أمد/
واشنطن: في تطور حديث، أعرب البيت الأبيض عن نيته تزويد المسؤولين الإسرائيليين باستراتيجيات بديلة لمحاربة حركة حماس في غزة دون اللجوء إلى هجوم بري في رفح.
ووفقاً للمتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي، فإن المضي في هجوم بري كبير في رفح، التي يسكنها حوالي 1.5 مليون شخص، سيعتبر "كارثة".
شدد كيربي على الأزمة الإنسانية المحتملة التي يمكن أن تنشأ عن مثل هذه العملية، مسلطا الضوء على ضرورة تجنب الأعمال التي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الوضع بالنسبة للمدنيين في غزة.
وذكر أن الولايات المتحدة تعتقد أن شن هجوم بري كبير سيكون خطأ وشدد على أهمية استكشاف طرق بديلة.
وكجزء من هذه المبادرة، من المقرر أن يشارك المسؤولون الأمريكيون الخيارات الممكنة مع نظرائهم الإسرائيليين خلال زيارة مقبلة إلى واشنطن. وأشار كيربي إلى أنه سيتم الكشف عن مزيد من التفاصيل بشأن الزيارة في الأيام المقبلة.
ويؤكد قرار تقديم البدائل التزام البيت الأبيض بإيجاد حل للصراع في غزة مع تقليل المخاطر على حياة المدنيين. ومن خلال الانخراط في المناقشات الدبلوماسية واقتراح استراتيجيات بديلة، تهدف الولايات المتحدة إلى المساهمة في الجهود الرامية إلى تهدئة التوترات في المنطقة.
ويستعد أكثر من مليون شخص في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، للمعركة الحاسمة الأخيرة في الحرب بين إسرائيل وحركة حماس المصنفة في الولايات المتحدة ودول أخرى، حسبما ذكر تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".
وتتساءل العديد من العائلات، التي نزحت عدة مرات، عما إذا كان عليها الفرار أو الانتظار لمعرفة ما إذا كان سيتم التوصل إلى وقف محتمل لإطلاق النار.
وتضغط الولايات المتحدة على إسرائيل منذ أسابيع للامتناع عن شن هجوم بري واسع النطاق على رفح ستكون نتائجه "كارثية" في المدينة المكتظة التي ارتفع عدد سكانها إلى مليون ونصف مليون شخص، معظمهم نازحون.
بدورهم دعا قادة دول الاتحاد الأوروبي الـ27، المجتمعون في قمة في بروكسل، الخميس، إلى "هدنة إنسانية فورية" في غزة، وحضوا في بيان مشترك إسرائيل على عدم إطلاق عملية برية في رفح.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، لا يكف عن تكرار عزمه على المضي في خطته لشن هجوم بري على رفح يعتبره ضروريا "للقضاء" على حماس.
ما الوضع على الأرض؟
وعلى الأرض، تعيش الأسر في رفح، داخل الخيام والشقق أو حتى في الشوارع، مع القليل من الماء والغذاء، ولا تستطيع الوصول إلى خدمات النظافة والرعاية الصحية المناسبتين.
ويعاني البعض من صدمة فقدان الأقارب والأصدقاء بعد خمسة أشهر من الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة.
وبين هؤلاء، فداء مرجان، التي تتذكر كيف دمرت غارة جوية في المنزل المجاور جدران منزلها، مما أسفر عن مقتل ابنتها البالغة من العمر 8 سنوات، التي كانت ترسم في غرفة المعيشة.
وفرت مرجان مع زوجها وابنها، ويعيشان منذ شهرين تقريبا في خيمة بالقرب من الحدود الجنوبية مع مصر.
وتقول:" الطقس بارد ورطب.. لا يوجد كهرباء.. يتم تسخين الأطعمة المعلبة على النار، ويتم غسل الملابس باليد".
وتضيف:" الناس هنا ما زالوا يقولون، إلى أين يمكننا أن نذهب؟، هذا هو المكان الأخير."
وقبل الحرب كانت رفح مركزا للتجارة بين قطاع غزة ومصر وإسرائيل عبر معبريها البريين (معبر رفح ومعبر كرم أبو سالم).
