أيضا مسؤولون كبار آخرون في وزارة الخارجية الأميركية أدوارا في التواصل مع المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين والأردنيين، ومن بينهم النائب الرئيسي لمساعد وزير الخارجية، هنري ووستر، وكبيرة الدبلوماسيين في الشرق الأوسط باربرا ليف، والمستشار ديريك شوليت، والمنسق الأمني مايكل فينزل، ونائب مساعد وزير الخارجية للشؤون الإسرائيلية الفلسطينية، أندرو ميلر.
ومن بين أولئك الذين يلعبون أدوارا قيادية داخل الحكومة الأميركية في التخطيط لحكم غزة بعد الحرب، اثنان من كبار مستشاري هاريس، هما فيل غوردون وإيلان غولدنبرغ.