أمد/ انعكست تبعات الحرب في غزة، على الضفة الغربية، فباتت هي الأخرى في انتظار مصير الإبادة الجماعية كنوع من استمرار مسلسل الدمار والقتل الوحشي الذي تتكرر مشاهده يوميًا على أرض فلسطين.
ويبدو أن احتدام الحرب والتضييق على الأهالي وحصارهم بين شقي رحى الموت والمجاعة، أصبح واقعا في أغلب مناطق فلسطين، وقياسا على الضفة الغربية فيواصل الاحتلال الإسرائيلي هدم القرى الفلسطينية وضرب المزارعين واعتقالهم وتسوية البيوت بالأرض بل وسرقة الزيتون في محاولة لفتح جبهة جديدة للحرب في الضفة على غرار غزة.
ربما ما يبرهن على ذلك، ما قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلي بتجنيد المستوطنين كجنود احتياطيين منذ أحداث 7 أكتوبر/”تشرين الأول”، فأصبحوا يسيئون استخدام السلطة ويواصلون المضايقات ضد الفلسطينيين بل ويمارسون كل وسائل التضييق لإخراجهم من بيوتهم، وهذا يؤكد مدى وحشية خطة الاحتلال لتهويد كل شبر فلسطيني.
في الضفة الغربية، يعتبر موسم الزيتون وقتا للتوتر، فيقوم المستوطنون اليهود بمهاجمة المزراعين ويمنعونهم من قطف زيتونهم، ولم يكتفوا بذلك بل تتواصل الضغوط والتهديدات منهم خاصة المسلحين والعدائيين الذين يعيشون في بؤر استيطانية قريبة من الضفة، والتي تعتبر غير قانونية بموجب القانون الإسرائيلي والدولي.. فإلى متى ستستمر تلك الماساة؟!
واقعيا، تخشى دولة الاحتلال الإسرائيلي، إعادة إنعاش القضية الفلسطينية بعد التنديد العالمي بمجازر غزة التي ارتكبها الاحتلال دون رحمة، فقيام دولة مستقلة في الضفة الغربية يظل أحد أكبر التحديات والتخوفات التي تواجه المجتمع الإسرائيلي، لذلك فهي تقصف وتدمر وتعتقل وترهب من أجل إحباط أي مخطط لإقامة الدولة الفلسطينية ومحو القضية من الوجود!.
وكانت إسرائيل قد احتلت بعد حرب عام 1967، الضفة الغربية وقطاع غزة، ورغم انسحابها من القطاع عام 2005 الذي تسيطر عليه حماس، إلا أنها أبقت على قوات عسكرية في مدن وقرى الضفة الغربية وزادت من عمليات الاستيطان، وساعدها في ذلك الانشقاق الداخلي الفلسطيني وعدم تمكن السلطة من الوصول لتفاهمات حول وقف الاستيطان، الأمر الذي يجعل تصور حل الدولتين أو إقامة دولة مستقلة أمرا بعيد المنال!
لكن ما يعزي أمنية الفلسطينيين هو رفض الأمم المتحدة، هذا الوجود الإسرائيلي في الضفة ووصفه بالاحتلال، وقامت دول عديدة بمنع استيراد المنتجات التي تأتي من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، والتي يعيش فيها حوالي 14% من الإسرائيليين في 300 مستوطنة وبؤرة، مقابل من 3 ملايين و280 ألف نسمة من السكان الأصليين للضفة، هذا دون احتساب القدس الشرقية، التي يقطنها أكثر من 230 ألف إسرائيلي، والتي تحولت إلى سجن كبير للفلسطينيين وكومباوندات لليهود!
ورغم ذلك، مازالت تصرفات المستوطنين في الضفة الغربية تغذي بالتأكيد السياسة التي تنتهجها حكومة الاحتلال برئاسة نتنياهو لتعزيز التهويد والقضاء على كل نسل فلسطيني، كما تقف حائلا أمام أي حل للقضية الفلسطينية أو لإتمام عملية السلام التي دعت محكمة العدل الدولية إليها، بعد أن اعتبرت جميع المستوطنات بالضفة الغربية غير قانونية.. فمن يكترث؟!
الولايات المتحدة الأمريكية أدانت هي الأخرى خطة إسرائيل لبناء حوالي 3 آلاف مستوطنة في الضفة الغربية، ووصفتها بتحد لجهود وقف الحرب والتوصل إلى حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتقويض لأي فرصة لتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض، كما اعتبرت هذا الخطوة تحديا سافرا لقرارات الشرعية الدولية، خاصة القرار 2334، وأية جهود مبذولة لوقف الحرب وحل الصراع بالطرق السلمية، ولم تهتم إسرائيل بذلك بل سعت حكومة “نتنياهو” لتعميق وتوسيع الاستيطان في أرض دولة فلسطين وإشعال المزيد من الحرائق في ساحة الصراع وإدخالها في دوامة من العنف والفوضى يصعب السيطرة عليها، من أجل احتفاظها بأرض المعركة.
ومن الواضح أن إسرائيل أيضا تضرب بالقوانين الدولية وتوصيات الدول الكبرى بحق فلسطين في الأرض ووقف سياسة الاستيطان، عرض الحائط، كمل تتوسع في بناء المستوطنات بالضفة الغربية بما يقوض بمساعي التوصل إلى سلام دائم، فهل تتجه تل أبيب قريبا لإعادة احتلال الضفة؟