سالي علاوي
أمد/ يأتي يوم الثّامن من آذار هذا العام بملامح أكثر دمويّة على نساء قطاع غزة المحاصر، يقف بين المرأة ويومها العالمي حرب إبادة، وبينها وبين الحقوق الأساسيّة للبشر ملايين الخطى المُعرقَلة، وقانون دولي يتعامل مع الحقوق الإنسانية بصفتها غنائم وقتية، وليست مكتسبات مستدامة لا يتم التّفاوض عليها أو المساس بشرعيّتها.
إنّ تاريخ استهداف النّساء الفلسطينيات شكّل إحدى أبرز السّياسات الممنهجة منذ سنوات الاحتلال، وما نشهده اليوم من جرائم، شهدتها النساء الفلسطينيات على مدار عقود من الاحتلال، ولم تكن مرحلة ما بعد السابع من أكتوبر مرحلة استثنائية على صعيد مستوى الجرائم المروعة التي شهدناها، إلا أنّ الفارق هو مستوى هذه الجرائم وتصاعدها بشكل غير مسبوق، إنْ ما كنّا قد قارناها بالفترات التي شهدت فيها السّاحة الفلسطينية انتفاضات وهبات شعبية.
ضمن الهجمة الشّرسة غير المسبوقة للتّصفية الفكريّة للنّساء المبدعات في قطاع غزة، استُهدف من خلال العدوان المميت شريحة واسعة من النّساء الملهمات و المبدعات، منهنّ الشّاعرات والكاتبات، والنّاشطات المجتمعيّات، وأكاديميّات وباحثات في الجامعات الغزّية ما زالت إلى اليوم أجسادهنّ تحت الرّكام.
وحيثما تواجدت النساء وجدت المتاعب والمصاعب الحياتيّة، ما بين توفير لقمة العيش والموت خطوة، وما بين العمل لجلب الرّزق والقتل المباشر المتعمّد أقلّ من خطوة، فكانت الصّحفيّات من مواقع تغطيتهنّ للحرب على غزة الشّاهدة والشّهيدة، وكانوا هن الوسيلة والخبر.
في الوقت الذي يتغنى به العالم بحقوق المرأة ويحتفل بيومها العالمي، فإن الاحتلال الإسرائيلي حرم المرأة الفلسطينية من أبسط حقوقها كحقها في الحياة الكريمة، وحقها في الطعام والشراب والمسكن وفي الأمان والحرية والتعبير، وهي تتعرض لهجوم ممنهج للنيل من وجودها وكينونتها أمام عالم يرى ويسمع ولا يحرك ساكنا.