أمد/ اقتراب حرب غزة من اكتمال شهرها الخامس بين ألم يشتد، وأمل يتبدد مع كل جولة من جولات مفاوضات الوقف المؤقت الإنساني لإطلاق النار في غزة،-استراحة الحرب- والتي لم يبذل العالم جهدًا عملاتيًا لوقفها يتعدى التصريحات الإنسانية والحضارية الراقية، وما بين الألم والأمل تترنح عجلة التقدم الملموس بين اشتراطات لهذا الفريق أو ذاك والتي لا تمثل حقيقة ما يجري في الخلفية الذهنية لطرفي الحرب وأهدافهما غير المعلنة، فمن جهة يحاول نتنياهو تعطيل التوصل لاتفاق الهدنة وفق إطار باريس لأنه يعتقد أن عمره السياسي لم يَعُد مرتبطًا باليوم التالي للحرب بل في اليوم التالي لدخول اتفاق الإطار حيز التنفيذ في مرحلته الأولى، وذلك بسبب الاختلاف الواضح بين الإدارة الاميركية ونتنياهو حول تقدير الموقف الراهن وكيفية التعامل معه حيث تتبنى الإدارة الرؤية التوافقية الأميركية الغربية العربية كجزء من الاستراتيجية العامة للخارطة الجديدة للشرق الأوسط ، والتي تدعو إلى احتواء الأحداث ضمن خطة تستند على خروج حماس من حكم غزة، وإعادة تأهيل السلطة الفلسطينية لتتولى زمام الأمور في الضفة الغربية والقطاع تمهيدًا للتوصل إلى تسوية سياسية تمنح الفلسطينيين دولة غير نمطية، وفي المقابل يرى نتنياهو إمكانية الاستمرار في استراتيجيته التي عمل عليها خلال خمسة عشر عامًا بترسيخ الانقسام الفلسطيني والفصل السياسي بين الضفة والقطاع بشكل يستثني التواجد العسكري لحركة حماس تحت مظلة إدارة مدنية، إضافة إلى الضغط الأميركي على نتنياهو لتقليص صلاحيات بن غفير في الحرم القدسي، وفرض عقوبات على بعض المستوطنين من أنصار اليمين المتطرف بعدم منحهم تأشيرة دخول للولايات المتحدة الأميركية بسبب ممارسة العنف والتحريض عليه في الضفة والقدس، وكذلك الانفجار المرتقب حول قانون التجنيد، الذي سيضع حكومة نتنياهو في مهب الريح في حال انسحاب حزبي شاس، ويهدوت هتوراة واللذان يمثل لهما القانون أساسًا جوهريًا تجاه الجمهور الانتخابي، ومن الجهة الأخرى فإن تعثر المفاوضات ببعدها الفلسطيني المتمثل في حركة حماس يبدو أنه مرتبط بمحاولاتها الهادفة إلى تحسين شروط خروجها من المشهد السياسي بما يتضمن الخروج الآمن لقادة جناحها العسكري، وخريطة انضمامها لمنظمة التحرير الفلسطينية، بما يتفق مع الخارطة السياسية الجديدة وفق الخطوط العريضة لإطار باريس لمرحلة ما بعد الحرب، ، لذا نجد أن طرفي الحرب يصران على التشديد في مواقفها حتى الرمق الأخير بطرحهما اشتراطات هنا وهناك ، أملًا في استغلال الآثار السلبية الناجمة عن الحرب على الأطراف الاقليمية المتضررة منها بشكل مباشر في استخدام نفوذها لتحقيق ما يصبوان إليه على طريق النجاة السياسية لكل منهما.
بناءً على هذه الخلفية السياسية، وما يتردد أيضًا عن عدم موافقة مجلس الحرب الاسرائيلي عن الشروط التي يضعها نتنياهو لتمرير الهدنة، جاءت زيارة غانتس الوزير في مجلس الحرب إلى أميركا ليلتقي أقطاب الإدارة الأميركية في خطوة دراماتيكية تشي بالبدء في خطوات عملية لتجاوز طرفي الحرب وخصوصًا في المشهد السياسي الإسرائيلي، مما يعني أن هذه الزيارة قد تشكل خطرًا مُحدقًا على نتنياهو قد تظهر في المدى القصير.
تذكير؛؛
الشعب الذي يترقب استطلاع هلال الهدنة والاستراحة من الحرب، والذين يصارعون الموت جوعًا ليسوا مجرد أرقام يتم التلاعب والعبث بهما، ومحاولة تسويق القتل والقبول به على أنه أمر اعتيادي، ومساواته بظاهرة الموت الطبيعي لم يعد مقبولًا، ويؤسس لتحويل الإنسانية إلى حالة دموية سيغرق بها الجميع.