أمد/ لست عضواً في النادي الأرثذوكسي، ولكنني من رواده، وأحد المستفيدين من نشاطاته المتعددة ثقافياً وفنياً وسياسياً، وقد أكرمني الصديق د. أسعد عبدالرحمن باسم مؤسسة فلسطين الدولية لإلقاء محاضرة في النادي يوم 29/11/2023 بمناسبة يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، بحضور جماهيري واسع.
ولم يكن كذلك لولا أن النادي عنوان ليبرالي تقدمي ديمقراطي، في ظل انحسار التوجهات الإيجابية، وغلو المعايير المحافظة على أغلبية النشاطات اللامنهجية في الجامعات والأندية والكليات، وحتى دوائر الكتاب والصحفيين ومجمع النقابات المهنية.
منذ الانقلاب الدولي ومن تبعه على الصعيدين القومي والإقليمي في إيران بسيطرة الجناح السياسي الديني، وتركيا كذلك، وإن اختلفتا بالمذهب والأدوات ولكن الحصيلة واحدة في النتيجة، نتاج الحرب الباردة وهزيمة المعسكر الاشتراكي وانعكاساتها السلبية على الاتجاهات والأجنحة اليسارية والقومية أمام المعسكر المنتصر الأميركي الأوروبي الإسرائيلي، وتراجع وانحسار الاتجاه القومي، واحتلال العراق من قبل الأميركيين وحلفائهم وتغيير النظام لصالح الاتجاهات التقليدية الرجعية المرتبطة على الأغلب مع مرجعياتها الإيرانية، ولدى البلدان العربية الأخرى مع مرجعيتها التركية، وتأثير ذلك على مجمل الحياة السياسية والثقافية والفنية وتنوعاتها.
النادي الأرثذوكسي، رغم مرارة الهيمنة المحافظة في بلادنا، ورغم نشاطاته الرياضية المتنوعة، شكل أحد العناوين الصامدة، التي حافظت على دورها العصري المتقدم.
انتخابات النادي، أفرزت فريقاً برئاسة رجل الأعمال الناجح ميشيل الصايغ، نال ثقة الهيئة العامة، بتفوق، نظراً لمكانة الرجل، ودوره تاريخياً في تقدم النادي، وقدراته واهتماماته المتعددة المتنوعة في العطاء وهو وإن كان رجل أعمال، لديه حالة متميزة، تتقدم على العديد من أقرانه، أنه يعطي الحياة العامة السياسية والثقافية، دوراً ومتابعة ووفاء غير محدود، ولهذا حينما أتناول هذا النادي بما يحوي، ذلك لأنه يُسهم في الحياة العامة كمعسكر من معسكرات العصرية في مواجهة هيمنة القوى المحافظة التي «تستقتل» في بقاء الاتجاهات المحافظة وأن تبقى أسيرة للماضي.
مبروك للنادي الأرثذوكسي نجاح فريقه الانتخابي، كي يستجيب لتطلعات أعضاء النادي وأصدقائه، والمراهنين على الاستفادة من نشاطاته لعله يواصل التقدم، خدمة ليس فقط لرواده، بل للمجتمع الأردني الذي يفخر بتعدديته، ويحتاج لهذه التعددية ليكون نموذجاً للمؤسسات الأهلية المماثلة، كما يحتاج لهذه النشاطات النوعية الإيجابية لبلدنا التواق للمزاوجة بين الرياضي والثقافي والسياسي وحتى الحزبي، لأن الاختلاف والتنافس المدني التعددي المشروع، صفة إيجابية يجب الحفاظ عليها وتطويرها.