أمد/
القاهرة: كشف الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط ، تطورات القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية وما كشفته الحرب الغاشمة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ عملية 7 أكتوبر الماضي، وعملية التجويع القاسية وغير المسبوقة في التاريخ التي تفرضها إسرائيل –القوة القائمة بالاحتلال- على الشعب الفلسطيني، وكذلك العواقب الكارثية للانقسام الفلسطيني الفلسطيني وما يسببه من خراب كبير، مؤكدا على ضرورة عودة السلطة الفلسطينية لغزة مرة أخرى لأنه لا يتصور وجود سلطتين فلسطنيتين في غزة والضفة الغربية.. بجانب العديد من التفاصيل التي أكد عليها أبو الغيط في مداخلة هاتفية له مع برنامج "وقت السياسة" على إذاعة "العربية FM".
وقال أبو الغيط، إن الضمير الأخلاقي في العالم ومفاهيم الأخلاق الحميدة فقدت في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لأن الأنسان في الإقليم اكتشف أبعاد في هذه الحرب ما كان يدخل في أضغاث أحلامه أنها ستقع منها على سبيل المثال أن الدول الغربية الأوروبية تتحدث عن حق الدفاع الشرعي عن النفس لصالح إسرائيل، في حين أن إسرائيل باعتراف العالم والأمم المتحدة دولة احتلال، وهناك الكثير من قرارات الجمعية العامة التي تصف إسرائيل بأنها دولة احتلال، وكذلك قرارات مجلس الأمن التي تطالب إسرائيل بإنهاء الاحتلال، متسائلا: كيف يمكن لدولة محتلة أن تعطى حق الدفاع الشرعي عن نفسها وهى قائمة بالاحتلال؟.
وأضاف الأمين العام لجامعة الدول العربية ، أن العنف البالغ الذي قامت به إسرائيل على غزة والذي أدى إلى سقوط ما بين 103 ألف إلى 110 ألف ما بين شهيد وجريح منهم على الأقل 32 ألف شهيد، فهذا بمثابة منطق معوج، مؤكدا أن الضمير الإسرائيلي فُقد مع المحرقة الهولوكوست وأصبحوا منعدمي الضمير في عملية القتل والذبح الذي يرتكب في حق الشعب الفلسطيني.
وكشف أبو الغيط عن وجود مراوغة في وقف إطلاق النار، قائلا: حينما نطلب من المجتمع الدولي تحقيق وقف إطلاق النار وترفض دولة أو دولتين المساعدة في ذلك فهو أمر يثير العديد من التساؤلات، وكذلك عملية تجويع الفلسطينيين الجارية التي تتم بشكل غير مسبوق في تاريخ الإنسانية، تزامنا مع عمليات القتل المستمرة، مستنكرا تصريحات تلك الدول التي تقول أنها ستوفر الغذاء للشعب الفلسطيني بوسائل مختلفة وفي نفس الوقت ترسل الأسلحة والذخائر إلى الجانب القاتل، واصفا ذلك بالتناقضات التي كشفت عنها هذه الحرب.
طالبت منذ 2007 بالتوافق بين فتح وحماس
وعن خطورة الخلاف الفلسطيني الفلسطيني وصفه الأمين العام لجامعة الدول العربية بـ المأساوي وأبعاده حزينة، مستشهدا أنه حينما كان وزيرا لخارجية جمهورية مصر العربية عام 2007 وشاهد هذا الإنقسام واحتدامه بهذا الشكل عبر عن خشيته وطالب بضرورة حدوث توافق -بخلاف اختلافات الرأي في التوجهات الفلسطينية الفلسطينية فهى صفة من صفات الحياة خصوصا لدى التنظيم السياسي الفلسطيني- وهناك الكثير من المنظمات العاملة والتوجهات والتي ربما ترجع لتأثيرات خارجية أيضا منذ إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية.