وكان الصيادون يكسبون عيشهم على طول الساحل، وكانت المزارع تزرع كل شيء من القمح إلى البرتقال والليمون والبطاطس وغيرها من المزروعات.
ويعيش ما يقرب من 300 ألف شخص في منازل وشقق منخفضة الارتفاع، بما في ذلك مخيم اللاجئين الذي تأسس بعد فترة وجيزة من الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948.
المدينة الآن لا يمكن التعرف عليها، فقد دمرت الغارات الجوية الإسرائيلية بعض المباني، ويتجمع الناس في "خيام" على طول الخط الساحلي، بينما تمكنت العائلات الأكثر حظا من الانتقال إلى بضع عشرات من المنازل المطلة على الشاطئ والتي كانت في السابق تلبي احتياجات السياحة المحلية الراقية.
خطة إخلاء
تتعرض السلطات الإسرائيلية لضغوط من الرئيس الأميركي، جو بايدن، وغيره من زعماء العالم لتقديم "خطة إخلاء قابلة للتطبيق" قبل إطلاق أي عملية برية أو جوية واسعة النطاق في رفح.
وسط عملية رفح المرتقبة.. خيارات نزوح الفلسطينيين و"جدل سيناء"
بالتزامن مع العملية العسكرية الإسرائيلية البرية المرتقبة في مدينة رفح بجنوب قطاع غزة، تظهر التساؤلات حول خيارات نزوح مليون ونصف المليون فلسطيني موجدين حاليا داخل المدينة، وما هي المناطق التي يمكن نقلهم إليها؟.. وهو ما يكشفه مختصون تحدث معهم موقع "الحرة".
وفي الأسبوع الماضي، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، إن إسرائيل ستقوم بإجلاء الناس في رفح إلى "مناطق إنسانية" سيتم بناؤها في وسط غزة.
وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي يعمل مع الولايات المتحدة والعديد من الدول العربية للاتفاق على الأماكن التي لم تعد فيها حماس موجودة وحيث يمكن إنشاء مساكن ومستشفيات ميدانية.
لكن منظمات إنسانية رفضت خطة إسرائيل للسيطرة على رفح وإجبار العائلات على ترك منازلهم أو ملاجئهم.
وتجمع حوالي 400 ألف نازح في المواصي، وهي "منطقة آمنة" حددتها إسرائيل على طول الساحل الممتد من رفح إلى وسط القطاع، وفقا لعمال إغاثة هناك.
وتوافد نحو نصف مليون آخرين إلى حي يقع إلى الجنوب الشرقي يسمى تل السلطان، وفقا لرئيس بلدية رفح، أحمد الصوفي.
وقالت إسرائيل إن المساعدة ستكون متاحة في المواصي، في حين رفضت الأمم المتحدة تصنيف إسرائيل للمنطقة كمنطقة آمنة.
وفي المواصي وما حولها، تقول عائلات إنه لم تبذل إسرائيل أي جهد منسق لتزويد الناس بالمساكن أو الخيام، وإنهم اضطروا إلى شراء مساكن مؤقتة بمئات الدولارات.
وتشير عائلات تحدثت إلى "وول ستريت جورنال" إلى أن القمامة تراكمت، ورائحة مياه الصرف الصحي في كل مكان.
ويقول منسق الجهود الإنسانية للأمم المتحدة في غزة، جورجيوس بتروبولوس، إن المزيد من الناس يتدفقون نحو الساحل، على افتراض أن المواقع الرملية غير المطورة هي أهداف أقل احتمالا للجنود الإسرائيليين الذين يطاردون المسلحين تحت الأرض.
ومن مكتبه في المواصي، شهد بتروبولوس موجات من الوافدين منذ أكثر من شهرين، أولا من شمال غزة، ثم مدينة خان يونس جنوب غزة، والآن شرق رفح.
من أين ومتى سيدخلون؟
بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على بدء الحرب بين إسرائيل وحماس، تستمر حصيلة الضحايا في الارتفاع في القطاع الفلسطيني المحاصر والمهدد بالمجاعة.
ولجأ معظم النازحين بسبب الحرب، ويبلغ عددهم 1.7 مليون نسمة بحسب الأمم المتحدة، إلى مدينة رفح الواقعة على الحدود المصرية المغلقة والتي تتعرض لقصف إسرائيلي يومي.
