مسك محمد
أمد/ ما بين نيران الحرب التي لا ترحم والجوع والأمراض الوبائية، تتجدد مأساة سكان قطاع غزة يوميا هؤلاء القابعين في منطقة الشمال، بعد أن فروا من الموت أسفل الأنقاض ليواحهوا شبح المجاعة التي تنهش جسدهم يوما بعد الآخر.
الوضع في غزة يبدو أكثر مأساويا، فمع استمرار الحرب الإسرائيلية الدائرة ومسلسل الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، مات عشرات الأطفال من الجوع وسوء التغذية وكذلك من الأمراض الوبائية المنتشرة داخل خيام رفح ومناطق الإيواء التي تحولت إلى قنابل موقوتة قد تنفجر في أي لحظة.
سجلت مخيمات الإيواء، 80 طفلا ماتوا من الجوع يوميا، وما يقرب من 150 حالة التهاب كبدي فيروسي يوميا، هذا بجانب الأمراض الوبائية الفيروسية التي تفتك بالمرضى والنساء والشيوخ وذوي الاحتياجات الخاصة، كما أن شباب القطاع لم يسلم من تلك الحرب الوبائية والنفسية التي تأكل كل من حولها، فمن الواضح أن إسرائيل تستهدف بالمجاعة الكارثية التي افتعلتها في قطاع غزة، تضييق الخناق على الشعب الفلسطيني!
ورغم الحديث عن قرب عقد هدنة قي القطاع بقدوم شهر رمضان المبارك، قصدت تل أبيب تجويع الفلسطينيين، ولم تسمح بمرور المواد الضرورية للعيش، ودفعت الأهالي إلى تناول علف الحيوانات لإطعام أسرهم، خاصة في ظل النقص الشديد للمساعدات، ينتظر أهالي غزة الموت من الجوع يوميا، خاصة الرضع الذين لا حول لهم ولا قوة.
مشهد وقوف الأطفال في طابور الخبز الذي انتشر بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، هو أكثر ما يدمي القلوب، فيوميا يقف الصغار الطابور للحصول على بضعة أرطال من الدقيق لسد رمق أسرته وأخواته، فإلى متى سيستمر هذا الوضع المأساوي؟ وأين المدافعون عن حقوق الإنسان وحقوق الحيوان؟!
الأمم المتحدة، أعلنت في تقرير لها أن 93% من سكان غزة يعانون من مستويات الجوع يوميا، كما أن أكثر من نصف مليون شخص يواجهون الجوع والمجاعة الكارثية، ومن اللافت أن حجم وسرعة هذه الأزمة لم يسبق لهما مثيل.. فمتى تكون الإغاثة؟ ولماذا لا تستجيب إسرائيل وحلفاؤها لتلك الإنذارات الإنسانية؟!
كان رد إسرائيل على أحداث المجاعة في غزة، هو الأكثر استفزازا، فلم تكتفي بغلق المعابر ومنع وصول المساعدات للأهالي، بل خرج إيلاد غورين، الذي يرأس مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، جناح وزارة الدفاع الإسرائيلية الذي يشرف على الشؤون المدنية الفلسطينية، للصحفيين، قائلا: “لا توجد مجاعة في غزة، نقطة”؟؟!.
ربما لا يوجد تقدير لعدد الفلسطينيين الذين ماتوا في غزة بشكل مباشر أو غير مباشر بسبب الجوع، لكن تؤكد إحصائيات وزارة الصحة في غزة، أن الحرب الإسرائيلية قتلت أكثر من 25700 فلسطيني، معظمهم نساء وأطفال، وأصيب 63700 آخرون.. فإلى متى يستمر هذا التعنت الإسرائيلي تجاه أبسط حقوق الإنسان في غزة؟
يبدو أن ما قاله برنامج الأغذية العالمي بأن الجيش الإسرائيلي بمنع قوافل مواد غذائية مخصصة لشمال غزة عند نقطة تفتيش، ستزيد أخطار المجاعة لتصل إلى مستويات مميتة خلال الأيام القادمة، خاصة بعد أن مات أكثر من 100 شخص الأسبوع الماضي بعد أن تجمع حشد من الناس على قافلة مساعدات نادرة في مدينة غزة.
أما عن مشهد إسقاط المساعدات الغذائية سواء من حلفاء أميركا أو بعض الدول الأخرى ، فيدل على التخاذل الدولي تجاه حل عادل ونهائي لأزمة شعب غزة، وعدم وجود ما يلزم دولة الاحتلال باحترام آدمية الشعب الفلسطيني.. فكيف السبيل للسلام!