أمد/ لندن: قالت صحيفة “الغارديان” البريطانية، إن إدانة منتقدي إسرائيل باعتبارهم “غير يهود” أو معادين للسامية ليس مجرد تشويه للتاريخ، بل هو أيضًا توجه خطير، لافتة إلى أن “قصة ويليام زوكرمان، وهو شخصية يهودية عامة تنتقد سياسات إسرائيل تجاه اللاجئين الفلسطينيين، تعد مثالًا مؤثرًا على هذه الظاهرة”.
وشهد زوكرمان الذي ولد عام 1885 في منطقة بالي أوف سيتلمنت، بشكل مباشر المصاعب التي يواجهها اليهود في روسيا، ورغم دفاعه عن القضايا اليهودية، فإن انتقاداته لمعاملة إسرائيل للاجئين الفلسطينيين أدت إلى تهميشه.
ووفق الصحيفة، فإن قيام زوكرمان بحذف المنشورات اليهودية، يسلط الضوء على المدى الذي ذهب إليه البعض في إسكات الأصوات المعارضة.
ويتناول كتاب جيفري ليفين الجديد “سؤالنا الفلسطيني”، مسألة التاريخ المنسي للمعارضة اليهودية في أمريكا، فيما يتطرق إلى سياق حاسم للمناقشات الجارية داخل المجتمعات اليهودية، إذ أدت هذه المناقشات، ولا سيما في أعقاب الأحداث الأخيرة، مثل: الحرب بين حماس وإسرائيل، والهجوم اللاحق على غزة، إلى إحياء المناقشات حول الهوية اليهودية ومعنى معاداة السامية.
وتؤكد تداعيات حوادث عدة منها ما تعرضت له كلودين جاي في جامعة هارفارد، على تعقيدات هذه المناقشات، فيما واجه ديريك بنسلار، وهو مؤرخ بارز لليهودية، ردود فعل عنيفة بسبب انتقاداته لإسرائيل، مرددًا تجربة زوكرمان قبل عقود.
واكتسب وصف اليهود الذين ينتقدون إسرائيل بأنهم “غير يهود” زخمًا متزايدًا؛ ما زاد من استقطاب المجتمعات اليهودية وخنق الحوار المفتوح.
وفي ألمانيا، حيث تلوح في الأفق ذكرى المحرقة النازية، فإن نبذ منتقدي إسرائيل من اليهود أمر مثير للقلق بشكل خاص، ورغم الجهود المبذولة لحماية اليهود من معاداة السامية، فقد تم إسكات الأصوات المعارضة وتهميشها.
وقد حظرت ألمانيا العديد من الانتقادات الموجهة إلى إسرائيل (مثل وصف معاملتها للفلسطينيين بـ “الفصل العنصري”) وحظرت العديد من مظاهر التضامن مع القضية الفلسطينية.
وكانت الأهداف الرئيسية هي المسلمين، ولكن تم أيضًا إبعاد اليهود المؤيدين لحقوق الفلسطينيين عن منصاتهم واعتقالهم. وفقا للباحثة إميلي ديش بيكر، فإن ما يقرب من ثلث الذين تم إلغاءهم في ألمانيا بسبب معاداة السامية المفترضة كانوا من اليهود.
وفي ضوء ذلك، تطرقت الصحيفة إلى سؤال يعد أساسيًّا وهو “ماذا يعني أن تكون يهوديًّا”، لتجيب بالقول: بالنسبة للبعض، يعتبر الدفاع عن إسرائيل بأي ثمن ضرورة أخلاقية متجذرة في تاريخ المعاناة اليهودية”.
وبالنسبة للآخرين، بمن في ذلك زوكرمان والنقاد المعاصرون، مثل: سوزان نيمان، فإن الواجب الأخلاقي يكمن في الدفاع عن حقوق جميع الشعوب المضطهدة، بمن في ذلك الفلسطينيون.
وأشارت صحيفة الغارديان إلى أن تجاهل الأصوات الناقدة باعتبارها “غير يهودية” أو معادية للسامية، ليس أمرًا غير دقيق فقط من الناحية التاريخية، لكنه خطير أيضًا.
وقالت “بدلًا من خنق المعارضة، هناك حاجة إلى دعم الأفراد والمنظمات التي تتحدى معاداة السامية وتعزز العدالة للجميع، ومن خلال بناء أشكال التضامن التي تتجاوز التعريفات الضيقة للهوية، يمكننا أن نخلق مجتمعًا أكثر شمولًا وعدلًا للجميع”.
وتلاحظ نيمان أن ما يجعل كل هذا مثيرًا للقلق بشكل خاص هو تصاعد معاداة السامية في ألمانيا وأماكن أخرى. بدلاً من مراقبة المثقفين والناشطين اليهود، و”الإصرار على الولاء غير المشروط لإسرائيل” و”التقليل من شأن المعاناة في غزة”، وترى نيمان أن المطلوب هو دعم هؤلاء الأفراد والمنظمات الذين يبنون أشكالاً من التضامن يمكنها تحدي معاداة السامية. والتعصب ضد المسلمين، وتعزيز العدالة في فلسطين وإسرائيل.