ويقول مسؤولون إسرائيليون إنه لا يزال لدى حماس أربع كتائب في المدينة، وإنها آخر معقل للحركة.
عسكريا أم أيديولوجيا؟.. معضلة تدمير حماس
مرار وتكرار أكدت إسرائيل على هدفها الأول بالحرب في قطاع غزة، والمتمثل في "تدمير حركة حماس" المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخري، بينما يتجادل مختصون تحدث معهم موقع "الحرة" حول سبل تحقيق ذلك في ظل اعتماد الحركة على "أيدلوجيا صعب القضاء عليها".
وفي 12 فبراير، استيقظ أهالي رفح حوالي الساعة الثانية فجرا على أصوات انفجارات أضاءت السماء، ولم تكشف إسرائيل إلا عند طلوع النهار عن استعادتها مدنيين إسرائيليين اثنين.
ويقول كاران صيدم، إنه خرج وقتها إلى الخارج ليرى عدة منازل تحولت إلى أنقاض على بعد بناية واحدة، وقُتل عشرات الفلسطينيين في رفح في ذلك اليوم، وفقا للسلطات الصحية في غزة.
وقصف الجيش الإسرائيلي مبان أخرى في رفح، بما في ذلك منزل قالت منظمة أطباء بلا حدود إنه يستضيف طاقمها الطبي.
وأدت قذيفة دبابة إسرائيلية، الشهر الماضي، إلى مقتل اثنين من أقارب أحد الموظفين وإصابة العديد من النساء والأطفال داخل المنزل في المواصي، وفقا للمنظمة غير الربحية التي تتخذ من سويسرا مقرا لها.
وقالت إنها أعطت السلطات الإسرائيلية إحداثيات المبنى، وأنها لم تتلق أمر إخلاء.
وردا على طلب "وول ستريت جورنال" للتعليق، قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق النار على مبنى في المواصي حدده على أنه موقع لنشاط مسلح.
واعترف الجيش الإسرائيلي بالتقارير التي تفيد بمقتل "اثنين من المدنيين غير المتورطين" في المنطقة.
وعبر الجيش الإسرائيلي عن أسفه لأي ضرر يلحق بالمدنيين، وقال إنه "سيفحص الحادث في إطار تحقيق أوسع نطاقا في سوء سلوك عسكري محتمل".
وقبل بدء شهر رمضان قال مسؤولون إسرائيليون إن حماس يجب أن تطلق سراح الرهائن قبل بداية الشهر الكريم أو تواجه هجوما بريا في رفح، ومر الموعد النهائي "دون توغل بري إسرائيلي".
وهذا الأسبوع، بدأت إسرائيل وحماس جولة من المحادثات في قطر من أجل وقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع، وهددت إسرائيل مرة أخرى بشن عملية عسكرية في رفح في حالة انهيار المفاوضات.
ولذلك فإن، حازم أبو حبيب، في حيرة من أمره ماذا يفعل، فقد كانت عائلته تعيش في شقة مزدحمة مكونة من غرفتي نوم مع عائلة شقيقته في رفح عندما قالت إسرائيل إنها ستدخلها.
وأرسل زوجته وابنته للإقامة مع أقارب آخرين في دير البلح، في الجزء الأوسط من القطاع، لكن الغارات الجوية تكثفت هناك، والآن يحاول أبو حبيب إعادة عائلته إلى رفح.
ووجد شقة في وسط رفح لم تخليها بعد عائلة تنتظر الخروج من القطاع، ومكان آخر يقع بالقرب من الحدود مع مصر.
ويتساءل أبو حبيب: "هل سيدخلون من الشرق؟ من خان يونس؟ أو من البحر؟.. لكي نكون صادقين، نحن لا نعرف".
بعد يوم واحد من تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، بمواصلة الحرب ضد حركة حماس المصنفة إرهابية لدى الولايات المتحدة ودول أخرى، حتى "النصر الكامل" في قطاع غزة، قصفت القوات الإسرائيلية مدينة رفح على الحدود المصرية، ما أثار المخاوف من هجوم بري وشيك.