أمد/ واشنطن: قال الجيش الإسرائيلي ومسؤولو الصحة في غزة إن القوات الإسرائيلية فتحت النار على مدنيين فلسطينيين في سلسلة من “الأحداث الفوضوية” التي شملت شاحنات تنقل مساعدات إلى قطاع غزة، مما يهدد بقلب مسار المفاوضات الدقيقة للتوصل إلى وقف إطلاق النار قريباً.
وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، في تقرير أن الجيش الإسرائيلي وشهود ومسؤولين فلسطينيين قدموا روايات متضاربة للحدث الذي قال مسؤولو الصحة في غزة إنه أدى إلى مقتل أكثر من 100 فلسطيني وإصابة أكثر من 700 آخرين، فيما أشار مسؤولون مصريون إلى أن مسؤولي حماس أوقفوا محادثات وقف إطلاق النار بسبب ما وصفوه “مجزرة المساعدات” الخميس.
مجزرة المساعدات
وقال مسؤولون إسرائيليون إن آلاف الفلسطينيين حاصروا نحو 30 شاحنة تحمل مساعدات إلى شمال غزة على طول الطريق الساحلي الرئيسي في حوالي الساعة 4 صباح الخميس وقال مسؤولون إسرائيليون إن العشرات قُتلوا أو أصيبوا بجروح أثناء التدافع، وبعضهم دهستهم شاحنات المساعدات.
وبعد فترة قصيرة، وعلى بعد بضع مئات من الياردات على نفس الطريق، فتحت القوات الإسرائيلية القريبة من شاحنات المساعدات النار على المدنيين الذين اقتربوا من معبر عسكري يضم دبابة وجنود مشاة، ولم يتراجعوا بعد إطلاق طلقات تحذيرية، بحسب ما قال مسؤولون إسرائيليون.
وقال متحدث عسكري إسرائيلي إنه من المحتمل أن يكون إطلاق النار أدى إلى سقوط قتلى وجرحى فيما أشار الجيش إلى أن الحادث قيد المراجعة وذكر عدة شهود إن الجنود والدبابات الإسرائيلية أطلقوا النار على أشخاص تجمعوا لانتظار تسليم المساعدات بالقرب من دوار النابلسي في شمال غزة، وقال البعض إن إطلاق النار بدأ قبل رؤية وصول شاحنات المساعدات.
وذكرت الصحيفة، يسلط الحادث الضوء على مدى خطورة توصيل المساعدات في الأيام الأخيرة مع انزلاق أجزاء من غزة إلى حالة من الفوضى بعد ما يقرب من 5 أشهر من الحرب، اختفت خلالها الشرطة العاملة تحت حكومة حماس من الشوارع.
وأصبح الفلسطينيون في غزة في حاجة ماسة إلى الغذاء مع استمرار الحرب وتباطؤ تسليم المساعدات الإنسانية إلى حد كبير كما أصيبت الجهود المبذولة لتوفير الأساسيات لسكان غزة بالشلل بسبب القيود المفروضة على تدفق المساعدات إلى القطاع، والضربات الإسرائيلية على شاحنات المساعدات، والهجمات العنيفة على عمليات توصيل المساعدات من قبل الفلسطينيين الجائعين الذين يبحثون عن الغذاء.
ضغوط دولية على إسرائيل
ويأتي هذا الحادث في الوقت الذي تجاوز فيه عدد القتلى في غزة 30 ألف شخص قتلوا منذ شنت إسرائيل حربها ضد غزة، وسط ضغوط دولية على إسرائيل لإحباط خطط مهاجمة مدينة رفح، حيث يلجأ أكثر من مليون شخص إليها فراراً من الموت وبينت الصحيفة، إلى أن إجمالي عدد القتلى من الحرب بلغ ما يعادل حوالي 1.3٪ من إجمالي سكان غزة يشمل أكثر من 12500 طفل وأكثر من 8500 امرأة، وفقاً للسلطات الصحية الفلسطينية أصيب زهاء 75000 ألفاً إصابات مختلفة.
