أمد/ القاهرة: قال د. حسن عصفور، وزير المفاوضات الفلسطينى السابق، في مقابلة صحفية الوطن إن الشعب الفلسطينى يعيش أم النكبات وأخطرها منذ «طوفان الأقصى».
وأضاف عصفور أن المؤامرة علي الفلسطينيين واضحة للجميع، مشيراً إلى أن الاتهامات الإسرائيلية لمصر بتعطيل المساعدات “هبل سياسى”، والمعركة جزء من المخطط الأمريكى للحفاظ على إسرائيل.
وأكد عصفور، فى حواره الصحفي، أن ما يحدث فى البحر الأحمر ليس مقاومة، وميليشيا الحوثى تخدم المخطط الأمريكى، والحرب لن تنتهى إلا عندما يجدون من يدير شئون غزة لصالح إسرائيل.
وأوضح، أن الحديث عن الوحدة والمصالحة الفلسطينية يشبه حلم تحرير كل فلسطين، ولا يوجد مسئولية وإدراك وطنى لدى الأطراف الفلسطينية، كما أن الفصائل كل منها يفكر فى كيفية التخلُّص من الآخر، وإسرائيل تلعب على الطرفين، والشعب يعانى.
نص الحوار كاملاً:
كيف ترى المشهد الحالى فى القضية الفلسطينية التى عادت للصدارة بعد عملية «طوفان الأقصى»؟
– أوجه التحية للشعب الفلسطينى، وأترحم على الشهداء الذين دفعوا الثمن فى إطار المسيرة الوطنية الكبرى فى القضية الفلسطينية، وأرى أننا أمام ما يسمى بـ«أم النكبات»، فقد مررنا بالعديد من النكبات، ولكننى أعتقد أن هذا المشهد أخطر النكبات التى يعيشها الشعب الفلسطينى، من حيث طبيعة المؤامرة وشكلها وتوقيتها، لأننا كنا نذهب إلى تأسيس كيان وطنى فلسطينى بعد عام 1994، وضع حجر الأساس فيه الزعيم الراحل ياسر عرفات، لكن مؤامرة تدمير السلطة بدأت مبكراً، ومخطط هذا التدمير يصل الآن إلى الذروة، وليس فقط تدمير السلطة الفلسطينية، وإنما تدمير المشروع الوطنى الفلسطينى بالكامل، واستبداله بمشروع تهويدى فى الضفة والقدس وفى قطاع غزة بشكل أو بآخر، وإسرائيل تتعامل الآن مع الموقف على أنه فرصة تاريخية لا تتكرر دائماً.
ولماذا يعتبر الوضع الحالى فرصة تاريخية لإسرائيل؟
– فرصة تاريخية لأن الوضع الحالى حمى إسرائيل نفسها من حرب أهلية، فإسرائيل ما قبل 7 أكتوبر الماضى كانت تتجه مباشرة إلى الصدام الداخلى، ورأينا مظاهرات فى إسرائيل، وتسليحاً داخلياً، وقبل أسبوع من انطلاق «طوفان الأقصى» بدأت عملية الصدام، وكان هناك إجماع أن إسرائيل ذاهبة إلى حرب أهلية، لذلك كانوا يستنجدون بيهود العالم وبالأمريكان من أجل أن ينقذوا إسرائيل من «نتنياهو» الديكتاتور ومن اليمين المتطرف، ورأينا لأول مرة فى إسرائيل يهودياً يصف يهودياً بأنه نازى، وهذه كانت من المحرمات، وإسرائيل داخلياً كانت مقبلة على ما يمكن أن يسمى بـ«انهيار الكيان»، وكانت عملية 7 أكتوبر بمثابة إنقاذ للكيان الإسرائيلى من الانهيار، وأدت إلى مؤامرة انهيار كيان آخر، هو الكيان الفلسطينى، ولذلك أسمى الوضع الحالى بـ«أم النكبات»، وفى السياق نفسه نحن أمام حرب غير مسبوقة باعتراف العالم، حرب كبيرة فى رقعة جغرافية صغيرة جداً، 15 كيلومتراً مربعاً هى حجم قطاع غزة، وتضم 2.5 مليون نسمة تقريباً، أصبحوا الآن عراة بالمعنى الحقيقى، ومشردين نازحين داخل مدنهم، وفاقدين لأبسط قواعد الحياة، وينتظرون أى رأفة، فهم ينتظرون شيئاً ما، نوعاً من القدر، وحياتهم مهددة لا يعلمون إن كان سيأتى عليهم الصباح أم لا، ولا يعلم الفرد إذا مات أين سيُدفن، هل سيظل تحت الركام أم أنه يُدفن فى مقبرة، أم ماذا سيحدث له؟! فهو مشهد لا أعتقد أنه تكرر كثيراً فى الحروب السابقة.
