مصطفى محمود
أمد/ بينما يجلس جميع سكان العالم في بيوتهم بأمان، يظل سكان عزة يعانون يوميا من آثار الحرب التي دمرت كل ما في القطاع وحولته إلى ركام لا يمكن العيش فيه، كما حولت الحياة إلى جحيم وقطعة نار تكوي أبناء فلسطين.
تلك الحرب اللا إنسانية التي دخلت يومها الـ 115 حتى الآن، فنتابع على شاشات التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي مئات الضحايا الذين يسقطون شهداء في مجازر إسرائيلية يومية دون رحمة أو شفقة بأهالي القطاع الذي لم يهدأ ولم يعرف راحة البال منذ السابع من أكتوبر (تشرين الثاني) من العام الماضي 2023.
وفي ظل دوامة العنف والقتل اليومية، يأمل مواطنو غزة بأن يتمكنوا هذا العام من الاحتفال بشهر رمضان بسلام ودون حرب، فالناس تريد أن يعيشوا حياتهم دون أن يدفعوا فاتورة صراع لا يد لهم فيه، فبالتأكيد استمرار الحرب سيكون مدمرا للجميع وأول من يدفع الفاتورة هم الأهالي العزل، فيسقط منهم الشهيد والجريح وتختفي الأطفال تحت الأنقاض وتموت بنيران الأحزمة النارية أو الأمراض المعدية.. فمتى يهدأ الوضع في غزة؟
وأكثر ما يدمي القلوب هذه الأيام، هو الهجوم على “الأونروا” في غزة وتعليق الدول الأوروبية دعمها لهذه الوكالة التي تعتبر الغوث والملجأ الوحيد لأهالي غزة ساعات اشتداد الحرب وعدم وجود الطعام أو أي من وسائل تساعد على الحياة أو البقاء.. فبأي حيلة يعيش الأهالي!
خلال الساعات الأخيرة، أعلنت فرنسا، تعليق تمويلها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، التابعة للأمم المتحدة، بعد اتهامات إسرائيلية بتورط موظفين فيها في هجوم السابع من أكتوبر الذي نفذته حركة حماس على الدولة العبرية.
فرنسا شددت على أنها لا تعتزم صرف دفعة جديدة للربع الأول من عام 2024 وستقرر متى يحين وقت الإجراءات التي يجب اتخاذها بالتعاون مع الأمم المتحدة والجهات المانحة الرئيسية، من خلال ضمان مراعاة جميع متطلبات شفافية المساعدات والأمن، ولكن لهذا القرار خطورة كبيرة على أهالي غزة، خاصة وأن باريس دعمت الأونروا بـ 60 مليون يورو خلال عام 2023، وتلك المساعدات تسد الرمق وتساعد على الحياة وسط الحرب، ووقفها يمثل نوعا من التضييق على شعب غزة الذي لا يريد سوى الحياة والسلام والبقاء.
أيضا كانت تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، بشأن انه لن يتم السماح بإعادة بناء البؤر الاستيطانية أو المستوطنات من قبل المستوطنين الإسرائيليين، وأن الجيش سيمنع الإسرائيليين من إعادة توطين قطاع غزة، الأكثر إثارة للجدل في ظل الظروف العصيبة التي يعيشها شعب غزة، فربما ترغب إسرائيل في تهجير الأهالي من أجل بناء مستوطنات جديدة في غزة على الرغم من التبرؤ من ذلك إعلاميا، لكن الواقع يقول ويؤكد ويجزم بعكس ذلك.. فمن يردع تل أبيب عن مخطط الاستيطان على حساب شعب غزة!
الساعات الأخيرة أيضا، شهدت الحديث عن مساع مصرية قطرية، لإبرام صفقة لهدنة إنسانية خلال شهر رمضان، في قطاع غزة، بالتوازي مع الجهود الجارية لإبرام صفقة شاملة، ومن المقرر أن يجري خلال هذه الهدنة إطلاق سراح نحو 30 من المحتجزين الإسرائيليين المدنيين من الأطفال والنساء والمرضى، مقابل إطلاق سراح نحو 100 أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية،كما تشمل الهدنة زيادة في دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
وفي ظل سعي الوسيطان المصري والقطري لتدشين الهدنة الإنسانية المؤقتة المنشودة، لاتفاق أوسع بين حركة حماس وإسرائيل، تواصل إسرائيل رفض كل طرق الهدنة والوساطة من أجل تهدئة الأوضاع.. فهل ترضى بدعوة دولية لحل الدولتين؟