وأوضحت الصحيفة، أنه يتعين على شاحنات المساعدات التي تدخل غزة المرور عبر نقاط التفتيش العسكرية الإسرائيلية للحصول على الموافقة، وأثناء انتظارها، لفترات طويلة في كثير من الأحيان، تتجمع حشود من الناس، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى نهب الشاحنات وكانت الأمم المتحدة اشتكت في السابق للجيش الإسرائيلي من فترات الانتظار الطويلة للشاحنات على المعابر.
ومن المرجح أن يكون عدد القتلى الفعلي أعلى من 30 ألف شخص، وفقًا لمسؤولي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الطبي وأصبح انتشال الجثث أصعب وأكثر خطورة مع تقدم الحرب، مما يزيد من صعوبة تقدير عدد الجثث التي يمكن لا تزال تحت أنقاض المباني المنهارة وتم الإبلاغ عن أن ما يقرب من 8000 من سكان غزة في عداد المفقودين.
وقال مسؤول غربي في الأمم المتحدة: “سيكون هناك الكثير من الوفيات التي لم يتم رصدها، وهذا رقم أقل بكثير”. علاوة على ذلك، من المرجح أن ترتفع الوفيات التي يمكن الوقاية منها بسبب الانهيار الفعلي لنظام الرعاية الصحية، وهي الوفيات التي لم يتم تضمينها في حصيلة الحرب.
وعادة ما تبلغ السلطات الصحية الفلسطينية عن الوفيات بناء على البيانات التي تجمعها المستشفيات. ولكن مع وجود 13 مستشفى فقط من أصل 36 مستشفى في غزة تعمل بشكل جزئي، فإن عدد الوفيات التي يتم تسجيلها من خلالها أقل مما كان عليه الحال في الأشهر السابقة للحرب.
ويقول مسؤولون إسرائيليون سراً إن عدد القتلى الفلسطينيين دقيق تقريباً، قائلين إن أكثر من ثلث القتلى كانوا من مقاتلي حماس وقالت المخابرات الأمريكية في وقت سابق إنها واثقة نسبياً من أن التقارير المتعلقة بعدد القتلى من السلطات الصحية في غزة دقيقة تقريباً.
أزمة إنسانية
ويضغط المفاوضون الأمريكيون والعرب على إسرائيل وحماس للتوصل إلى اتفاق بحلول الأسبوع المقبل من شأنه أن يخفف من الأزمة الإنسانية في غزة من خلال السماح بدخول المزيد من المساعدات ووقف القتال وإطلاق سراح الرهائن.
وواصل الوسطاء هذا الأسبوع محادثات مكثفة مع حماس وإسرائيل لسد الفجوات حول اتفاق يتضمن هدنة لمدة 40 يوماً على الأقل وتبادل حوالي 40 رهينة مع السجناء الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل و500 شاحنة مساعدات يومياً.
وبحسب الصحيفة، إحدى النقاط الشائكة الرئيسية هي الخلاف بين إسرائيل وحماس حول نسبة السجناء الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم مقابل الرهائن، وفي السابق، خلال الحرب، أطلقت إسرائيل سراح 3 أسرى فلسطينيين مقابل كل أنثى أو طفل رهينة ووفقاً لوثيقة اطلعت عليها صحيفة وول ستريت جورنال، فإن إسرائيل مستعدة لتبادل 404 فلسطينيين مقابل 40 رهينة بما في ذلك 90 سجيناً فلسطينياً، بعضهم مدان بتهم إرهابية خطيرة مقابل 5 جنديات إسرائيليات.
وقامت إسرائيل بتبادل أعداد أكبر من السجناء مقابل أفراد عسكريين عندما تم إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي المختطف جلعاد شاليط في عام 2011 بعد أكثر من 5 سنوات في الأسر، تمت مبادلته بـ1027 سجيناً فلسطينياً، بما في ذلك بعض الذين أدينوا بتنفيذ هجمات على مدنيين إسرائيليين.
وبحسب الصحيفة، هناك “حجر عثرة” آخر يتمثل في العودة المحدودة والتدريجية للفلسطينيين إلى منازلهم في شمال غزة خلال أي هدنة محتملة وقال الإسرائيليون إنهم على استعداد للسماح للنساء والأطفال بالعودة دون البالغين القادرين على حمل السلاح والقتال.