رامز مصطفى
أمد/ معركة ملحمة طوفان القدس كشفت فيما كشفت، ليس عورة وعجز وضعف النظام الرسمي العربي وقياداته ومسؤوليه وحسب. بل ظهّرت جوانب كان المواطن العربي المغلوب على أمره بضعف أحزابه ونخبه، وانحياز قسم لا بأس منهم إلى جانب تلك الأنظمة تبعاً لمصالحهم، غائبة عنه.
جديد الأمر ما صرّح به وزير الخارجية المصري سامح شكري على هامش فعاليات “مؤتمر ميونخ للأمن” في دورته الستين، في السابع عشر من الجاري، وضمن جلسة حوارية تحت عنوان “نحو الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط”. وفي معرض رده على سؤال وجهته له درة تاج الموساد الصهيوني ورئيسة وزراء حكومة الكيان الصهيوني السابقة “تسيبي ليفني” حول حماس والإجماع الفلسطيني؟ ردّ شكري كاشفاً حقيقة موقف حكومته من حماس بأنها “من خارج الأغلبية المقبولة للشعب والسلطة الفلسطينية”، وأضاف بأنّ “هناك استحالة السلام في ظل وجود حماس. وهي ترفض التنازل عن دعم العنف والاعتراف بإسرائيل”. وتابع وزير خارجية أكبر شقيقة عربية “يجب أن يكون هناك محاسبة حول تمكين حماس في غزة، وتمويلها في القطاع لتعزيز الانقسام بين الحركة والتيار الرئيسي للكيانات الفلسطينية الأخرى صانعة السلام، سواء كانت السلطة أو منظمة التحرير”.
أسئلة كثيرة تواردت إلى الذهنِ على عجل بعد نشر وسائل الإعلام للتصريح القنبلة في هذا التوقيت الخطير والخطير جداً، على وقعِ ما يشهده قطاع غزة من حرب إبادة جماعية يتعرض لها الشعب الفلسطيني على مدار ما يزيد عن 140 يوماً. أينَ تكمن مصلحة الشقيقة الكبرى مصر في هكذا تصريح؟ وهل ما ورد على لسان الوزير شكري زلة لسان؟ هل جاء الكلام في معرض تظهير للخلاف بين حماس ومصر حول متطلبات الهدنة وصفقة التبادل؟ وهل هي مقدمة لما يُسرّب في وسائل الإعلام عن وجود خطة متدرجة لنقل جزء كبير من أبناء القطاع النازحين في رفح إلى سيناء؟ وهل جاءت في إطار التناغم بين نتنياهو الذي صرّح بأنه جاهز لتغيير خطنه بما يتعلق برفح، إذا عدّلت حماس من مواقفها؟ وهل جزء مما يُمارس على حماس ضغوط لتليين موقفها من الهدنة. وهي التي تصر مدعومة من فصائل المقاومة، أنّ أي حل مدخله وأساسه وقف العدوان وانسحاب جيس الاحتلال من القطاع بالكامل؟ وهل لزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى مصر مؤخراً علاقة في مكان ما؟ وأخيراً، هل لتصريح سامح شكري علاقة بالحوار الذي ستشهده موسكو أواخر الشهر الجاري بين الفصائل الفلسطينية. والرسالة المنوي إيصالها لرئيس السلطة السيد محمود عباس، أننا نقف إلى جانب موقفك الداعي حماس، إذا ما أرادت أن تكون جزءً من منظمة التحرير عليها الالتزام ببرنامجها السياسي الذي يقع في أولوياته الاعتراف بالكيان الصهيوني، وبقرارات الشرعية الدولية، وبالمقاومة الشعبية السلمية، وأخيراً، بأنّ قرار الحرب والسلم بيد السلطة دون سواها.
كيفما جاءت الإجابات على مجموع تلك الأسئلة، فجميعها يؤدي إلى طاحون واحد، هو شيطنة المقاومة بعنوان حماس بهدف القضاء عليها أولاً، وتبرئة نتنياهو وحكومته الفاشية، وجنرالاته وجنوده القتلة، مما ارتكبوه ويرتكبونه من حرب إبادة جماعية بحق شعبنا الفلسطيني ثانياً. وأخيراً سؤال برسم السيد الوزير شكري الذي نطقَ بما نطق به من كفر. طالما أنّ حماس ليست مقبولة من الشعب الفلسطيني، وليست جزءً من حالة الإجماع، وتُشجع على استمرار العنف، لماذا تقيمون العلاقات وتنسقون معها؟، ولماذا استقبلتم رئيس مكتبها السياسي السيد إسماعيل هنية قبل أيام قليلة في القاهرة؟”.