ألاء ماجد
أمد/ من المنطق الاعتراف بأن إسرائيل قد نجحت الى حد ما في تهيئة الرأي العام العالمي نفسيا، لتقبل ما هو قادم وما سيحدث في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، في ظل حالة “الفزع الاخباري” المستمرة منذ أسبوع أو أكثر، حول التلويح بعملية برية واسعة النطاق في المدينة، خصوصا بعد العملية الخاصة التي نفذتها فجر أمس الاثنين، وتم خلالها “تحرير” اسيرين إسرائيليين، غير أن المفاجئة هو تهديد حركة حماس وبكل بجاحة وعنترية بانهيار مفاوضات صفقة التبادل في حال اجتياح رفح، وكأنها تتعامل مع حياة الغزيين على أنه “تحصيل حاصل”، وأنه لم يعد لديهم ما يخسرونه، متناسية بكل غباء وسادية أنهم أصبحوا عظما بلا لحم، وقيادات بلا كرامة، وأنهم ليسوا ملائكة ولا أنبياء ولا حتى كائنات اسطورية خرجت من صفحات التاريخ.
ولعل المتابع للأحداث، يرى أن إسرائيل بكل تأكيد ستستخدم العملية الخاصة التي استشهد فيها العشرات من أبناء الشعب الفلسطيني، في مخيم الشابورة برفح، كذريعة لتعزيز توجهها وخططها لتنفيذ عملية عسكرية كبيرة في المدينة المكتظة بنحو 1.4 مليون فلسطيني، بحجة أن هناك أسرى إسرائيليين آخرين محتجزين بالمدينة، مما يوجب عليها تنفيذ هجوم كبير لفك أسرهم، مما سيكون مبررا لمزيد من المجازر الإسرائيلية ومزيدا من القتل والدمار ودماء الأطفال والنساء والشيوخ.
ويبدو أن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يصرّ بشكل كبير على مواصلة الحرب على قطاع غزة من اجل “تحرير الأسرى” واعتبار الأمر أولوية قصوى، قد وجد عملية تحرير الاسيرين الإسرائيليين، طريقا لرفع أسهمه لدى الشارع الإسرائيلي خاصة لدى جمهور اليمين المتطرف، وطريقة لاسكات حراك وتظاهرات أهالي الأسرى الآخرين، الذين يشكلون ضغطا كبيرا عليه.
أما على الجانب الفلسطيني، فإن المتوقع أن يبدأ عشرات الآلاف بالنزوح عن مدينة رفح الى باقي مدن المحافظات الوسطى، خلال الأيام القليلة المقبلة، في ضل التهديدات الاسرائيلية المتزايدة باجتياح المدينة، الأمر الذي سيكون تحقيقا فعليا وسهلا للشرط الأمريكي والعالمي بضرورة اخلاء المدنيين من البلدة قبل تنفيذ العملية البرية.
في ضوء ذلك، يلِحّ علي سؤال قاتل، وهو متى تفيق حركة حماس وقادتها الذين يعيشون في قطر وتركيا، من الوهم الذي يعيشون فيه بقوتهم التي تتلاشى يوما بعد يوم؟ ومتى ستأتي اللحظة التي سيضعون فيها مصلحة شعبهم فوق مصالحهم الفئوية الضيقة؟ متى سيضعون حدا لنزيف الدماء ويوقفون الحرب؟ وعلى ماذا يراهنون في عنادهم وتفكيرهم المهووس بالأجندات الخارجية والبعيدة كليا عن معاناة شعبنا الذي يذوق الويلات في كل دقيقة تستمر بها الحرب؟
هل يقتنع قادة حماس من هذا الكم من الشهداء والدمار والدماء؟ بكل تأكيد لا، “زومبي العصر” مستمر بالعناد والمكابرة والبعد عن الواقع والحقيقة، وكأنهم يهدون شعبنا إشارة بإصبعهم الأوسط، ويمضون متلذذين باستمرار معاناتنا.. تبا لهؤلاء القادة وتبا لمن مازال يعتبرهم قادة أصلا،، لقد سقطوا من عيون الناس اجمع ولم يعد لهم مكانا في قلوب الأغلبية..أوقفوا النزيف أوقفوا الحرب.