وأكد الأمين العام للجامعة العربية أنه حذر من الخلاف والنزاع بين فتح وحماس وطالب بإنهائه لأنه سيؤدي إلى خراب شديد، وها هى النتيجة تحدث في غزة لأنه عندما طردت السلطة الفلسطينية في غزة وانفردت حماس بالحكم في القطاع قدرت أن أسلوبها في التعامل مع إسرائيل هو النضال والنتيجة هي ما نراه في هذه المأساة الحزينة للشعب الفلسطيني والمناضلين من حماس.
عودة السلطة الفلسطينية لغزة ضرورية
وشدد أبو الغيط على أن السلطة الفلسطينية هى صاحبة السلطة الحقيقية في غزة والضفة الغربية مع انتهاء الإحتلال أو إنهائه ولا يمكن أن يكون هناك جانبين فلسطينيين يحكمان في الضفة وفي غزة، والمجتمع الدولي في توجه في أن تعود السلطة الفلسطينية لغزة وأن تحكم غزة والضفة الغربية مثلما كان الوضع في الفترة من 1994 حتى عام 2007، وبالتالي عودة السلطة لغزة ضرورية ومطلوبة ولا يجب مقاومة هذه السلطة، لافتا إلى أنه على مدار 15 عاما كانت إسرائيل هى التي تمول القدرة الحمساوية على مقاومة السلطة ورفض عودتها، وسهلت وصول أموال كثيرة لحماس في غزة لمنع حماس من التعاون مع السلطة الفلسطينية أو الاحتياج المالي لها، مؤكدا أن عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة حتمي ومطلوب فلسطينيا وعربيا وفلسطينيا، وأن العرب لن يقاوموا ما يراه الفلسطينيون صالحا.
وأكد الأمين للجامعة العربية أنه لم يقدم مشروع قرار يخص فلسطين في مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة أو أمام المجلس الوزاري لوزراء الخارجية العرب أو أمام القمة العربية بدون أن يكون الجانب الفلسطيني هو صاحب الصياغة الأساسية فيما يتعلق بهذا القرار.
عملية 7 أكتوبر فجرت الوضع وكشفت عن تأييد أوروبي ساحق لإسرائيل
وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن عملية 7 أكتوبر فجرت الوضع وكشفت عن الكثير من الحقائق، وكشفت عن تأييد أوروبي ساحق لإسرائيل، وكشفت كذلك عن عدوانية وعنف إسرائيلي غير مسبوق، مشيرا إلى أن الأزمة ابتداء من 7 أكتوبر أعادت تأسيس الرؤية الدولية على ضرورة التوصل إلى تسوية فلسطينية إسرائيلية وإلا سيبقى الوضع هكذا بأن إسرائيل قوة احتلال تمارس العنف على الأرض وتفرض إرادتها على الشعب الفلسطيني والشعب الفلسطيني يقاوم وفي مقاومته يحدث هذا الصدام المسلح بين الطرفين ولن تهدأ الأحوال طالما بقى الاحتلال.
وأوضح أبو الغيط أنه بعد أحداث 7 أكتوبر أصبح هناك تحرك دولي واسع لتسوية القضية الفلسطينية وأصبح هناك انقسام في العواصم الأوروبية للدفاع عن الشعب الفلسطيني وكلها مسائل توجب التسوية للطرفين بما يحقق للجانب الإسرائيلي الأمن ويحقق للفلسطينيين إقامة دولتهم والعيش في استقلالية، لافتا إلى أن الاحتلال من وجهة نظر إسرائيل ما كان له أن يقوم إلا بفرض الإرادة، وفرض الإرادة الإسرائيلية على الفلسطينيين كانت ستؤدي بإسرائيل إلى دولة أبارتايد –وربما هو الوضع حاليا- دولة فيها شعبين يهيمن شعب على الأخر ويفرض عليه إرادته ويذله ويحتقره وهذا الأمر لا يليق إنسانيا ومرفوض.
