حميد قرمان
أمد/ لجأت حركة حماس إلى أعلى المستويات السياسية القطرية لإقناع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بفتح أبواب الحوار بينهما. حوار من شأنه بحث مسألة دخول الحركة إلى منظمة التحرير الفلسطينية وفقا للبرنامج السياسي للمنظمة واتفاقياتها المبرمة، إدراكا منها لمأزقها بانهيار قدرة وسيطرة عناصرها على قطاع غزة، واشتداد الحصار السياسي والخناق المالي اللذين فُرضا عليها على المستويين الإقليمي والدولي، وتقلص الدعم الإيراني الذي تراجع مؤخرا بسبب الضربات العسكرية الأميركية، مما دفع بوزير خارجية إيران إلى نصح قيادة حماس بالنجاة والقفز من سفينة غزة الغارقة في زيارته الأخيرة إلى الدوحة.
حركة حماس بعد بيان قصور رؤيتها السياسية في التعاطي مع تداعيات السابع من أكتوبر، خاصة بعد فشل ترويج وثيقتها المسماة: هذه روايتنا.. لماذا طوفان الأقصى؟
قرأت ما يجري حاليا على المشهد الإقليمي والدولي من حراك سياسي ودبلوماسي بقيادة المملكة العربية السعودية للحد مما يجري داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو يشمل عناوين؛ وقف الحرب وتشكيل حكومة تكنوقراط مدعومة دوليا، وإعادة إعمار القطاع، لذلك سارعت الحركة ومن خلال أعلى مستوى سياسي قطري لتقديم ورقتين للرئيس الفلسطيني؛ حكومة التكنوقراط المَنْوِي تشكيلها برئاسة محمد مصطفى، وملف إعادة إعمار القطاع دون تدخل الحركة أو المشاركة بها مقابل دخول منظمة التحرير.
مجددا، تسعى المسارات المبذولة لدمج ما يتم من تحركات دبلوماسية عربية ودولية بقيادة المملكة العربية السعودية بتطابق فلسطيني داخلي يحقق نوعا من الأرضية المشتركة بين فصائل وشخصيات فلسطينية قائمة على أسس وطنية ثابتة.
هذه الأسس يجب أن تتضمن روية سياسية مستمدة من اتفاق أوسلو قائمة على حل الدولتين من خلال تثبيت مفاهيم وأركان الدولة الفلسطينية بحدودها المتوافق عليها دوليا بنظام سياسي واحد وسلاح أمني واحد، تخضع فيه قرارات السلم والحرب لمرجعية منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها التي يختار ممثليها الشعب الفلسطيني في استكمال لممارسته الديمقراطية كشعب متحضر متجذر في أرضه المحتلة التي يسعى لتحريرها من أطول وأبشع احتلال معاصر، بعيدا عن أجندات إقليمية أو مصالح حزبية ضيقة.
ما سبق لن يتحقق مساره إلا بمحاسبة حركة حماس أولا على نهجها وممارساتها منذ انقلابها الدموي عام 2007 ومرورا بكل الحروب التي خاضتها، والتي توجتها مؤخرا بمغامرة “طوفان الأقصى”، والتي جلبت الويلات على الشعب الفلسطيني بسبب بنائها على حسابات وتصورات خاطئة، فالحركة لم تستطع إلى الآن تحقيق أي شعار من شعاراتها المعلنة، ولم تتمكن من فرض وقف الحرب المستمرة بل خسرت أجزاء من أراضي القطاع بعد أن دمرت بنيته التحتية، ولم تنهَر حكومة اليمين الإسرائيلي بل ما زالت متماسكة تناطح على جميع الجبهات، ولم يتحقق الضغط الدولي لوقف الإبادة بل بقي على وتيرته المعتادة في دعم الكيان، أما دعم المحور الإيراني فهو في ضمور مستمر بل أصبحت أدواته تبحث عن مصالحها بعقد تسويات سياسية مع الاحتلال والولايات المتحدة، حتى الجماهيرية العربية التي عولت عليها الحركة بدأت تنفضّ من حولها وأضحت الأصوات ترتفع في الشوارع العربية والفلسطينية بضرورة محاسبة حماس.