حديثك عن «طوفان الأقصى» أنها تمثل قُبلة الحياة لإسرائيل.. هل يمكن أن تكون مؤامرة مفتعلة؟
– رأيى أنه «نعم».. كان هناك مخطط أمريكى مع أجهزة الأمن الإسرائيلى لهذا الحدث، وهذا الحديث بدأ يظهر الآن، والعملية تمت بأنهم كانت لديهم معلومة بأن «حماس» تخطط لهجوم، فكان موقف إسرائيل أنها سهلت العملية، فبدلاً من أن يمنعوها، فتحوا الطريق لها، وإسرائيل لديها أجهزة أمن، إضافة إلى وجود عملاء فى غزة بجميع الفصائل، وهذا طبيعى، ففى ظل الصراع تجد العملاء دائماً، وهذا أمر تاريخى، ففى جميع الصراعات تجد دائماً عملاء للآخر، ومعلومة الهجوم كانت موجودة لدى المخابرات الإسرائيلية التى سهلته، وكل ما يتعلق بالوجود العسكرى الإسرائيلى اختفى من قطاع غزة، 6 ساعات قبل العملية لا توجد حتى الطائرات، ولا أى شىء، والآن بدأ يتكشف أنه كانت هناك معلومات تساهلوا معها، وهذا الكلام لا يتم مع دولة مثل إسرائيل، فإسرائيل فيما يخص الأمن لا تتعامل بشكل التسلية، لأنها تدرك تماماً أن وجودها مبنى على الأمن، وإذا فقدت الأمن اختفت، لأنها دولة ليست بنت منطقة، فهى مزروعة زراعة، وحتى مع كل علاقات التطبيع التى تتم مع إسرائيل، أرى أن التطبيع مع إسرائيل لن ينجح إلا إذا قبله الشعب المصرى، الذى إذا وافق على التطبيع، فإننا وقتها نعترف بأننا قد انهزمنا تاريخياً، وأيضاً الشعب الأردنى، وهذان الشعبان هما معيار عندى لقبول إسرائيل من عدمه فى المنطقة، والباقى ليس فارقاً بشكل كبير فى القضية، لذلك فإسرائيل لا تتهاون فى الأمن، وما حدث لغز كبير.
ألا ترى أن العملية كانت قوية وبها عنصر مفاجأة؟
– الهجوم به جانب بطولى، والمواجهة كانت قوية، لكن بالمطلق أى شخص يتابع حقيقة المشهد يدرك أن هناك شيئاً حدث ليسهل هذا الموضوع، وهناك من يقول إن ما حدث فى «طوفان الأقصى» هزة قوية لهيبة الجيش والدولة فى إسرائيل، وأنا أقول له طبعاً هذا حدث، لكن هذا لا يهم أن تهتز هيبة الجيش والدولة مقابل ألا يهتز الكيان، والتضحيات موجودة من أجل أن يحافظوا على الكيان، ولا مانع من أن يموت ألف إسرائيلى مقابل أن يحموا دولتهم، التى كانت مقبلة على حرب أهلية واقتتال داخلى، وكانوا يسمونه «الانهيار الجديد»، وقد كتبت عنه مجموعة من يهود أمريكا فى عدد من الصحف، وكانوا يقولون: أنقذوا دولة اليهود من «نتنياهو» الفاشل النازى، وكل هذه التشبيهات كانت من المحرمات، وكلمة حرب أهلية أول من استخدمها كان رئيس الشاباك السابق.
