أحمد عبد الوهاب
أمد/ أرقام مُفزعة نسمعها ونراها كل يوم، عبر المواقع والقنوات الإخبارية، عن عدد الشهداء والجرحى، ضحايا العدوان الإسرائيلي الغاشم على جميع أنحاء قطاع غزة، الذي أصبح «مقبرة لسكانه»، فالموت ينتظر الجميع في كل لحظة، برصاص وقصف الاحتلال، أو بالجوع والبرد الشديد، ولا أحد يعرف متى ستنتهي هذه المأساة الإنسانية، التي دفع ثمنها الآلاف من الأبرياء، بلا شفقة ولا رحمة.
ومازال جيش الاحتلال، ينتهك كافة القوانين والأعراف الدولية، ويواصل جرائم الإبادة الجماعية، رغم صدور قرارت محكمة العدل الدولية منذ أيام، والتي طالبت إسرائيل بالتوقف عن جرائم الإبادة، وعدم استخدام العنف المُفرط ضد المدنيين، فلم تبالي حكومة نتنياهو، وتحدت العالم، وأصرت على استمرار القتال بنفس الأسلوب والطريقة العدوانية الغاشمة.
ما يفعله جيش الاحتلال الإسرائيلي، تسبب في اشتعال الصراع في الشرق الأوسط، وزيادة حدة التوترات، وتوسيع نطاق العنف، ليمتد إلى البحر الأحمر، عندما قرر أنصار الحوثي، عدم الصمت أمام جرائم الاحتلال، وقاموا باستهداف السفن المتجهة نحو ميناء إيلات الإسرائيلي، وليس ذلك فحسب، بل استهدفوا جميع السفن العابرة من مضيق باب المندب، كوسيلة للضغط على إسرائيل والغرب، لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
استهداف الحوثيون للسفن، دفع التحالف الأمريكي البريطاني، لتوجيه ضربات عنيفة لليمن، وهو ما زاد الأمر تعقيدًا، وارتفعت حدة الصراع في منطقة الشرق الأوسط، ما يدفع كل من يتابع المشهد، إلى التيقن بوجود تعمد لإشعال المنطقة بالصراعات، من كافة الاتجاهات، الأمر الذي دفع بعض الساسة، إلى التوقع بنشوب الحرب العالمية الثالثة، خصوصا
مع عدم وجود حلول، وتعثر كافة المفاوضات، ورفض المقترحات التي تقدمت بها عدة دول، من بينها مصر، التي تبذل جهودًا كبيرًا، لوقف نزيف دماء الفلسطينيين الأبرياء.
تصريحات الولايات المتحدة الأمريكية، التي طالبت فيها إسرائيل بوقف العنف المُفرط تجاه المدنيين، وإدخال مزيد من المساعدات، ما هي إلا «كلام في الإعلام»، في ظاهره رفض ما يحدث من جيش الاحتلال، أمام الرأي العام العالمي، وفي باطنه إطلاق العنان لجيش العدوان، لقتل المدنيين الأبرياء، بحجة البحث عن عناصر وقادة «حماس»، ورغم حلول الشهر الرابع من اجتياح قطاع غزة، لم يحقق جيش الاحتلال أي أهداف من خطته الشيطانية، سوى سفك دماء المدنيين، وتدمير المنازل والمنشآت في جميع أنحاء غزة.
