فراس ياغي
أمد/ قراءة عاجلة في قرار مجلس الامن الذي يطالب بوقف إطلاق نار فوري فيما تبقى من رمضان
أولا- هذا القرار لا يستند للفصل السابع، أي أن عدم تنفيذه من قبل إسرائيل لن يؤدي إلى اي إجراءات عقابية، لكنه يعتبر خطوة إلى الأمام في الموقف الأمريكي
ثانيا- هذا القرار رغم انه يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار خلال ما تبقى في شهر رمضان، إلا أنه أيضا يشير إلى أن هذا الوقف الفوري لإطلاق النار بما يؤدي لوقف نار مستدام، بمعنى أن العالم ككل يريد وقف عملية الإبادة التي تقوم فيها إسرائيل في غزة
ثالثا- القرار يتحدث عن الأفراج عن الرهائن دون ان يحدد جنسيتهم، وهذا يعني الإفراج عن الأسرى والمحتجزين من الطرفين وليس من طرف واحد، فالرهائن موجودين لدى الطرفين، بما يشير لمفهوم تبادل الأسرى
رابعا- هذا القرار له مغزى وإشارة أمريكية وبالذات إلى نتنياهو، بأن عليه أن يعطي إعتبار للمصالح الامريكية في المنطقة ويلتزم بمشورتها
خامسا- هذا القرار مقاربة أمريكية لإنقاذ إسرائيل من نفسها ومن “نتنياهو” بالذات، على الرغم من مسارعة وزارة الخارجية الأمريكية لإبلاغ إسرائيل أنه قرار غير ملزم وانه يمكن تنفيذه عبر المفاوضات، بعكس الأمين العام للأمم المتحدة “غوتيرتس” الذي كتب على منصة “X” “انه ينبغي تنفيذ هذا القرار. إن الفشل أمر لا يغتفر”، في حين قال نائب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام، فرحان حق، “جميع قرارات مجلس الأمن الدولي تعتبر قانونا دوليا. وهذا القرار أيضا، مثل القرارات الأخرى”.
وأضاف أنه “قرار ملزم، يجب تنفيذه مثل القانون الدولي”.
اما إسرائيل فأعلنت انها لن تلتزم بالقرار في حين رحبت فيه حركة حماس وقالت أنها مستعدة لصفقة تبادل للأسرى
لكن في المجمل هذا القرار وضع إسرائيل في عزلة دولية حقيقية ووضع الأسس التي يمكن من خلالها الضغط على نتنياهو للتعاطي مع الطروحات الامريكية بما بتعلق برؤيا الشرق الاوسط الجديد، خاصة أن هناك غضب امريكي من نتنياهو
الخلاصة:
أولا- لن يلتزم نتنياهو وحكومته بقرار مجلس الامن، وسوف تزداد عزلته والتصدع الداخلي في إسرائيل سوف يزداد، والخلاف مع الولايات المتحدة سيتعمق، لكنه لن يصل مطلقا لاتخاذ قرارات تؤدي للمس عمليا بإسرائيل او تضعفها
ثانيا- وقف إطلاق النار أصبح غير مرتبط باي شيء آخر، بمعنى أنه أصبح قيمة منفصلة عن اي شيء، ولكن الموقف الأمريكي هذا الصادم لمحميتها إسرائيل لا يجب المبالغة فيه فهو بالأساس محاولة لإعادة محميتها للواقع الحقيقي الذي سببته في غزة والذي سوف يؤدي لعزلتها في العالم، بل قد تصبح دولة منبوذة، أو كما قالت الكاتبة الإسرائيلية “إيريس ليعال: الجمهور يعتقد أن ما يقوم فيه الجيش في غزة هو عقاب مبرر، لكن لا فكره لديه كيف نبدو الآن، نحن برابرة مصاصو الدماء الجدد في العالم”
ثالثا- يجب النظر للقرار على انه محاولة تفاوضية أمريكية أيضا، بما يعني إستخدامه للضغط على حركة حماس بما يتعلق بموضوعة “الاسرى والمحتجزين”، وهنا يجب التعامل مع ذلك بمفهوم مزدوج، لان هناك آلاف الفلسطينيين ايضا “رهائن” لدى الإحتلال الإسرائيلي
رابعا- هذا القرار يشير لمدى التغيير على المستوى العالمي تجاه القضية الفلسطينية، وهذا ما يجب استغلاله بان لا حلول بدون الخلاص من الإحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة
خامسا- يمكن استخدام القرار في محكمة العدل الدولية وفي محكمة الجرائم الدولية، خاصة بما يتعلق بموضوع المساعدات وعدم التزام إسرائيل بالقانون الإنساني الدولي
رغم أن هذا القرار لم يطلب معاقبة إسرائيل ولم يطلب إنسحابها من القطاع، ولم يذكر كل تداعيات حرب الإبادة على المدنيين في قطاع غزة وكل التداعيات الاخرى، إلا انه يعتبر البداية الواضحة للعزلة الدولية التي سوف تعاني منها إسرائيل على مستوى العالم خاصة بعد التغيير الكبير في مواقف العديد من دول العالم تجاه الموقف من القضية الفلسطينية والدعوات للإعتراف بالدولة الفلسطينية
تداعيات السابع من اكتوبر كبيرة ولا زالت إرتداداتها تتداعى والمستقبل لن يكون ابدا لصالح نتنياهو ومتطرفيه، والشعب الفلسطيني بتضحيات غزة الجسام التي لا مثيل لها، يحيا وينبعث من جديد، ومرة اخرى ترسم غزة الوطن الفلسطيني على الجغرافيا شاء من شاء وأبى من ابى