أمد/
رام الله : دعا مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" الاتحاد الأوروبي ودوله إلى ضرورة مغادرة التصريحات السياسية الخجولة ،والانتقال إلى ترجمة التصريحات التي تصدر عن المسؤولين الأوروبيين الخاصة بالقضية الفلسطينية ، وبالعدوان الذي يشنه الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني لا سيما في قطاع غزة ، إلى مواقف سياسية وأفعّال على الأرض ، وذلك للضغط على حكومة الاحتلال وإجبارها على وقف العدوان وجرائم الإبادة وجرائم الحرب التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، وإلى الاعتراف بدولة فلسطين ، كدولة كاملة السيادة ، وبالقدس عاصمة لها ، تلك الجرائم التي تنتهك ميثاق الأمم المتحدة وللمبادئ السامية التي نص عليها، وقال المركز أن دول الاتحاد الأوروبي هي أعضاء أصيلة في الأمم المتحدة وموقعة على ميثاقها بل وإن بعضها كان من المؤسسين لهيئة الأمم المتحدة ومن المشاركين في صياغة ميثاقها الذي أكد بكل وضوح على حماية الأمن والسلم الدولي وإخراج البشرية من أتون الحرب والدمار والمجازر والأهوال التي تسببت بها الحرب العالمية الثانية، إذ جاء تأسيس تلك المنظمة بعد فشل عصبة الأمم في المحافظة على الأمن والسلام الدوليين وحماية الشعوب من ويلات ومآسي الحرب والعدوان.
وطالب مركز "شمس" دول الاتحاد الأوروبي بضرورة احترام إعلان البندقية للعام 1980م الذي اعترفت فيه الدول الأوروبية بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره والحق في العدالة لجميع شعوب منطقة الشرق الأوسط بما فيها الشعب الفلسطيني، والذي أكد على ترسيم الحدود وبناء السلام وحق الفلسطينيين في الوصول إلى القدس، وعلى إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال أن تنهي احتلالها للأراضي الفلسطينية المحتلة والذي يستمر منذ العام 1967م، وأكدت الدول الأوروبية في حينه على ضرورة تنفيذ هذا الإعلان حتى لو تطلب الأمر استخدام القوة لذلك، وكان الموقف الفرنسي حاضراً بقوة وداعماً لإقرار هذا الإعلان وداعماً لمشاركة منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي للشعب الفلسطيني في أي تحرك سياسي والحوار معها والاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وأكد أن الدول الأوروبية سوف تتواصل مع دول الشرق الأوسط لتنفيذ هذا الإعلان.
كما وشدد مركز "شمس" على ضرورة قيام الاتحاد الأوروبي بالانحياز للقانون الدولي وقيم الحق والعدالة والحرية وقرارات الأمم المتحدة وخاصة القرار (181) المؤرخ في 29/11/1947م والذي ينص بكل وضوح على قيام دولة عربية في فلسطين، إذ أن غالبية الدول الأوروبية أيدت هذه القرار في حينه، وكان الاتحاد الأوروبي داعماً وحاضراً بصفة مراقب في اتفاقية أوسلو الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة الاحتلال الإسرائيلي في 13/9/1993م، ولكن رغم كل ذلك لازلت حكومة الاحتلال تتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني وللقرارات الدولية وللاتفاقيات الموقعة، بل واتخذت خطوات أحادية الجانب وارتكبت المزيد من الانتهاكات والجرائم بحق الشعب الفلسطيني والتي تمثلت في المجازر بحق المدنيين واستمرار مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات وعربدة المستوطنين واعتداءاتهم اليومية وهدم البيوت وتقطيع أواصر الضفة الغربية ومنع الحركة وقتل المدنيين وحملات الاعتقالات المستمرة والتي ازدادت بأضعاف مضاعفة بعد توقيع اتفاق أوسلو عن ما كان الوضع عليه قبل توقيع ذلك الاتفاق منذ الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية في العام 1967م.
كما وأكد مركز "شمس" على ضرورة استقلالية وسيادة القرار السياسي الأوروبي والدور المركزي والمحوري الذي يجب أن يلعبه الاتحاد الأوروبي ككتلة سياسية واقتصادية عالمية وازنة ومؤثرة، بمواقف متوازنة ومستقلة وغير ملحقة أو تابعة أو تدور في فلك السياسة الأمريكية، وقال المركز أن الاحتكار الأمريكي للدور السياسي في القضية الفلسطينية غير منصف للاتحاد الأوروبي نظراً لدوره التاريخي والسياسي المحوري المؤثر في النهضة الفكرية والسياسية والأيديولوجية العالمية، وأن انحسار الموقف الأوروبي في التدخل الاقتصادي انعكس سلباً على الحضور الأوروبي على المسرح الدولي وعلى التأثير في القضايا السياسية الدولية، وافقده التوازن في العلاقات الدولية وجعل النظام العالمي يتحرك حسب ما تمليه السياسة الخارجية الأمريكية في ظل نظام عالمي أحادي القطبية تشكل بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في العام 1991م.