إذاً ما المكاسب والخسائر للجانبين من وجهة نظرك؟
– مكاسب إسرائيل واضحة، فقد أنقذت العملية هذا الكيان إلى زمن، ودمرت كيان فلسطين إلى زمن، وبالتالى تدمير كيان فلسطين يترتب عليه تهويد الضفة والقدس، وهذا هو الخطر الأساسى وعودة الوصاية، فكل التحركات الآن لا يوجد فيها فلسطينى يجلس على طاولة المفاوضات، ومن يرسم مستقبلنا الآن غيرنا، على الرغم من أن الحديث عنا، وأمريكا تقود فرض عملية وصاية جديدة على الشعب الفلسطينى، والآن تتم عملية فصل غزة عن الضفة مجدداً بطريقة أسوأ مما كانت، ونحن الآن أمام مخطط انفصال بإرادتك، وفى السابق كان الانفصال مفروضاً عليك، وكنا نتحدث عن إنهاء الانقسام وعمل الوحدة، الآن لا يوجد هذا، وما يتم مخطط فصل القطاع عن الضفة إلى فترة انتقالية، وإذا قبلنا هذا فإنه خطر، والأكثر من ذلك أنهم حددوا سقفنا، فلا توجد سيادة، والأمن العام الشامل نحن غير موجودين فيه، حتى الحدود قد تمس، وكل هذا خسارة لفلسطين، أما عن المكاسب، فهى أن الشعب الفلسطينى قال إن لديه القدرة على المواجهة لا أكثر ولا أقل، نحن نواجه عدواً، وطول عمرنا والشعب الفلسطينى يواجه العدو، ومن عام 2000 إلى عام 2004 خضنا أكبر مواجهة أمام دولة الاحتلال، التى تسمى بـ«انتفاضة الأقصى الثانية»، وهذه لم تكن انتفاضة، بل دخلنا حرباً تدميرية شاملة انتهت باغتيال المؤسس ياسر عرفات، وقبلها خضنا حرب بيروت 1988 وكانت معارك بطولية أيضاً.
لكن ألا ترى أن الحرب الحالية هى الأصعب؟
– ما نراه الآن الأصعب من حيث النتائج الإجرامية، وليس من حيث المواجهة، فنحن أمام نزوح داخلى لمليون ونصف المليون فلسطينى، منهم ما يقارب المليون فى منطقة رفح، التى لا تستوعب أكثر من 300 ألف نسمة، وجزء منه لفرض التهجير القسرى بشكل طوعى، والمشكلة فى أن اليوم التالى للحرب هو أخطر من الحرب، واليوم التالى عندما يتطلع أهل غزة إلى غزة لن يجدوها، فلا يجوز استخدام تعبير إعادة إعمار، والصحيح هو إعادة البناء، والأخطر من ذلك أن إسرائيل بعملياتها فى غزة شطبت التاريخ الفلسطينى ودمرته، سواء مؤسسات ومتاحف وأبنية، والرموز التاريخية وآثارها منذ آلاف السنين قد شطبت، ولا أحد يحاسبهم، حتى إن أمريكا لا تعترف بأننا أمام احتلال، ولا تعتبر إسرائيل قوة احتلال، وهذه مخاطر كبيرة.
ألا ترى أن كل ما ذكرته فى المشهد الحالى يدعو إلى الوحدة داخل الفصائل الفلسطينية؟
– الحديث عن الوحدة والمصالحة أصبح يشبه حلم تحرير كل فلسطين، لأنه لا يوجد مسئولية حقيقية وإدراك وطنى لدى الأطراف، وكل طرف يعتقد أن هذه فرصته لكى يتخلص من الآخر، والوحدة تتم عندما تكون لدينا مسئولية الوحدة، وتكون بداخلك مسئولية وطنية وتفكر بشكل وحدوى، وهم الآن لا يفكرون بهذه الطريقة، وإنما يفكرون فى التخلُّص من بعضهم، أو أنه يرى أن لديه شعبية الآن عليه استغلالها، وإسرائيل تلعب على الطرفين، والشعب يعانى، ولا أحد يهتم به، فقبل «طوفان الأقصى» كان عدد الفلسطينيين الذين غادروا قطاع غزة وصل إلى 400 ألف، فى الوقت الذى كنا فيه منذ 1994 إلى 2000 تمكنا من عودة 700 ألف فلسطينى من الخارج، أما الآن فغزة تقف وحدها.