وعن الانتقادات التي توجه لجامعة الدول العربية بين الحين والآخر، كشف أبو الغيط، أن جامعة الدول العربية هى جامعة لإعلان مواقف والتعبير عن تأييد الشعب الفلسطيني، مدللا بأنه حينما توقفت الدول الغربية عن تقديم المساعدات لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " الأونروا" تدخلت الجامعة العربية بأكثر من أسلوب، وأرسلت رسائل لوزراء خارجية تلك الدول لمعاتبهم على تلك الإجراءات وللتوضيح بأن تلك المنظمة هى منظمة أممية دولية يصل عدد الموظفين فيها إلى نحو 30 ألف عامل، وحينما تقول إسرائيل أن عدد لا يتجاوز 10 عمال فيها ساهموا في العمية المأساوية في 7 أكتوبر لا يمكن أن يكون الرد بهذا الشكل وقطع المساعدات عن الأونروا.
وأوضح الأمين العام أنه تم عرض أكثر من مشروع قرار أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما فشل مجلس الأمن في تبني قرار يوقف أو يطالب بوقف إطلاق النار، فهناك مطالبات برؤية عربية والتي تتم بكثير من التوافق العربي العربي، لافتا إلى أن تاريخ العلاقات العربية العربية لا يمكن القول أنه خالي من الصدامات والمنافسات والأوجاع العربية العربية فهي أحد سمات الشرق الأوسط وذلك نظرا لتعدد المواقف واختلافاتها.
الجامعة العربية ليست سياسية فقط
وشدد الأمين العام للجامعة العربية، على أن الجامعة العربية ليست جامعة سياسية فقط لكن لديها بُعد اقتصادي كبير، ونشاط إجتماعي وثقافي وكلها نشاطات تجمع العرب على توافقات محددة في تلك المجالات، وبالتالي فإنه إذا كان هناك شكل من أشكال النقد للتأثير السياسي للجامعة العربية فإن لها تأثير اقتصادي واجتماعي وثقافي كبير، وخدمة قضايا وأوضاع المرأة والشباب والطفولة في الدول العربية، مشيرا إلى أن الجامعة العربية منظومة كبيرة ولا تقتصر على المجلس الوزاري لوزراء الخارجية العرب أو القمة العربية فقط لكن لديها 13 مجلس وزاري متخصص و13 منظمة متخصصة.
وبين أبو الغيط، أنه حينما بزغ مفهوم الجامعة العربية عام 1945 كانت الفكر الأساسية أن نصل مع بقية الأطراف العربية لإقامة منظمة قادرة على جمع العرب على كلمة واحدة، ولكن الجامعة العربية ليست مثل الاتحاد الأوروبي أو الاتحاد الإفريقي، حيث فلسفة إنشائها وأسلوب عملها هى أنها جهاز تنسيقي بين رؤى عربية قد تكون متعارضة أو مختلفة ويجمع فيما بينها بما يسمى الحد الأدنى من التوافق، مؤكدا أن الجامعة العربية لا تستطيع أن تتجاوز إمكانيات التوافق العربي، ولا يوجد أي قيد على أي دولة عربية لا ترغب في تنفيذ أيا من قرارات الجامعة، وهذا ما لم يتفهمه كثيرون من منتقدي الجامعة وقراراتها، لكن بإمكاننا تغيير ذلك وتعديله إذا تجمعت إرادة عربية على التغيير.
وعن ما تحتاجه الجامعة العربية ليكون دورها أكثر تأثيرا على غرار الاتحاد الأوروبي أو الاتحاد الإفريقي أوضح أن هناك اشتراطات أساسية من بينها التخلي عن جزء من السيادة على سبيل المثال مؤكدا أنه لا يتصور أن هناك دولة عربية مستعدة للتخلي عن جزء من السيادة مقابل وضع جديد، كذلك يجب أن تكون الجامعة العربية غنية ولديها إمكانيات الاتحاد الأوروبي أو الاتحاد الأفريقي، فالجامعة في أي لحظة تتعرض من قبل 10 دول عربية على الأقل لعدم سداد المساهمات وبالتالي ميزانيتها ولا يسدد منها إلا ما يقرب من 60% من ميزانية الدول.