أمد/
رام الله: أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ورقة علمية بعنوان: "قرار محكمة العدل الدولية بين الحياد القانوني والضغط السياسي في معركة طوفان الأقصى"، وهي من إعداد الأستاذ الدكتور وليد عبد الحي، خبير الدراسات المستقبلية.
وبحثت الورقة في سيناريوهات مجريات القضية في المحكمة، حيث رأى د. عبد الحي أن قرار المحكمة الذي صدر في2024/1/26 هو محصِّلة تنازع بين اعتبارين اثنين، هما: الاعتبار السياسي من ناحية، والنزاهة القضائية من ناحية ثانية.
وأشار د. عبد الحي أن الاعتبارات السياسية في أحكام القضاء الدولي تتمثل بانتماء قضاة المحكمة التي أصدرت القرار إلى 15 دولة، ويغلب على هؤلاء القضاة أنهم إما كانوا موظفين في وزارة الخارجية أو وزارة العدل في بلادهم (7 منهم)، أو ممثلين لبلادهم في الأمم المتحدة (3 منهم)، أو أكاديميين وعملوا في هيئات قضائية (5 منهم). وأشار الباحث إلى أن أغلب ترشيحات القضاة تأتي من الدول، وهو ما ينطوي على احتمال التواطؤ بين الدولة ومرشحها.
أما فيما يخص الاعتبار القانوني، فرأى د. وليد عبد الحي أن النزاهة القضائية واحتكام القاضي لضميره يُعدّان شرطاً ضرورياً لتحقيق العدالة في كل مستويات القضاء المحلي أو الدولي. وخلصت الورقة استناداً لنتائج معامل الارتباط الإحصائي بين مواقف الدول ومواقف القضاة إلى أن المعيار السياسي يعلو على النزاهة القضائية لكنه لا يلغيه، وهو ما يجعل القرارات شكلاً من أشكال التكييف القانوني مع الاعتبارات السياسية.
ورأى الباحث أن الاتصالات الأخيرة الأمريكية مع جنوب إفريقيا قبل صدور قرار المحكمة في موضوع الإبادة الجماعية في قطاع غزة قد تكون جزءاً من "الاعتبارات السياسية" في صياغة القرارات، وأن مناقشات الغرف المغلقة ربما كان لها دورها في ذلك إلى الحد الذي جعل بعض فقهاء القانون الدولي يرون صعوبة التغاضي عن الاعتبارات السياسية في قرارات المحكمة.
وفي معرض تحليله لقرار المحكمة، أشار عبد الحي إلى أن الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضدّ "إسرائيل" لها أهمية خاصة من حيث رمزية جنوب إفريقيا في الذهن العالمي، فهي دولة خَبِرَت الاستعمار الاستيطاني وأقسى أشكال العنصرية، كما أسهم المجتمع الدولي في مساندتها للتخلص من ذلك الاستعمار، ناهيك عن أنها تمثل إحدى القوى الإفريقية المهمة، وتختزن النخبة الحاكمة الحالية في جنوب إفريقيا في ذاكرتها السياسية أشكال الدعم الإسرائيلي المختلفة لحكومة الاستعمار الاستيطاني لها.
واعتبر عبد الحي أن القرار وإن لم يتضمن شروطاً واضحة بخصوص وقف إطلاق النار إلا أن قبول الدعوى والإجراءات التي طلبها القرار من "إسرائيل"، وخصوصاً تقديم تقرير عن مدى الالتزام الإسرائيلي بمطالب المحكمة خلال شهر، يمثل جانباً مهماً من قرارات المحكمة.
وتوقعت الورقة أن يدفع التقرير الذي يجب على "إسرائيل" أن تقدمه للمحكمة حكومة نتنياهو إلى خطوتين، في حال قامت بتقديمه، أولهما أن تحاول "إسرائيل" الظهور بمظهر أقل خشونة في عملياتها العسكرية بهدف غواية المحكمة نحو عدم اتخاذ قرارات تتضمن مخالفات جديدة.
أما الخطوة الثانية، فهي أن تعمل على استغلال قرار المحكمة بالإفراج عن المحتجزين، وهو ما يستوجب على المقاومة وجنوب إفريقيا ومن انضم إليهما، إثارة موضوع الأسرى الذين اعتقلتهم "إسرائيل" في غزة خلال الحرب على أقل تقدير، ناهيك عن من كان معتقلاً قبل الحرب.