معتز خليل
أمد/ أثارت صور المبالغ المالية الضخمة التي ضبطها جيش الاحتلال في أنفاق حماس، إحباطا وغضبا كبيرا في كل مكان.
هذا الاستنتاج يمكن قراءته تزامنا مع الكثير من الأصوات الغاضبة في غزة ، هذه الأصوات التي تعاني من التجاهل الدولي والقصف المتواصل على غزة والجوع والعطش الذي ينهش الجسد الفلسطيني الذي يعاني في غزة ، وتقريبا لا أسمع من الأصدقاء إلا صوت البكاء والحزن والألم على ما يجري.
كل هذا يأتي مع استغلال الاحتلال للصورة الصحفية الصادرة من القطاع بصورة لافتة وبشكل مريب. بالطبع فإن الحرب الإسرائيلية على غزة هي ليست بالحرب التي يحارب فيها فقط المقاتلين من وحدات الغولاني أو يامام او غيرها من وحدات الجيش ، ولكن هناك وحدات متعددة لها أهداف أخرى باتت واضحة الآن.
تحليل الصورة
الصور الصحفية القادمة من غزة ذات الطابع الانفرادي لإسرائيل التي تمنع دخول الصحفيين الأجانب للقطاع ، عرضت آلاف الدولارات والشيكلات مثلا منسوب حيازتها لرئيس حركة حماس في عزة يحيى السنوار ، بالطبع دفع هذا بالكثيرين في شتى أنحاء القطاع ومعهم الآلاف من المسلمين في بريطانيا وماليزيا وغيرهم ممن يتبرعون للشعب الفلسطيني وللأقصى يتساءلون …هل تصل هذه المساعدات المالية والإنسانية لأبناء الشعب الفلسطيني ، أم أن حركة حماس آخذتها ليستولي عليها هذا الاحتلال الملعون؟
من هنا فإن ما يجري ولا يزال يجري في غزة يفرض عدد من التساؤلات المهمة وهي:
1- هل من مصلحة الشعب الفلسطيني الآن استمرار الانقسام؟
2- هل من الواجب الوطني أن تظل السلطة ممنوعة من العمل في مناطق غزة؟
3- ألا يتفق معي الجميع أن الحاجة باتت حاليا ماسة لــ”سلطة” الدولة بدلا من “سلطة” الحركة؟
بالتأكيد ما يجري حاليا في غزة يمثل رسالة لها كثير من الدلالات الاستراتيجية المهمة ، ومنها أن الفردية في التعاطي الفلسطيني مع القضايا الحرجة باتت أمر غير مقبول ، ومعيب في ظل تداعيات الموقف السياسي الحالي.
اعتقادي شخصيا أن العدوان على غزة منذ اللحظة الأولى له ، بداية من :
1- انطلاق عملية طوفان الأقصى
2- ثم الهجوم الإسرائيلي على غزة
3- ثم ما تلا ذلك من مآسي وعروض لصور عسكرية وإنسانية لحركة حماس
4- ثم العناد الإسرائيلي في مواجهة العالم ،وما ينقل عن وجود خلافات استراتيجية حاليا بين الولايات المتحدة وإسرائيل
5- وقف عمل الهيئات الدولية بدعوى مشاركة مسلحين فلسطينيين في عملها (الأونروا نموذجا)
6- تواصل الدعم الدولي لإسرائيل على مختلف الجبهات
7- الدعم الذي يقدمه الشارع الغربي للقضية الفلسطينية
جميع ما سبق يشير ويؤكد إلى أن ما جرى ويجري بالمستقبل جميعها فصول من دروس يجب علينا التعلم منها والاستفادة من خطورة الوضع القائم حاليا في ظل التفاعلات الإقليمية من حولنا.
وفي ورقة بحثية قدمتها واحدة من الجمعيات الغربية بشأن التطورات السياسية الجارية في قطاع غزة ، كان لافتا أن جميع قوى العالم تتحدث عن مصير غزة عقب انتهاء عمليات الاحتلال ، دون تصريح رسمي أو موقف فصائلي رسمي يتحدث عن هذه النقطة ، صحيح أن السلطة قامت وتقوم بالكثير للتصدي لهذا الاحتلال والضربات الجنونية ضد غزة التي محيت تماما ، وصحيح أيضا أن قيادات في السلطة قالت صراحة أن حساب أي خطوة تتعلق بعملية طوفان الأقصى يجب أن يكون بعد انتهاء هذا العدوان ، إلا أن الموقف السياسي الحالي بالفعل يحمل في مضامينه الكثير من الإنذارات التي يجب أن يحذر منها الشعب الفلسطيني الصامد دوما.
وفذ ظل كل هذا بات من الواضح أن هناك خلل عربي في تقديم الدعم للفلسطينيين ، هنا بالطبع أن لا أتحدث عن الشارع العربي ، ولكن عن الزعامات العربية.
صحيح أن جميع الدول العربية كان لها موقفا مشرفا داعما للقضية الفلسطينية الحالية وهبت الكثير من هذه الدول بإرسال المعونات ، ولكن مثلا ظلت العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل على حالها، وظلت الحدود مغلقة في وجه الشعب الفلسطيني ، وظل قدوم الفلسطينيين إلى أي دولة بمثابة ورقة سياسية يستخدمها هذا الزعيم العربي أو هذا القائد لهذا الحزب من أجل تحقيق مطامعه السياسية ، وتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب، دون زدنى تحرك فعلي على الأرض .
ومهما كانت التحديات الحالية ، يجب الانتباه لأن القادم من المستقبل أكبر وأدق وأخطر كثيرا .