د.عبدربه العنزي
أمد/ المقاومة ليست مغامرة بطولية، أو بعث كربلائي، أو خطاب قاطع بليغ. فالمقاومة في أصل الثورات تتأسس لحماية الأرواح والعمران. ولصيانة الأمة من التهجير والترحيل والابعاد، وضمان البقاء والوجود، وسرها المقدس في غرس الأرواح والولاءات في جذور الوطن والبقاء فوق ارضه وتحت سمائه. وهي ليست قرارا حصريا مشروعا لقائد أو فصيل أو حركة، لأن قرار الحرب والسلام بدون اجماع وطني شامل هو تحقير لإرادة الناس وتبخيس لمكارم العقول الجمعية.
والتضحيات على ضفاف المقاومة يجب أن تقترن حتميا مقابل أثمان سياسية كبرى، والأولوية فيها تشترط إنقاذ الأنفس والأرواح، والصمود يقوم على جبهة داخلية في أدنى شروطها الأمن الغذائي والسلم الأهلي وانتظام الحد الادنى من الخدمات الأساسية.
المقاومة بلا سند أو ظهير عزيز وموثوق دفع إلى الخسارة، وبلا أحلاف وحلفاء تؤول إلى نقمة كبرى، فلم تسجل ثورة واحدة في التاريخ أنها انتصرت دون اسناد، والمقاومة التي لا تستخلص الدروس وتراجع العبر وتكرر اخفاقاتها بنفس الوسيلة والعقلية وتبحث عن انتصارات وهمية عبث وانتحار. والمقاومة التي لا تحدد قبل المعركة أهداف سياسية ممكنة وضرورية وتعتمد على البطولات الفردية تحرم نفسها من الانتصار مسبقا.
والمقاومة التي تغفل مآسي الشعب وعذاباته التي لا يحتملها البشر وتبحث في الشاشات عن بطولات حزبية هي نقمة وبلاء وهوان ومقاولة. والمقاومة التي لا تسمع إلا صوتها، ولا يدور في عقلها إلا براغي صنعت في مخازنها السرية، وتعاقب النقد والناقدين بالتخوين والرصاص في العظام هي أدعى للشفقة منها للفخر. والمقاومة التي لا تقدر عدوها، وتعلم ردود فعله، ومسارات خطواته، وامكانيات حلفائه، وتقلل من قوته بادعاءات من بحر انشائي هي خسارة المعركة قبل بداياتها.
المقاومة في البدء والمنتهى، انا وانت وهو ونحن، فإن سقطنا، سقط الوطن، الأهم من المقاومة.