د. عبد القادر فارس
أمد/ زمان كنا نتغنى بوطننا العربي الكبير ، وانشدنا ” بلاد العرب أوطاني ” ، وعالمنا العربي يمتد من الخليج الثائر إلى المحيط الهادر ، إلى أن جاء الاختبار الأول خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 1982 ، واحتلال أول عاصمة عربية (بيروت) وإخراج قوات الثورة الفلسطينية ، وتُركنا وحدنا دون سندنا وظهيرنا العربي ، ليصدح ويصرخ شاعرنا الراحل محمود درويش بالقول ” هذا الشئ الممتد من الماء إلى الماء ، لا هو وطن ، ولا هو خريطة ” ، وها نحن نعيش الاختبار الثاني في حرب الإبادة التي يشنها العدو الصهيوني على قطاع غزة ، حيث القتل اليومي الذي وصل لأكثر من ثلاثين ألف شهيد ، ونحو ألف مفقود تحت دمار المنازل والأنقاض ، ونحو سبعين ألف جريح ومصاب ومعاق ، ونزوج وهجرة أكثر من مليون مواطن ، من شمال القطاع إلى جنوبه في رفح التي تنتظر المزيد من المجازر ، وسط ما يعيشة الشمال ومدينة غزة من مجاعة ، بعد أن نفذ لدى الأهالي هناك، حتى علف الحيوانات الذي طحنوه وأكلوه.
في غزة اليوم الموت جوعاً ، الموت عطشاً ، الموت قصفاً بصواريخ الطائرات ، وقذائف الدبابات ، الموت قنصاً برصاص البنادق ، الموت برداً ، الموت مرضاً ، الموت قهراً .
واليوم تستخدم الولايات المتحدة الأميركية ” الفيتو ” لإفشال مشروع قرار قدمته الجزائر الشقيقة لمجلس الأمن الدولي لوقف إطلاق النار في غزة ، تأكيدا على مشاركة واشنطن لتل أبيب في العدوان والمجازر، وحرب التشريد والتجويع والتهجير ، وكل أشكال التكيل والإذلال التي شاهدناها عبر الفضائيات وشاشات التلفاز للمعتقلين والأسرى الفلسطينيين ، بمن فيهم الفتيات والنساء ، التي كشفت منظمات حقوق الإنسان ، أنهن تعرضن للاغتصاب ، وتعريتهن داخل السجون أمام الحراس وجنود الاحتلال.
فيا أيها ” الأشقاء ” العرب ، ألا تشاهدون ، أفلا تسمعون ، أما فيكم نخوة لإنقاذ أكثر من مليوني فلسطيني يبادون في غزة ، ألم تهزكم مشاهد قتل الأطفال ، او بقائهم ايتاماً ، بعد أن تم قتل آبائهم وأمهاتهم وعائلاتهم .
ألا يستحق كل ذلك موقفا من العدوان الإسرائيلي – الأميركي ، ولكن كيف يمكنكم أن تتخذوا موقفا ، وأميركا تحكمها إسرائيل ، من خلال اللوبي اليهودي – الصهيوني ، الذي يتحكم في المال والإعلام ، ويتحكم في مجلسي الشيوخ والنواب ، والتأثير في انتخاب الرئيس ، بينما أميركا تحكم معظم بلدان العرب من خلال قواعدها التي تنتشر مثل ” الفطر ” أو ” الفقع ” في أرض دولنا العربية : في قطر حيث أكبر القواعد الأميركية في ” السيلية ” و ” العيديد ” ، وفي البحرين حيث قاعدة الأسطول الخامس الأميركي ، وفي السعودية حيث قاعدة الظهران العسكرية ، وكذلك القواعد العسكرية الأميركية في الكويت ، وفي سلطنة عُمان ، وقاعدة الأزرق في الأردن ، والوجود العسكري للاحتلال الأميركي في سوريا والعراق ، وصولا إلى أقصى مغربنا العربي في المملكة المغربية.
وكما بداتُ بقول لشاعرنا الكبير الراحل محمود درويش ، سأختم بفقرة من قصيدته ” سقط القناع ” : لا إخوة لك يا أخي ، لا أصدقاء يا صديقي ،لا القلاع ، لا الماء عندك ولا السماء ولا الدماء .