صالح عوض
أمد/ قد تتوقف جولة الحرب الحالية في الأيام القادمة وهي محدودة السقوف كما يتضح، وهنا لابد من اعادة قراءة ما حصل ويحصل في هذه اللحظات الحرجة من عمر المواجهة الحالية.
أما الحرب فمستمرة ولن تتوقف حتى تحرير كل فلسطين او إبادة شعب فلسطين.. هذا لأن الصراع وجودي بين منطقين الأول منطق الحق والانتماء والتاريخ والعقيدة والعروبة والثاني انه لابد من إقامة دولة عنصرية صهيونية تقوم بوظائف حساسة وضرورية في المنطقة لتأمين مصالح مشروع النظام الدولي الجديد وانه لابد من تقويتها بالمال والعتاد والاعلام والسياسة.
ولأنه لا يمكن إبادة شعب في معركة تحرر لاسيما شعب حضاري عريق كشعب فلسطين،
فان الاحتمال الأول هو الممكن بتحرير فلسطين لتعود كما طبيعتها دولة الانسان وطرد الغزاة..
من يقرأ تاريخ كفاح فلسطين وظروفها المعقدة في القرن المنصرم يتأكد
ان الشعب الفلسطيني قاوم منذ اللحظات الأولى التي وطأت أقدام الغزاة الانجليز أرضنا..
وأدرك اهلنا ان المؤامرة متشعبة فتصدوا للانجليز والعصابات الصهيونية ولم تفتر عزيمة المجاهدين لحظة وبقليل أسلحتهم ومعداتهم وفي ظل ظروف قاسية واجراءات عقابية انجليزية في غاية الاجرام واصل المجاهدون كفاحهم 28 سنة متواصلة بلا انقطاع.. خانهم النظام العربي وخانتهم الجيوش العربية التي عندما توجهت لفلسطين كان امامها هدفان الاول تجريد الفلسطينيين من السلاح واخراجهم من المدن والقرى التي حرروها بحجة ان المكان حربي واشتباكات والهدف الثاني لترسيم حدود التقسيم وضم الاجزاء الفلسطينية الى الاردن ومصر حتى يتم تكبيل الفعل الفلسطيني.. وبالفعل حوصر الحاج امين الحسيني زعيم فلسطين وتم القضاء على حكومة عموم فلسطين..
الآن نحن في المواجهة الجديدة لأول مرة لا نعتمد على العرب والمقصود الحكومات وتقدمنا خطوات بعيدة عن موقفهم ورفضنا للإجماع الرسمي العربي ولم تستطع إجراءات الحكومات ان تكبل فعلنا الفلسطيني.. فرضنا معركة لأول مرة بهذه الضراوة لأننا حقا كنا أحرارا من استبداد الجغرافيا “كما حصل في الاردن ولبنان وسورية” حيث كبلت إرادتنا السياسية لحسابات اقليمية ومتحررين كذلك من هيمنة الإجماع العربي المهرول نحو اسرائيل.
ان هذا هو المتغير الجوهري الذي منح المقاومة قدرات إضافية ومجالات أوسع ولكننا نؤكد بالمناسبة ان الأبطال من بني شعبنا في كل المعارك السابقة هم نفس النسخة لأبطال المقاومة اليوم.. نحن الآن في مرحلة الانفلات الفلسطيني من هيمنة النظام العربي على الأقل في مجال الفعل المقاوم..
لكننا نتعرض لواحدة من أنواع التمرير والترويض السياسي الذي يثير الريبة وهنا نجد ضرورة القول انه يجب ان لا نثق مطلقا بالنظام العربي ومقترحاته وأفكاره وترحيباته فهو مبني على الشر المستطير لمقاومة شعبنا.. كما يجب عدم الاصطدام به أو فتح معارك جانبية، يجب ان تظل حساباتنا لنا وحدنا في جبهة المقاومة ولا نضع فيها اي حسابات لقوة وجيوش العرب وإمكاناتهم أبدا بل ولا نضع حسابا لبكاء مستضعفي العرب والمسلمين واشفاقهم فهو مع احترامنا له لا يزيد ولا ينقص وقد يصيبنا الاحباط ان حسبنا حساب الشعوب العربية في ظل هذه الحكومات المحكومة والمؤمن عليها من قبل النظام الدولي.
