حميد قرمان
أمد/ أجمعت أطراف إقليمية ودولية على أن نتائج الحرب الدائرة حاليا في قطاع غزة يجب أن تصب وجوبا سياسيا نحو اعتراف أممي متكامل بدولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو – حزيران عام 1967.
هذا الإجماع قابله بنيامين نتنياهو وزمرته اليمينية المتطرفة بإعلان سريع رافض لأي إجراء دولي أحادي الجانب للاعتراف بدولة فلسطينية، استمرارا لنهج سياسي رسخه نتنياهو خلال سنوات حكمه الممتدة منذ عقد ونصف، مما يتطلب في المقابل رؤية سياسية فلسطينية موحدة تحقق المتطلبات الدولية التي تسهم في فرض حل للقضية الفلسطينية، وهو ما يمكن إحرازه من خلال الدعوة الروسية للفصائل الفلسطينية كافة لعقد محادثات نهاية شهر فبراير – شباط الجاري في العاصمة موسكو.
محادثات الفصائل الفلسطينية المنتظرة هي الأولى من نوعها منذ الحرب على قطاع غزة، لذلك يجب أن تلتقط فرصة الإجماع الدولي الدافع نحو الاعتراف بدولة فلسطينية من خلال تقديم مقاربة سياسية فلسطينية منطلقة من اتفاقية أوسلو وملحقاتها، تعزز الكيانية السياسية الفلسطينية كخارطة طريق متفق عليها مع ما يجري من خطوات دبلوماسية رديفة بقيادة المملكة العربية السعودية.
خارطة طريق فلسطينية تجمع على عناوين سياسية محددة أولها؛ أن الشعب الفلسطيني يحتاج إلى مواقف تفاوضية عقلانية مقبولة دوليا لإنهاء الحرب الدائرة تقطع الطريق أمام المخططات اليمينية المتطرفة بقيادة نتنياهو والتي تهدف بالنهاية إلى تهجير الفلسطينيين خارج القطاع، فلا يعقل أن يبقى مصير أكثر من مليوني فلسطيني مرهونا بمئة وخمسين أسيرا إسرائيليا، فالدم الفلسطيني أثمن من الرهان على مشاهد كرنفالية تبحث من خلالها حماس عن شعبية بصفقة تبادل أصبح لا معنى لها.
العنوان الثاني؛ التأكيد على الجهود الدبلوماسية الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس الذي ما زال يحظى بدعم دولي، خاصة في ما يتعلق بتشكيل حكومة تكنوقراط ذات مرجعية منظمة التحرير، معنية بإدارة كافة الملفات في الضفة الغربية وقطاع غزة لتوحيدهما تحت سلطة واحدة وسلاح واحد، بفترة انتقالية تفضي بعد ذلك إلى انتخابات عامة فلسطينية يحدد بها الشعب الفلسطيني نهجه السياسي والاقتصادي.
العنوان الثالث؛ إعلان تأكيد جامع موحد من كافة الفصائل والشخصيات المستقلة الفلسطينية بتبني حل الدولتين المدعوم أمميا، والتماهي مع المتطلبات الدولية في سبيل تثبيت اتفاقية أوسلو التي ما زالت سارية تحكم العلاقة مع دولة الاحتلال والمجتمع الدولي، والتي من شأنها تحقيق إمكانيات سياسية واقتصادية تصب في مصلحة الشعب الفلسطيني، تحديدا في اليوم التالي للحرب على القطاع.
هذه العناوين التي يجب الانطلاق منها لأي تحرك دبلوماسي فلسطيني مدعوم بسردية سياسية تؤسس لاستمرار سبل الدعم الدولي الذي يدفع نحو الدولة الفلسطينية المستقلة بعيدا عما تسعى إليه مخططات ومآرب منظومة اليمين المتطرف الإسرائيلي أو أجندات إقليمية أثبتت فشلها وزيفها أو حالة غوغائية شعبية عربية تتصرف وكأن انتصارا سماويا قد تحقق وهو بالحقيقة كزبد البحر لم ولن يروي طموحات الشعب الفلسطيني التي يناضل لأجلها منذ سبعة عقود وأكثر.