ألاء ماجد
أمد/ في حياة النزوح برفح جنوب قطاع غزة، والمستمرة منذ أكثر من أربعة أشهر، وأثناء انتظاري الطويل في طابور المياه صباح كل يوم، يجول في خاطري الكثير من الأسئلة حول الواقع الذي وصلنا له، لعل أبرزها هو السبب وراء كل ما حدث في السابع من اكتوبر، والهدف الاستراتيجي لهذه الحرب، ومن هو الذي اتخذ القرار بشن العملية، دون حساب العواقب الوخيمة التي من المؤكد أن يعاني منها الشعب الفلسطيني في ظل عدو إسرائيلي مجرم، لا يخشى أي شيء في العالم، ويعتبر نفسه فوق القانون.
ويعتبر مسؤول حركة حماس يحيى السنوار هو المسؤول عن هذه الحرب، وفقا لما تتهمه إسرائيل، واذا كان ذلك صحيحا وهو أقرب للصحة من الخطأ، خصوصا وأنه من صقور الحركة ومن المتشددين فيها، وممن كان يدعون لمثل هذه العمليات، لكن هل يعقل أن تنظيما مثل حماس مرّ على انطلاقتها اكثر من 36 عاما، يتحكم فيها رجل واحد مثل السنوار؟ وكيف اتخذ القرار بعيدا عن قيادة الحركة الحكيمة “إن كانت لديهم حكمة”؟.
أين المثقفين والأكادميين والأساتذة والمهندسين والأطباء وقادة الألوية والكتائب في القسام، وهل يعقل أن يجرنا السنوار إلى هذه المحرقة والابادة ويجر المنطقة بأكملها الى حروب بسبب أفكاره المهووسة المجنونة؟ وتنفيذه لوعود شخصية أو تعليمات خارجية؟
والسؤال الأهم هو ما الذي كان يريده السنوار من وراء هذا كله، هل هو تحرير مستوطنة اسديروت أم المسجد الأقصى مثلا؟ ..الآن أصبح يطالب بكرفانات وخيام وإعادة الاعمار؟ وأصبح يطالب بانسحاب تدريجي من مناطق مأهولة بالسكان؟ الحقيقة أنه بات يطالب بما كنا عليه قبل مغامرته غير المحسوبة واللامنطقية نهائيا؟
ومن المنطق أيضا، أن يتم محاكمة السنوار من شعبه أولا وحركته “حماس” ثانيا، بعدما تسبب في دمارها وابادتها، كما لابد من محاكمته من قبل منظمة التحرير الفلسطينية، التي تعتبر الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني أمام العالم، والمسؤولة عن حالة الحرب والسلم في البلاد، لابد أن يحاكم السنوار من ذوي الأطفال الذين ماتوا بردا في خيام النزوح برفح، ومن الذين ماتوا جوعا في الشمال وممن تقطعت بهم السبل.
ومن الحكمة أيضا، أن يتم محاكمة مسؤول حماس –السنوار- من عائلات الذين استشهدوا وأكلتهم الكلاب والقطط في الشوارع ولم يعرفوا أهاليهم عنهم شيئا حتى الآن، يجب محاكمته من قبل التجار الذين تدمرت تجارتهم الى الأبد، وممن دمرت بيوتهم، ومن الذين أكلوا أعلاف الدواب جراء الجوع في مدينة وشمال غزة.
كل ذلك في كفة، وبعض الأشخاص والقيادات في الخارج في كفة أخرى، حيث يسكنون في قصور الدوحة وتركيا، ويعيشون حياتهم الطبيعية بين عائلاتهم وكهرباء 24 ساعة، ومكيفات تملأ بيوتهم، ثم يلبسون البدلات الرسمية وربطات العنق، ويخرجون الى شاشات التلفاز يؤكدون أن غزة بخير وأن شعبها صامد..ولا أعرف فعليا من قال لهم أننا بخير ونحن في الخيام نموت من البرد والجوع.
كما أن هناك قسم آخر من هذه القيادات، قد بدأوا فعليا بجمع التبرعات بذريعة “دعم غزة”، ينادون طوال النهار بدعم غزة وأطفالها ومقاومتها، ثم تراهم آخر النهار يجلسون أمام شاشات جهازهم الذي يبلغ قيمته آلاف الدولارات، وخلفهم سرير نومهم الملوكي، ليكتبون رأيهم بما يحدث، ويؤكدون أنه لو لم يحدث ما حدث لماتت كرامتنا!!