ألا يوجد حل فى يد أى مؤسسة دولية لوقف الحرب فى غزة؟
– لا يوجد، ولن يتوقفوا إلا بعد أن يجدوا من يدير القطاع، والحل الآخر من وجهة نظرى بيد العرب، لكن الدول العربية لا تريد، فجميع الدول العربية لديها مئات المصالح مع أمريكا، ولدينا مثل شعبى يقول: «لا يحك جلدك مثل ظفرك»، فالعربى ليس لديه أظافر فلماذا أمريكا تحك جلدك؟ إسرائيل مشروع استعمارى أمريكى، وهى أداة للاستعمار فى المنطقة، أمريكا بعد 48 ساعة من عمليات 7 أكتوبر كانت حاملة طائراتها والغواصات والبواخر فى حيفا، هل كل هذا من أجل «حماس»؟ بالطبع لا، بالإضافة إلى 6 مليارات دولار تم تحويلها إلى إسرائيل، وهناك مخطط كبير يدفع ثمنه الفلسطينيون، والعرب يعتقدون أنهم بعيدون عن هذا، وبرأيى أنه لا يوجد أحد بعيد، والموقف المصرى والأردنى مختلف، لكنه لا يختلف كثيراً، فهناك الكثير كان يمكن أن يحدث، مع كامل التقدير لدور الطرفين، خاصة أن أكثر دولتين تهزان إسرائيل هما مصر والأردن، والمشكلة أن محمود عباس «أبومازن»، مثلاً، لا يقطع التنسيق الأمنى مع إسرائيل، وبالتالى لا يمكن أن يكون الموقف المصرى والأردنى فلسطينياً أكثر من الفلسطينيين أنفسهم، و«أبومازن» لا يمكن أن يوقف التنسيق الأمنى؛ لأنه يعلم جيداً ثمن هذا، وأنا واحد من الناس الذين فاوضوا اليهود، وأعلم الكثير من التفاصيل، وأعلم ما يمكن أن يؤذيهم، ولدى العرب ما يمكن أن يؤذى أمريكا وإسرائيل.
تحدثت عن الدعم الأمريكى الكبير بعد يومين من «طوفان الأقصى» لإسرائيل.. فماذا تستفيد أمريكا من هذا؟
– المعركة هى جزء من المخطط الأمريكى، فما حدث ليس قصة غزة و«حماس»، وإنما الحفاظ على دولة إسرائيل وإعادة للوجود الأمريكى فى المنطقة، الذى اهتز بعد حرب أوكرانيا، بعد أن ظهرت قوة أخرى مثل الصين وروسيا، واختلاف فى المعادلة الدولية، ووجود أمريكا فى المنطقة لم يعد مثلما كان فى السابق.
ألا يمكن أن تكون «طوفان الأقصى» بداية لمفاوضات وعودة لحل القضية الفلسطينية؟
– أتمنى أن تكون تصريحات وزير الخارجية البريطانى تعديلاً لوعد بلفور، وهو تصريح مهم، ولكن الأهم هل هو تصريح حقيقى أم لا، فبريطانيا هى أم البلاء، ومع ذلك أى فلسطينى يرى أنه تصريح مهم، ويجب أن يقتدى به، فالاعتراف بدولة فلسطين هو الطريق الوحيد لفرض حل الدولتين، وليس المفاوضات، فأنا عندى دولة موجودة ولكن غير معترف بها، فكيف نقول حل الدولتين، فهل إسرائيل غير موجودة؟ إنها موجودة بالفعل، إذاً الاعتراف بالدولة الفلسطينية مهم، ونريد حل الدولة وليس الدولتين، لأننا غير موجودين.
وماذا بعد انتهاء الحرب؟
– الجديد فوضوى، وهو تقسيم فلسطين، وفرض الوصاية على الشعب الفلسطينى، والإيجابية الوحيدة من الحرب هى أن الشعب الفلسطينى قادر على أن يبقى، وأنه لا توجد قوة تستطيع أن تجتث الشعب الفلسطينى وروحه الكفاحية، وسيبقى، فلا يوجد شعب مر بنكبات وصعوبات مثل التى مرت على الشعب الفلسطينى، وقد وصفه «أبوعمار» بأنه يشبه طائر الفينيق، وسيظل باقياً.
ولمن سيكون الحكم فى قطاع غزة؟
– نأمل ألا يكون يهودياً، بمعنى ألا يكون خادماً لليهود، والكارثة هى ما بعد الحرب، فأنت تريد أن تسكن وتعلم وتعالج، وكل هذا غير موجود الآن، فلا مدارس أو جامعات أو مستشفيات، إننا أمام حرب إبادة، ومحاولة إبادة جماعية بالمعنى العام؛ السياسى والكيانى والبشرى والتاريخى، وهذا هو جوهرها، ونجحت فى ذلك بشكل غير طبيعى، هى نفسها لم تكن تتخيل أن تنجح فيه، وتوقعت أن تكون ردة الفعل الإقليمية على الأقل مختلفة، فى ظل التحرر الجزئى للمنطقة من السيطرة الأمريكية، لكن هذا لم يحدث.
