مفاز أحمد يوسف
أمد/ أكتب لك بحبر القلم
أما بعد
صحيح بأنك لم تعد موجودا وقد تساوت ذكرياتنا بالأرض وما عادت صورنا معلقة على جدرانك
و صوت أمي ما عاد يعلو بقراءة القرأن عند مطلع الفجر
و التلفاز الذي كان يتابع أبي من خلاله ما يجري حول العالم أُخمد للأبد
وملابس أختي شيراز التي كنا نحتفظ بها بعد موتها تلاشت من المكان
وصوت ضحكتي الذي كان يلعلع في أرجاء البيت أُخرس
وجمال مدينتنا الذي كنت آراه من الطابق ال١٣ شوَّه تماما
وجارنا الذي كان يطُّل شباكنا عليه قتل بدم بارد هو وابنه
يا بيتنا الجميل
هل تعلم بأن روحي معلقة بك
كيف لا وقد كبرنا بين جدرانك
وشهدت أنت على كثير من حبنا وفرحنا
يما بتتزكري لما كنا ننام على الروف “سطح البيت” لما تقطع الكهرب وأصير أطلع على النجوم وأعدهم وتقوليلي “ولك لا تعديهم، بلاش يطلعلك ثالول 😅”
يما بتتزكري فنجان القهوة إلَّي كنت أعمله بوجه زي ما بتحبيه وتغمضي عينيكي وتاخدي نفس طويل وتشمي ريحتها المليانة حب هان وتحكيلي “معدلة بالقهوة يما”
طيب زاكرة لما كنا نقعد ع الروف ونقشر برتقان تحت الشُمِّيسة وأقعد أخرفك عن الهند وقصصها
طيب زاكرة أثوابك إلّي كنتي تحبيهم
كنتي زي الملكة لما تلبسي ثوبنا الفلسطيني يما
وأنت يابا يا حبيبي زاكر لما كنت تقعد على الكنبة إلّي على الزاوية وتكون حاطط نظاراتك وتكتب مقالاتك
كان المكان إلّي بينزل عليك فيه “وحي الكتابة”
كنت يا سلمى بدي أسألك إزا زاكرة لما كنا نجتمع في بيتنا أنا وإياكي وبنات الجامعة ونعمل “جو” ونغني ونرقص ونضحك من قلبنا
بس إتزكرت يا سلمى إنك روحتي وراح البيت 💔
البيت قطعة من الروح
سريري..مخدتي..حِرامي..أواعيا..فنجاني..كتبي
كلهم كانوا يستنوني لما أرجع من الغربة
عارفيني بكون مشتاقة إلهم وللبيت وريحة البيت وحضن البيت
يا بيتنا يا حبيبي
بكتبلك اليوم والدمعة على خدي
آسفة إني ما أخذتلك صورة قبل ما تنهدم
كنت مفكرة هنكبر ونختير فيك
بس والله كل تفاصيلك محفورة بقلبي قبل عقلي
بحبك يا بيتنا
وبحب الآمان إلّي كنت بشعر فيه وأنا بين حيطانك
كنت الحضن إلّي برجعله كل ما أتعبتني الغربة
ولا تقلق..والله حكيت لأولادي عرفات ووطن وإيليا عن بيت سيدهم وستهم وقولتلهم قديش كان دافي وحنون وإطلالته بترد الروح
وقولتلهم إني مشتاقة أرجع على غزة وأشوفك وأحضن حيطانك إلّي صارت ركام وأدور بينهم يمكن يمكن ألاقي حاجة أخليها معي..ذكرى منك
يا بيتنا والله إنك ما بتتعوض والله ما بتتعوض والله ما بتتعوض
بحبك كثير
من محبتك إلَّي هتشتاقلك دايما وابداً ..