أمد/ كتب حسن عصفور/ لم يعد هناك كثيرا من الأوصاف التي لم تستخدم بكل اللغات العالمية لوصف ما يعيشه أهل قطاع غزة، من نكبة لكارثة لجريمة لمأساة لحياة لا مثيل لها في عالمنا المعاصر..يبحثون لقمة خبر وكيس طحين، يشقون ساعات من أجل بعض ماء، أطفال نطقت قبل الآوان تروي ما تراه، بعضهم نادى بشي يأكلون غير “أعلاف الحيوانات”…
كل المؤسسات ذات الصلة بالحياة كتبت تقارير لتصف “أم الكوارث”، لم ترى لها مثيلا على مدى العصور، أصابت بعض المستعمرين بسهامها فيما تمسحت جلود النازيين في الإدارة الأمريكية ودولة الفاشية اليهودية.
بعد 141 يوما، فقد قطاع غزة مقومات “الحياة الإنسانية البدائية”، وليس تلك التي كانت شبيه بالحياة، يتحدث من كتبت له الحياة بقاء جريحا أو مشروع شهيد ومصاب، بأنهم يبحثون “وقتا مستقطعا” بين موت وموت، وليس بين حياة وحياة، مشاهد لم يقرأون عنها دون أن تحرك سوى بيانات أصحاب “الرفاهية السياسية”، يرطنون بلغة غريبة عن دافعي ثمن البقاء، دون البحث عن “خروج آمن”، ليطلق اللسان بما لا يصيب ما يريد أهل القطاع.
بالتأكيد، وبلا أدنى نقاش، التفاوض على الصفقة المعروضة أي كان شكلها وجوهرها ضمن واقع احتلالي كامل، لن يكون حاملا “نصرا سياسيا”، بل سيكون اعترافا سياسيا بنتائج كارثية للقضية الوطنية، من حيث الاعتراف العملي بإعادة احتلال قطاع غزة وتقسميه الى جزئين كمقدمة لمشروع صهيوني مركب، مع وضع قواعد الفصل بين جناحي بقايا الوطن، الى جانب “حركة تهجير داخلية” بها ملامح “توطين داخلي” الى حين ترتيبات لم تعد غائبة لمستقبل ظلامي.
أي صفقة في ظل ظروف المشهد الاحتلالي لقطاع غزة، وترتيبات تخدم مشروع العدو والكيان، لن تكون سوى شكل من أشكال الإقرار بكارثة سياسية كبرى، ولكن ذلك لن يكون قيدا على الذهاب للبحث في إدارة آثار الكارثة لما يمنح بقايا أهل قطاع غزة التائهين – المهجرين في أرضهم، عن طاقة ضوء خاصة يرى بها طريق الحصول على مواد باتت له “حلما من أحلام الجنة الموعودة”، لم يعد الحديث عن مكان آمن جزءا من مطالب أهل قطاع غزة، بل رغيف خبر وكاسة ماء وقطرة دواء هي الأمل والمنى الأكبر.
الصفقة التي يتم الحديث عنها، لا يجب التعامل معها من زاوية سياسية أبدا، فكل ما بها لا يتوافق بالحد الأدنى مع الوطنية الفلسطينية، لكنها صفقة لا بد منها، وكل تأخير فيها يزيد الكارثة كارثة أكبر، ويزيد منسوب السواد الإنساني لمن يدفع الثمن، بعيدا عن لغة الترنح التي تبحث شعبوية باتت مملة الى حد القرف، كأنهم يريدونه مستمرا ليستمروا في “بعبعة الكلام”.
والسؤال، هل رفض الصفقة سيكون فرصة لصفقة أفضل، أم عكسها تماما مع خسائر مضافة، وليكن جواب السؤال مرتبط بما كان موقفا في الصفقة الأولى وما هو الآن..شروطا وواقعا، فهي المؤشر على ما سيكون فيما لو كان الرفض طريق التعامل..فالخيارات لم تعد بين جيد وأقل جودة بل بين سيء جدا وأكثر سوءا.
البحث عن “وقت مستقطع” بين موت وموت، بات ضرورة كبرى من أجل من هو “أثمن رأسمال – الإنسان”، فبدونه لا مكان لدولة ولا ثورة ولا كيان، فخسارته تعني خسارة المستقبل العام.
ملاحظة: يا ريت البعض الفلسطيني يبطل تقديم مقترحات “تسهيلية” للمخطط التدميري العام تحت باب المصلحة..مستقبل أهل فلسطين لأهل فلسطين..والأكيد الأحسن مش ممكن يكون من الأنيل أمريكيا واستعماريا..
تنويه خاص: كتر برم “حكوانجية” حماس حول الحدث الباريسي مضر فوق ما الحدث نفسه مضر..خففوا برمكم فكل برمة خارج سياقها ضرر والناس مش ناقصة ضرر..بيكفها اللي فيها!
لقراءة المقالات على الموقع الشخصي