أى الفترات برأيك كان يمكن فيها حل القضية الفلسطينية؟
– الحلول كانت ممكنة فى فترات، بدليل أن الفرصة الحقيقية التى جاءتنا استخدمناها، وهى فرصة أوسلو 1993، وتآمروا عليها لتظل القضية الفلسطينية ديكوراً وشماعة، فالمفاوضات الجدية مع إسرائيل كانت فى شكلين؛ مفاوضات مدريد 1990، وبعدها أوسلو 1993، وكان من الممكن إقامة دولة فلسطينية، لكنهم اغتالوا إسحاق رابين، وهو الشخص الوحيد الذى كان يمكن أن نكمل معه، ومن اغتاله مجموعة «نتنياهو» وحزبه، وأما فى كامب ديفيد، فإيهود باراك لم يكن جاداً بالمعنى الحقيقى فى المفاوضات، ووضع العديد من الألغام، ووقت أوسلو كان «باراك» يشغل موقع رئيس الأركان الإسرائيلى، ورفض المفاوضات، فكيف لمن رفض المفاوضات أن يكون جاداً فى مفاوضاته، أو يحل حلاً سياسياً؟ فثقافتهم ثقافة توراتية، يعتبرون الضفة الغربية والقدس أرض توراة ليست لك، ويعتبرون الضفة الغربية والقدس قلب إسرائيل، وثقافتهم ليست إقامة دولتين، وإنما يكون الفلسطينى ملحقاً بالدولة الإسرائيلية، وبلا حقوق كاملة، ونحن لم نضع أى فرصة أبداً، والأزمة كانت كيف يمكن أن نقبل بتقسيم الدولة، فإسرائيل لن تقبل أن تعود لحدود 1967 دون قوة إجبارية على ذلك، وموازين القوة ليست لها حسابات، وسيأتى هذا اليوم.
لكن المحكمة لم تصدر قرار وقف إطلاق النار.
– لا تستطيع.. هناك أسباب عديدة تمنعها من ذلك، والجوهر ليس إيقاف إطلاق النار، وإنما هل هذه الدولة ارتكبت جريمة إبادة جماعية أم لا، والجانب الإجرائى للحكم وضع ثلاث خطوات تكبل يد إسرائيل من ارتكاب جرائم، وأتمنى أن يأخذ مجلس الأمن قراراً، لكن عملياً أمريكا لن تسمح بصدور قرار من مجلس الأمن بوقف الحرب، وعندها يمكن الذهاب إلى الجمعية العامة لإصدار قرار بحكم البند السابع، ووقتها تتم إعادة صياغة فى التفكير، وأنا دائماً أرى أن إسرائيل خارج النطاق، وطالما أن أمريكا قوة ردع قائمة فإن إسرائيل لا تهتم بأى قرار آخر، وبالتالى ما لم تشعر أمريكا أن مصالحها فى المنطقة مهتزة، فإنها لن تتحرك.
كيف ترى الهجوم على وكالة «الأونروا»؟
– جزء من حرب الإبادة، لأكثر من هدف؛ أولها تعريف اللاجئ، ومن هو اللاجئ، فهم يقولون إن اللاجئ هو الذى خرج فقط، ومن ولد بالخارج ليس لاجئاً، وبذلك هم يختزلون اللاجئين من ملايين إلى أفراد، فمن ظل حياً من 1948 عدد محدود، والأمر الثانى هو المناهج التعليمية، فهم يريدون منهجاً لا يتحدث عن فلسطين وأنها دولة تم اغتصابها واحتلالها، وإنما يريدون منهجاً يتوافق مع الفهم الإسرائيلى للصراع، وهذان هما الركيزة الأساسية للحرب على فلسطين، وإسرائيل وأمريكا كانتا تفضلان وجود الإسلاميين فى قيادة وكالة الأونروا عن وجود الشيوعيين أو القوميين أو الفتحويين، لأنهم لا يعتبرون الإسلامى هذا عدواً حقيقياً لهم، فلا تنسَ أنهم من أسسوا هذا الاتجاه، وبريطانيا هى من أسست جماعة الإخوان المسلمين، وأمريكا هى من حاولت فرض حكم محمد مرسى على مصر، ومشروع أوباما منذ 2011 كان نشر الإسلاموية فى المنطقة، والمشكلة معهم ليست انتماء، فهل هناك من يتم تعيينه فى «الأونروا» دون موافقة أممية؟ إذاً هى أزمة مفتعلة من أجل تدمير الوكالة وتغيير المفاهيم للتعريف والتعليم، وهى حرب التمويل من أجل التوطين، لكن القضية لن تموت.