حسام خضرا
أمد/ منذ صبيحة السابع من أكتوبر وقبل أن تبدأ دولة الاحتلال بالتخطيط للحرب الشاملة للقضاء على حركة حماس وضعت هدفاً ثابتاً وهو القضاء على زعيم الحركة في قطاع غزة يحيى السنوار، لكن الأخير تبخر كأنه لم يكن ولا معلومات تفيد حتى اللحظة بما إذا كان يختبئ في قاع الأرض أو كما تقول الأخبار مؤخراً بأنه دخل إلى الأراضي المصرية برفقة قيادة الحركة بطريقة مجهولة أو أنه ربما لقي مصيراً مجهولاً ستكشفه الأيام المقبلة أو ربما يبقى الأمر في طي الكتمان.
لكن وحتى هذه اللحظة التي أكتب بها مقالي هذا فإن السنوار بات أكثر المطلوبين شهرة في الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي فإسرائيل تبحث عنه لهدف القضاء عليه واجتثاث سلطته من قطاع غزة، فيما يبحث الغزيون عنه وعلى وجوههم الكثير من علامات الاستفهام حول مدى قصور تفكيره واضمحلال عقليته التي ربما تأثرت بسنوات السجن التي قضاها قبل أن يصل إلى سدة الحكم دون الخضوع إلى أي تأهيل نفسي لتقليص فرق السنوات والأجيال والتفكير بين تلك المدة التي قضاها داخل الزنازين وبين حياة السكان في قطاع غزة خلال السنوات الأخيرة خاصة وأن الكثير من تصريحاته قبل السابع من أكتوبر كانت تدل على عقلية ساذجة تعاني الكثير من القصور السياسي.
لكن وفي جميع الأحوال.. أين تبخر يحيى السنوار؟ وهل برعت حماس في ابتكار أساليب جديدة في التخفي على مدار السنوات الماضية لتفادي مصير قيادات جماعة الإخوان المسلمين في مصر والذين كانوا يفضلون النقاب أو إزالة اللحية والسكن في المناطق المكتظة بالسكان داخل مساكن تعود لأشخاص يعيشون خارج مصر، أم ما زالت الحركة تحتفظ بابتكاراتها في التخفي كما اتضح من المقاطع المصورة التي تم نشرها بعد صفقة شاليط حيث أن الحركة دائماً ما تبحث عن مناطق ربما لا يمكن توقعها خاصة وأن المقاطع المصورة أصبحت لغة جيدة تدغدغ بها الحركة مشاعر مناصريها في جميع أنحاء العالم للوصول إلى نشوة الاعتراف بذكاء قيادة حماس في التخفي رغم اقتراب جنود الاحتلال منهم في كثير من الأحيان دون الوصول إليهم.
إن ما يثار هذه الأيام عن اختباء قيادات حركة حماس داخل الأراضي المصرية يعتبر بالنسبة لي تصريحات غير عقلانية خاصة وأن الجيش المصري وإن كان يغمض عينيه عن الكثير من الأشياء، إلا أنه يعلم كل شاردة وواردة في المناطق الخاصة بالتهريب ومن خلال أداء الجانب المصري على معبر رفح بالنسبة للمسافرين وبعد كل تلك القصص التي سمعناها عن رفض السفر لعشرات الأشخاص لمجرد ارتباط أسمائهم بالحركة يعتبر دليلاً كافياً على أن مصر لن تسمح بوجود السنوار وقيادة حماس داخل أراضيها خاصة أن مصر وإن كانت تستقبل قيادات الحركة هذه الأيام إلا أنها لم تنسى ارتباط اسم الحركة بالعديد من الجماعات الإرهابية داخل سيناء خلال السنوات الماضية بل وإن مصر ربما ستكون أكثر الأطراف فرحاً إذا ما انتهت سلطة حماس في غزة.
لكن أين يكون السنوار وكيف يفكر قادة حماس في مثل هذه المواقف.؟ بالنسبة لي فإن حركة حماس نجحت بشكل كبير في صناعة الأشياء التي لا يتوقعها أحد، فربما تجد السنوار جالساً الآن في إحدى الخيام مع عائلة لا تمت للحركة بصلة، بل وربما يكون هو الجالس في سرير المصاب تغطي الحروق الوهمية كل أنحاء جسده، وربما يشرب الآن الشاي برفقة مجموعة من النخبة الوهمية التي تنتمي للحركة سراً دون أن يكون هناك ارتباط مباشر بينهم وبين المجموعات العاملة داخل الحركة.
ولا أذيع سراً حين أنسب الفضل بكل هذه القدرات على التخفي والاختباء لقائد الجناح العسكري للحركة محمد الضيف، فالضيف ممثل بارع ومسرحي كبير ولو أتيحت له الفرصة للاحتراف حين كان يمثل على خشبة المسرح في الثمانينات والتسعينات لكان لدينا الآن ربما عادل إمام فلسطيني لكنه اختار الطريق الذي رآه مناسباً لشخصيته داخل دهاليز حركة حماس ليعطي لهم دروساً في فنون التشخيص والتمثيل والتقمص والابتكار.