حمادة فراعنة
أمد/ ما فعلته قوات المستعمرة الإسرائيلية بالمدنيين الفلسطينيين الجوعى الذين انتظروا هبوط المساعدات قرب دوار الكويت، لعلها توفر لهم الاحتياجات الأكثر ضرورة، فردت عليهم قوات الاحتلال بالقصف والقتل المتعمد تعبيراً عن الحقد والكره وغياب أي إحساس بالمسؤولية، وفقدان الدوافع الإنسانية في التعامل مع الفلسطينيين، بل يتم التعامل معهم باعتبارهم كُتل بشرية، يجب التخلص منها أو على الأقل العمل على تقليص عددها ووجودها.
40 شهيدا و150 جريحاً وصلوا مشفى الشفاء الطبي من منتظري المساعدات عند دوار الكويت بحي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة.
العامل الديمغرافي ما زال له الأولوية في اهتمام وبرنامج المستعمرة التوسعي الإحلالي، ولهذا لا يمكن تفسير الاستهداف للمدنيين في المواقع التي ينتظرون فيها المساعدات الغذائية سوى العمل على حرمانهم من هذه المساعدات بهدف مواصلة الجوع والتجويع، وقتل من يُصر على البقاء في الحصول على هذه المساعدات، والنتيجة هي إما القتل بالقصف أو التعريض للموت بالتجويع وفقدان القدرة على مواصلة الحياة خاصة بالنسبة للأطفال وكبار السن والمرضى، وبالتالي فرض الضغوط باتجاه خيار الرحيل والتشرد واللجوء.
عمليات القصف متواصلة، عبر كافة الأدوات والوسائل: الطيران، المدفعية، الدبابات وإطلاق الرصاص، على امتداد خارطة قطاع غزة، وكما يقول أهالي القطاع: “لا يوجد مكان آمن”، يمكن أن يوفر الأمن للفلسطينيين في كافة مدن وأحياء وقرى القطاع.
نتنياهو ما زال مصراً على مواصلة الاجتياح بالقتل والتدمير ليصل إلى رفح، فلا انتصار بالنسبه له بدون اقتحام رفح، مهما بدت الضغوط والرفض، سواء كانت من تطور في مواقف العواصم الأوروبية التي شاركت واشنطن في توفير الغطاء السياسي لهجومه على قطاع غزة، أو من قبل قيادات أميركية لها اعتبار ومكانة وتُعتبر المعسكر الداعم للمستعمرة الإسرائيلية، إلى الحد الذي وصف يائير لبيد زعيم المعارضة أن نتنياهو يعمل على خسارة أصدقاء “إسرائيل”، كما أن واشنطن التي وفرت له كل الدعم والإسناد بدأ يختلف معها في الأولويات، كما يقول هو: “نحن لا نختلف مع واشنطن في الهدف، ولكننا نختلف معها في الإجراءات والوسائل والأولويات”.
كما أن مظاهرات أهالي الأسرى الإسرائيليين، وإن لم تصل إلى مستوى الفعل المؤثر على خيارات حكومة نتنياهو، ولكنها بدت ظاهرة متحركة قد تتسع لجعل احتجاجاتها ذات أثر بالغ، إذا لم يتمكن من التوصل إلى إطلاق سراح الأسرى بالتبادل أو بالقوة المسلحة.
الاهتزاز الحزبي السياسي الائتلافي الذي بدأ يجتاح أحزاب المعارضة: إنقسام غدعون ساعر مع زئيف إلكين، عن بيني غانتس وإيزنكوت، لأن لهما اعترضات على إدارة الحرب وسيرها، فانفصلا عن كتلة “المعسكر الرسمي”، مع أن بقاء كتلة هذا المعسكر برئاسة بيني غانتس وإيزنكوت مع الائتلاف الحكومي الذي يقوده نتنياهو بات مشكوكاً فيه، بعد بروز التعارضات والانتقادات الأميركية العلنية من قبل الرئيس بايدن ومن رئيس الأغلبية الديمقراطية لدى الكونغرس السيناتور تشاك شومر، وهي المرة الأولى التي تظهر هذه الانتقادات الأميركية لسلوك وسياسات المستعمرة وقياداتها: نتنياهو، بن غفير، سموترتش.
جبهة المفاوضات غير مجمدة، وستبقى مفتوحة، انعكاساً لما يجري على الأرض، أو لتحصيل ثمار المعركة التي ما زالت دائرة، ولم تصل إلى نهاياتها بعد، لا المستعمرة حققت ما تريد، وهي لم تُهزم في نفس الوقت، رغم إخفاقها وفشلها، في معركة أكتوبر وتداعياتها ومعالجة آثارها، كما أن المقاومة الفلسطينية رغم صمودها لم تنتصر بعد، وبالتالي المعركة متواصلة على الجبهتين العسكرية والسياسية.