أمد/ واشنطن: لايزال الجيش الإسرائيلي يوجه الضربات الصاروخية على مدينة خان يونس جنوب غزة، التي أصبحت مركزاً للحرب، ما خلف حفراً ضخمة بوسط أحياء المدينة، تناثرت حولها قطع عشوائية من الأثاث المحطم، والكتب المدرسية وبقايا حياة سابقة، وفق ما نشره تقرير لشبكة “سي إن إن” الأمريكية.
ومدينة خان يونس التي تقع جنوب القطاع، هي مسقط رأس زعيم حركة حماس في غزة، يحيى السنوار، وهي أيضاً المنطقة ذاتها التي حث الجيش الإسرائيلي أعداداً كبيرة من المدنيين الفلسطينيين للجوء إليها منذ الأيام الأولى للحرب، عندما كان شمال القطاع هو محور العمليات العسكرية الإسرائيلية.
حفر ودمار يفوق الخيال
وفي تقريرها، أفادت شبكة “سي إن إن”، أن معالم الحطام في خان يونس يكشف أن “الجيش الإسرائيلي دخل المدينة بكامل قوته”.
ويزعم الجيش الإسرائيلي بأنه أحدث حفر ضخمة وقام بتسوية المباني بالأرض، لأنها كانت تعلو مداخل لمجمعات أنفاق واسعة تحت الأرض، ويقول الجيش إن “السنوار ومسؤولين آخرين في حماس استخدموا مجمع الأنفاق تحت المباني في خان يونس للاختباء منذ بدء الحرب، وأن بعض الرهائن الذين اختطفتهم حماس في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) كانوا محتجزين هناك”، بحسب التقرير.
وأشارت “سي إن إن” إلى أنها كانت من بين مجموعة صغيرة من الصحافيين الذين حصلوا على مرافقة عسكرية من قبل الجيش الإسرائيلي لرؤية الأنفاق”، مضيفةً أنه “كشرط لدخول غزة تحت حراسة الجيش الإسرائيلي، كان يجب عليهم تقديم الصور والفيديوهات إلى الجيش لمراجعتها قبل نشرها.
وقالت أيضاً إن “تواجدهم برفقة أفراد من الجيش الإسرائيلي يعني أن الصحافيين “لم يتمكنوا من رؤية سوى ما سمح لهم برؤيته”، ولكن “حجم الدمار في غزة يفوق الخيال”.
وأضافت الشبكة الأمريكية: “القيادة من السياج الحدودي إلى قلب خان يونس في مركبة عسكرية توفر نقطة مراقبة محدودة، مؤكدةً “لا يبدو أن هناك مبنى واحد لم تمسه الحرب في خان يونس، إذ تم تدمير بعض المباني بالكامل وجرفت الأنقاض، وما ترك منها تملؤه ثقوب الرصاص في كل مكان، ولا يوجد فرصة لإصلاحه”.
وأشار التقرير إلى أن حجم التجريف واضح في العديد من المناطق، حيث ترتفع أكوام الركام في العديد من الشوارع، لافتاً أيضاً إلى أنه منذ بداية الحرب، حدد الجيش الإسرائيلي خان يونس كمنطقة أكثر أماناً وطلب من السكان من شمال غزة البحث عن مأوى هناك. ولكن مع تقدم الجيش الإسرائيلي نحو الجنوب، أصبحت المدينة محور تركيزه التالي.
ويقول الجيش الإسرائيلي إن “خان يونس هي معقل لحماس، وأن شبكة الأنفاق الموجودة أسفل المباني المدنية في المدينة هي على الأرجح المكان الذي خططت فيه حماس لهجمات 7 أكتوبر”.
ولكن حماس نفت الاختباء في المستشفيات وغيرها من مباني المدنية، ولم تتمكن “سي إن إن” من التحقق بشكل مستقل من أي من الادعاءين.
100 ألف نازح
وذكرت الشبكة الأمريكية، نقلاً عن صحافيين محليين، قولهم: إن “هناك ما يصل إلى 100 ألف نازح في الملاجئ التي تديرها الأمم المتحدة وغيرها من المرافق في المنطقة، قبل أن يصدر الجيش الإسرائيلي أوامر الإخلاء الشهر الماضي”.
وأشار التقرير إلى أن العديد من الفلسطينيين لم يكن لديهم مكان آخر يذهبون إليه، لذلك احتموا في المراكز الطبية ومرافق الأمم المتحدة في المدينة، بما في ذلك مجمع ناصر الطبي ومستشفى الأمل والمقر الرئيسي لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.
وأوضحت الأمم المتحدة، بهذا الشأن، إن “الآلاف ما زالوا هناك، وأن تلك المرافق تعرضت أيضاً للهجوم”.
اعتراف إسرائيلي
وأكد الجيش الإسرائيلي مراراً وتكراراً أنه يسعى لتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين إلى الحد الأدنى، ويتعرض لضغوط دولية لفعل المزيد.
ونقلت “سي إن إن” عن الجنرال دان غولدفوس، وهو قائد الفرقة 98 في الجيش الإسرائيلي، الوحدة التي تقود الهجوم في خان يونس. والذي رافق الصحافيين، في جولة في مجمعين من أنفاق حماس في المنطقة، اعترافه بأن الدمار الذي لحق بالمدينة كان كبيراً، ولكنه ألقى باللوم على حماس.
وقال غولدفوس إن “قيادة حماس استخدمت شبكة الأنفاق للتخطيط لهجمات السابع من أكتوبر”، مضيفاً أن بعض الرهائن ما زالوا على الأرجح محتجزين داخل الأنفاق.
وتابع قائلاً: “لقد طرحتم عليّ العديد من الأسئلة حول الثمن الذي تدفعه غزة وخان يونس والمنازل.. نعم، بالتأكيد، هناك ثمن تم دفعه”.
ووفق سي إن إن، فإنه لا يمكن التحقق من مزاعم غولدفوس، لأن إسرائيل لا تسمح للصحافيين، بالسفر والتواجد في غزة بشكل مستقل.
وأوضحت الشبكة الأمريكية في ختام تقريرها، أن “4 أشهر من العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة قد حولت القطاع بالكامل من أرض خضراء ومأهولة بالسكان إلى أرض تم قصفها وتسويتها بالأرض”.