وقال مركز "شمس" أن دول الاتحاد الأوروبي هي من أولى الدول في العالم التي وقعت على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان دون تحفظ وعلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وعلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إذ أن العهدين أكدا على حق جميع الشعوب في تقرير مصيرها ومركزها السياسي والسعي لتحقيق نمائها الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، وهي بذلك ملزمة بالدفع نحو حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وحقه في دولته المستقلة كغيره من شعوب العالم، كما أن دول الاتحاد الأوروبي موقعة على اتفاقية روما التي شكلت النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، تلك الاتفاقية التي وقعت في عاصمة أوروبية، إذ كان الاتحاد الأوربي هو الحاضن لهذه الاتفاقية، والتي عرفت الجرائم وقسمت أنواعها إلى أربعة أنواع، وهي: جريمة الإبادة وجريمة الحرب وجريمة ضد الإنسانية وجريمة العدوان، وبذلك فإن كل ما تقوم به إسرائيل كسلطة قائمة بالاحتلال من أعمال عدوانية بحق الشعب الفلسطيني يندرج تحت تلك الجرائم.
كما وأكد مركز "شمس" على أن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني منذ 7/10/2023م من أعمال إبادة وتطهير عرقي وتهجير قسري واستهداف للمدنيين وخاصة الأطفال والنساء وتدمير للأعيان المدنية وخاصة المستشفيات والمراكز الطبية وحملات اعتقالات في قطاع غزة والضفة الغربية، يذكرنا بأعمال الأنظمة الفاشية في الحرب العالمية الثانية والتي دفعت البشرية ثمناً كبيراً لها، وتوحدت جهود دول العالم لمنع تكرار تلك المأساة البشرية في تلك الفترة. وقد بلغ عدد الشهداء في قطاع غزة حوالي (29) ألف شهيد وعدد الجرحى حوالي (69) ألف جريح والمفقودين حوالي (8000) مفقود، إضافة إلى حوالي (1.5) مليون نازح داخل قطاع غزة، وتدمير للبيوت والبنية التحتية والمواقع الأثرية ودور العبادة، وفي الضفة بلغ عدد الشهداء حوالي (399) شهيد والجرحى حوالي (4500) جريح والأسرى حوالي (7100) أسير.
وقال مركز "شمس" أن على دول العالم وحكومات دول الاتحاد الأوروبي أن تقف أمام حرب الإبادة التي تشنها حكومة الاحتلال على الشعب الفلسطيني ، تلك الإبادة التي تشكل انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي الإنساني وللقانون الدولي لحقوق الإنسان، لاسيما للمادة رقم (16) من اتفاقية جنيف الرابعة المؤرخة في 12/8/1948م والتي تنص على (يكون للجرحى والمرضى والعجزة والحوامل موضع حماية واحترام خاصين، ويسهل كل طرف من أطراف النزاع إجراءات البحث عن القتلى والجرحى وغيرهم من الأشخاص المعرضين لخطر كبير)، وانتهاك للمادة رقم (17) من نفس الاتفاقية والتي تنص على ( أن يعمل أطراف النزاع على إقرار ترتيبات محلية لنقل الجرحى والمرضى والعجزة والمسنين والأطفال والنساء من المناطق المحاصرة أو المطوقة والسماح بمرور أفراد الخدمات الطبية الى هذه المناطق)، وانتهاك للمادة رقم (18) من نفس الاتفاقية والتي تنص على ( لا يجوز باي حال من الأحوال الهجوم على المستشفيات المدنية المنظمة لتقديم الرعاية للجرحى والمرضى والعجزة والنساء، وعلى أطراف النزاع احترامها وحمايتها في جميع الأوقات)، وانتهاك للمادة رقم (19) من اتفاقية جنيف الأولى لسنة 1949م والتي تنص (لا يجوز بأي حال الهجوم على الوحدات والمنشآت الطبية الثابتة والوحدات المتحركة التابعة للخدمات الطبية، بل تحترم وتحمى في جميع الأوقات بواسطة أطراف النزاع).
كما وأشاد مركز "شمس" بمواقف بعض دول الاتحاد الأوروبي الداعمة والمناصرة لحقوق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وأن الشعب الفلسطيني أسوةً بكل شعوب الأرض من حقه أن يكون له دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني، إذ أن كافة المقومات السياسية والديمغرافية والتاريخية والثقافية والجغرافية والبينة المؤسساتية والتنظيمية متوفرة وحاضرة لكي يكون هناك دولة فلسطينية ذات سيادة ومعترف بها دولياً.