بكر أبو بكر
أمد/ يتم التعاطي مع 3 مفاهيم تتعلق ب”السلطة” بمنطق واحد الأول هو مفهوم أو فكرة السلطة الجذرية (قيادة أوكيان مؤقت، أوإدارة تسبق الانتقال للدولة وتسليمها كل القائم)، والثاني هو النظر للسلطة من منطلق أن معناها حكومة يجب أن تتغير، ودور وشخوص ما. وفي المنظور الثالث فإنه يتم النظر لفساد البعض من الأشخاص أو الأطر داخل كيان السلطة الوطنية الفلسطينية بمنطق التعميم، وليس التخصيص، فيما كتبناه سابقًا وناقشناه، ونكمل.
الإسرائيلي و”نتنياهو” والسلطة
1- إن ظلت فكرة السلطة الفلسطينية قائمة أو تم شطبها إسرائيليًا، أو تجاوزها الى بلديات كبرى أوروابط قرى أو ضم أو غيره من خيارات صهيونية مطروحة فإنها ومن الناحية الجذرية في عقل “نتنياهو” ويمينه وكل البدائل تهدف لتحقيق السيطرة الكاملة ل”إسرائيل” على كل أرض فلسطين من النهر الى البحر كما قال نتنياهو نفسه.
2-يذكر الباحث كريم قرط إن التصورات (الإسرائيلية) “هي فعليًا مخطط لإنهاء القضية الفلسطينية، تحت شعار “إصلاح السلطة”، وتحويلها إلى إدارات مدنية تابعة كليًا للاحتلال، بحيث يتحكم في اقتصادها ورواتبها ومؤسساتها، وتترك له السيطرة الأمنية الكاملة، وهذا التصور يعيدنا لتصور وزير مالية الاحتلال، المستوطن “بتسلإيل سموتريتش” في خطته المعروفة بـ”خطة الحسم”، وهي خطة أعاد فيها سموتريتش إنتاج طروحات صهيونية قديمة حول مستقبل الأراضي الفلسطينية، ونادي بتقسيم الضفة إلى عدة إدارات محلية مستقلة عن بعضها لتفكيك الشعب الفلسطيني ومنعه من تحقيق تطلعاته الوطنية”.
3- القصد الصهيوني من كل الطلبات من السلطة الحالية (أو سلطة غزة اليوم التالي)، وسبب الضغط المتواصل من اتهامها ومهاجمتها هنا هو تكبيل السلطة “المتجددة” بمجموعة من الالتزامات التي لا تخرج عن ربطها بالمسعى الأعظم الذي لا مسعى غيره أي الاستجابة بفعالية للمتطلبات الأمنية (والثقافية) الإسرائيلية والذي عنده فقط يتم فتح ماسورة الأموال التي أغلقتها أمريكا من كل الدول العربية وغير العربية.
4-فكرة نتنياهو الأساسية هي إعدام “ثلاثية السلطة” أي إعدام الفكرة التمثيلية والضابطة، والدور المؤسس للدولة كمؤسسات مؤقتة، وتشويه كل الشخوص. وقد قالها وكررها علنًا بل وتفاخر بأنه منع قيام الدولة الفلسطينية. وطالما كرر إن حماس وحركة فتح والسلطة وأبومازن معا هم إرهابيون، لذا يعرض في خطته البائسة لليوم التالي في غزة تقسيم مناطق نفوذ السلطة المفترضة الى عدة كيانات في رؤية أمنية أساسًا وضمن أحلام الاستيطان والتهجير، والمراد أن تتحول كلها لأداة طيعة لا هم لها الا تقبيل أرجل الاحتلال، وتعلم حبّ نتنياهو وزمرته وهو ما لن يحصل.
السلطة والفساد والأهلية
5-يتم التعرض للمفاهيم الثلاثة للسلطة الوطنية الفلسطينية -أو بخلطها عمدًا معًا- بمنطق الفساد، وعدم الأهلية…الخ، وكأن الأنظمة التي تتحدث عن هذا “الفساد” منزّهة عن ذلك! فيما هي تُمأسِسَه فعليًا داخلها، وهي دولٌ إما تتساوق مع الطرح الأمريكي والهدف الصهيوني بتدمير أي إطار أو تمثيل فلسطيني موحد، أو تنشط ضد السلطة تحسبًا او منعًا لحضور الدولة ولو على الطاولة.
6- لك أن تنظر فترة رئيس الوزراء سلام فياض، وميل العالم الى اعتبار السلطة غير فاسدة بل مؤهلة وجاهزة بمؤسساتها للانتقال للدولة! ما يحتاج لمفاوضات السلام. حيث ذكر فياض عام 2010 أن السلطة جاهزة للتعاون مع المجتمع الدولي لضمان نجاح عملية السلام، ضمن وثيقة “فلسطين: إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة”.
7- يتم ربط القضاء على قيادة السلطة (الفكرة والكيان ما قبل الدولة، والدور، والشخوص) بالقضاء على حقيقة دور المنظمة والدولة الواقعة تحت الاحتلال، ولا سيما أن من على رأس السلطة الآن من القيادات التاريخية والذي مهما قيل فيه-وهذا حق ضمن الإطار الوطني- مازال يجلس في موقع الرمزيّة التي يتم التوجيه لإسقاطها ليس لمصلحة فلسطين، أو ضمن تفعيل الصراع الداخلي والنقد الفلسطيني السياسي، وإنما تأسيسًا لمرحلة ضبابية أو فوضوية دنيا يتم عرضها الآن في خضم العدوان على غزة كتمهيدية (5 سنوات وقد تطول كالعادة، كما يؤكد دنيس روس بأن المؤقت قد يصبح دائمًا)، ما بين التخلص من الرئيس أبومازن بطريقة غير لائقة، أو إلزامه بمجلس رئاسي (نموذج ليبيا الفاشل)، أونائب رئيس وغيره! وكأن حقيقة المنع الإسرائيلي للانتخابات في فلسطين والقدس لم تكن أحد أهم الأسباب المانعة للتغيير.(ونكمل)
الحواشي:
1أنظر الباحث كريم قرط بورقته المعنونة: السلطة الفلسطينية “المتجددة”.. محاولة فهم التصورات “الإسرائيلية” ومآلاتها المنشورة بتاريخ 2/1/2024م.
2 أنظر تصريح سلام فياض المنقول في موقع سما نيوز بتاريخ 27/1/2010م.