وكل يوم، يزيد جيش الاحتلال من أعمال العنف والقتل، ويوسع نطاق الاعتقالات، ويؤكد ذلك تصريحات وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، أول أمس الأحد 28 يناير، عندما أعلن عن تمديد تراخيص الأسلحة الموزعة على المستوطنين لـ 6 أشهر إضافية، وهو ما أكدته إحدى الصحف الإسرائيلية، بأن هناك زيادة بنسبة 40% في عدد مالكي الأسلحة ومئات الآلاف من الطلبات الأخرى المعلقة خلال عام 2023، بالإضافة إلى وجود 215,808 حاملًا لترخيص أسلحة خاصة، وذلك بزيادة قدرها 40% عن عام 2022، وبلغت تراخيص الأسلحة خلال عام 2022، 154,837، وذلك بحسب البيانات التي قدمتها وزارة الأمن القومي الإسرائيلي،
ومن بين جميع أصحاب الرخص الخاصة، حصل 12907 إسرائيليين على رخصة سلاح ناري لأول مرة في عام 2022، بينما أضيف في عام 2023 ما لا يقل عن 54984 حاملًا جديدًا للرخصة، بزيادة قدرها 326%
وخلال العام الماضي، دمّرت إسرائيل 1010 مبنى ومنشأة، مما أدى إلى تهجير أكثر من 3326 شخصًا من منازلهم وبلداتهم، ويستخدم الاحتلال الكثير من الحجج لتبرير جرائمها وتحويلها فلسطين إلى جحيم على الأرض، ومنها البناء من دون ترخيص، وهي الحجة الأبرز المستخدمة في المنطقة جيم من الضفة الغربية التي تضم أبرز المناطق الزراعية، والتي تحتل إسرائيل الجزء الأكبر منها وكذلك في القدس الشرقية، وبموجب هذه الذريعة دمرت 806 منزلاً وتسبّبت بتهجير 1098 شخصًا.
ولا يقل عن ذلك أثر عنف عصابات المستوطنين كآلية مستخدمة في التهجير، إذ تسبب في هذا العام بتهجير 1442 شخصًا، ويضاف إلى ذلك العمليات العسكرية التي تسبّبت بتهجير 640 شخصًا، وعمليات تدمير المنازل ذات الخلفية العقابية التي هجرت 146 شخصًا، ومنذ 7 أكتوبر الماضي، تم اعتقال نحو 3000 فلسطيني، ويعد هذا العدد الأكبر المسجّل منذ عقود، وهم يضافون إلى نحو 5000 معتقل في السجون الإسرائيلية قبل الحرب، من ضمنهم 2070 معتقل إداري، وهو التصنيف الذي يطلق على الأسرى الذين يبقون قيد الاعتقال من دون محاكمة، وهو الرقم الأعلى المسجل على الإطلاق، أيضاً استشهد 6 فلسطينيين في الاعتقال لأسباب غير معروفة.
وزادت الحواجز التي تنشرها دولة الاحتلال في مختلف أرجاء الضفّة الغربية إلى 694 حاجزًا، بمعدّل حاجز كل 8 كيلومترات، لا تعيق هذه الحواجز حركة الفلسطينيين فحسب، بل حتّى تمنعهم من زيارة المستشفيات وأماكن العبادة في القدس الشرقية، وتحول دون وصولهم إلى أراضيهم الزراعية.
ولا تقتصر الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة فقط، فأعاد مشهد اغتيال ثلاثة شبان في مدينة جنين، الدور الإجرامي والقتل الممنهج الذي تمارسه القوات الحاصة الإسرائيلية ضد أبناء شعب فلسطين، بعدما نفذ 12 جنديا من أفراد قوة خاصة إسرائيلية، عملية اغتيال لثلاثة شبان بينهم شقيقان، بعد تسللهم إلى الطابق الثالث في مستشفى ابن سينا في مدينة جنين، وتنكر أعضاء وحدة المستعربين بالزي المدني، ولباس الأطباء والممرضين، واغتالت الشبان الثلاثة باستخدام مسدسات كاتمة للصوت.
وتؤكد الأرقام المذكورة، مدى العنف الذي يقوم به جيش الاحتلال في قطاع غزة، واجتياحه خلال الفترة الماضية الضفة الغربية، وقتل عدد كبير من الأبرياء، وشن حملة اعتقالات واسعة، وسيستمر الاحتلال في جرائمه، طالما يجد الدعم المُطلق من الولايات المتحدة، الراعي الرسمي لجيش الاحتلال، وعدم وجود موقف دولي حازم، يمنعه من سفك مزيد من الدماء، فالعالم يعجز عن مواجهة غطرسة أمريكا، وحماقة إسرائيل، بل يصفون من يدافعون عن أراضيهم «بالإرهابين»، والحقيقة أن ما تفعله حكومة نتنياهو، هو قمة الإرهاب والظلم، والسؤال الذي لا يوجد له إجابة حتى هذه اللحظة: متى ستنتهي المأساة في قطاع غزة؟.. وللحديث بقية.