منجد صالح
أمد/ يبدو الامر ربما وكأنه لحسن حظي ونقاء سريرتي وصفاء نيّتي انني اعرف “بُثينتين حمدانيتين”، اذا جاز التعبير ووافق وتطابق مع الواقع القديم والجديد،
البثينة الاولى، بثينة حمدان “الاصلية” بالنسبة لي، هي بثينة حمدان شقير، ابنة خالي حمدان شقير ابو مروان رحمه الله،
هذه البثينة السمراء الحنطية الجميلة اللطيفة خفيفة الدم والظل، ظريفة حلوة المعشرحلوة اللسان فارعة البنان ناصعة بياض الاسنان،
عرفتها بل على الاصح ترعرعنا معا منذ ان كنّا اطفالا، فهي ابنة خالي وابنة عمّتي في نفس الوقت وتصغرني بعام او عامين،
فمنذ صغرنا عشنا وكأننا عائلة واحدة، فوالدها خالي شقيق والدتي ووالدي خالها شقيق والدتها،
ربما لم نشعر يوما إلا اننا اخوة، هي اختي وانا اخوها، أو على الاقل من جانبي وطرفي وعواطفي واحاسيسي ومفاهيمي لم اشعر يوما إلا انها شقيقتي، وهذا الشعور ما زال صامدا ماثلا متمترسا رغم انه يوجد بيننا حاليا جبال وفيافي وبحور،
أمّا بثينة حمدان الثانية، الجديدة علي، “الحمدانية” الجديدة فهي بثينة حمدان الكاتبة المبدعة، التي لم اتشرف بعد بالتعرف عليها شخصيا، لكن التقيت معها من خلال كتاباتنا الادبية على صفحات الجرائد والصحف الالكترونية،
كما يسعدني، من وقت لاخر، ان يظهر على بريدي الالكتروني، لا اعرف كيف؟؟!!، اسم بثينة حمدان تبعث لي مقالا، عبر ايميلي، من مقالاتها البديعة ذات النكهة الساخرة التي احبها واحبّذها لانني، بكل تواضع، ارى ان كتاباتها وكتاباتي تتشابه وتتشارك في فكاهتهما وسخريتهما اللطيفة الظريفة،
فاقول في نفسي هل يا تُرى هي الاقدار ام الصدف السعيدة العجيبة التي ساقت لي بثينة حمدان جديدة كاتبة، إلى جانب “بثينتي” الاصلية، بثينة حمدان ابنة خالي وابنة عمتي؟؟!!،
بثينة حمدان قريبتي درست الطب في بولندا وتخصصت في مجال الطب النسائي، التوليد والعقم، وهي طبيبة شاطرة ومبدعة ولها عيادة معروفة في بيروت لبنان وتعمل في المستشفى العام ايضا،
خلال دراستها في مدينة بوزنان في بولندا تعرفت إلى زميل لها لبناني وتزوّجا وانتقلت معه بعد التخرّج إلى بلاد الارز لتعيش وتعمل، ولهما ولد يحمل الجنسية اللبنانية والجنسية البولندية كما والديه،
تأتي إلى فلسطين في زيارة إلى مسقط رأسها، مسقط رأسنا بلدة كفل حارس، من وقت لاخر خلال العطلة الصيفية،
كتبت عنها قصة: “شاي ساخن بالنعنعاع من الثلج الناصع البارد”، ثمثل رحلتي لزيارتها في بولندا عام 1978، عام ثلجة كبيرة وقاسية في ربوع بولندا والدول المُحيطة، وخاصة تشيكوسلوفاكيا، ونشرت القصة في كتابي القصصي الثالث بعنوان: “سلّم لي على السفارة”، الذي صدر عن دار الرعاة عام 2022 وشارك في عدة معارض دولية للكتاب منها معرض رام الله ومعرض عمّان ومعرض الكويت الدولية للكتاب،
رأيتها آخر مرة منذ سنتين مصادفة للحظات في بلدتنا،
نظرتُ في وجهها الحنطي النضر باسم الثغر فرأيت فيه صورة الطفلة بثينة التي تربّت معي منذ الصغر.