ما يهمنا هنا الانتباه تماما بان العدو قديم يعرفنا كما نعرفه بل يعرفنا اكثر ويتحسب لكل شيء في ساحتنا ويراقب ويتابع ويحلل بدقة ولديه اجهزة ومراكز وشبكات تجسس وتدقيق .. انه حاربنا على مدار قرن او اكثر ولم يكن بيت عنكبوت كما يجب الحالمون المتفذلكون القول، بل كان دوما يكيد لنا كيدا تكاد الجبال تزول منه يقصفنا ويرتكب المجازر ويقتل الأطفال والنساء ويحرق القرى وكان دوما المتفوق علينا عدة وعددا.. ويجد في دعم العالم له ما يجعله غير قابل للتفكير باي حل سياسي.
اليوم كان الفعل الفلسطيني المتميز والمتحرر والقوى والمقدام الذي إربك الجميع.. اليوم تتولد مسلمات جديدة و وتبرز أفكار جديدة وينتشر مناخ جديد ومعطيات إقليمية ودولية جديدة فماذا نفعل للقادم من التحديات وماذا نفعل الان بعد هذه الجولة الكبيرة.
نحن ندرك أنه للاسف بعض العرب سيرقصون على دمنا ويذهبون للتطبيع مع العدو كما فعل سواهم أثناء الملحمة بأن زود العدو بالأكل والخضروات والفواكه.. وللأسف بعضنا يفكر ان هناك حلا يمكن ان يتم مع الكيان الصهيوني او بالأحرى مع العصابات الصهيونية..
ان هناك خللين واضحين في رؤية بعضنا للواقع والمستقبل الأول: اننا نقدم فكرة الدولة عن فكرة العودة.. نحن نريد باختصار عودة اللاجئين الفلسطينيين من حيث تم إخراجهم من أرضهم وبيوتهم، الثاني: ان الطلبات التي نقدمها اليوم هي كلها في المجال الإنساني الاجتماعي وهي مسائل لا ترقى الى مستوى قضيتنا ولا الى دمائنا وتضحيات شعبنا العظيمة.
باختصار يجب ان تكون مطالبنا بحجم حقنا وبحجم تضحياتنا
ان فرعنة نتنياهو تأتي لعدة أسباب منها الهجوم النفسي علينا وإزاحتنا عن المطالب الرئيسية لنا كشعب، وكل العلو في مطالبه إنما يريد إخافتنا وإبعادنا عن حقنا.. ولهذا فإن أول مطلب نرفعه أمام الجميع: إن عودة اللاجئين الفلسطينيين الى بيوتهم وحقهم في ذلك مكفول بكل القوانين والأعراف الإنسانية والدولية ونحن نستند في ذلك لقرارات دولية صريحة..
نحن نعرف ان جيش المقاومة اليوم لا يمكن ان يحقق ذلك بمعيار الحسابات الواقعية ولكن لابد من رفع هذا المطلب الاساس- العودة- ويكون هو الهدف المقدس المعلن لكل جهادنا..
ينبغي ان لا يكثر حديثنا نحن الفلسطينيون لاسيما المسؤولين عن المساعدات ورفع الحصار وإعادة الإعمار لان هذا جميعه سيلقونه تحت أقدامنا لإغرائنا وصرفنا عن المطلب الشرعي الجوهري.. انه لن يقدموا شربة ماء الا خوفا من ان نارا تلحق بهم وخسارات عظيمة تلحق بهم..
علينا ان نحقق انجازات سياسية كبيرة فلقد دفع شعبنا ثمنا باهضا يكفي لتحرير دول عديدة..
وهنا يأتي دور السياسي والقيادة السياسية وهي يبدو لازالت في دروس “ابجد هوز”
نحن إزاء أعظم مقاومة وأعظم تضحيات شعبنا قدمها وهي لا تزال تدوي في هذه المرحلة..
ولكن أيضا لن نغفل لحظة أن هناك قرن من المقاومة والتضحيات قدم شعبنا فيها ايات البطولة
نريد اداء وخطابا سياسيين في مستوى قدرتنا على الفداء والتضحيات والمقاومة.. وفي مستوى حقنا المقدس بالعودة.