أمد/
كتب حسن عصفور/ بعد جلسة تفاوضية في القاهرة، أعلنت وسائل إعلام مرتبطة بالإدارة الأمريكية عما أسمته "مقترح أمريكي" لصفقة التبادل والتهدئة في قطاع غزة، خلال فترة زمنية مع أيام العيد، الذي فقد كل ما له من بعد إنساني، ترافق مع حملة مكثفة بأنه جاء للتعبير عن "غضب إدارة بايدن" من نتنياهو وحكومته، وصلت للقول بأن واشنطن وضعت "القفازات على الطاولة".
ومع "التسريبات" التي حاولت تبيض مقترح المخابرات المركزية الأمريكية، توازت معها إشارات بالحديث عن طلب من مصر وقطر بالضغط على حماس لقبول المقترح "التسووي"، كما تراه واشنطن، أو تتحمل مسؤولية الرفض.
جوهر المقترح الأمريكي ينطلق من حيثيات الأمر الواقع المستند الى الوجود الاحتلالي العام لقطاع غزة، وكأنه أصبح "حقيقة" خارج النقاش لا يجب التعامل معها الى حين أن يتم خلق ظروف أخرى، تتوافق ورؤية "اليوم التالي" التي وضعت حكومة نتنياهو عناصرها الأساسية، وتوافقت بجوهرها مع الغالبية في دولة الكيان.
المقترح الأمريكي، جاء كمحاولة لامتصاص غضب عالمي بدأ يتسارع ضد الحرب العدوانية على قطاع غزة، وما تقوم به من "إبادة جماعية"، مع فتح ملف دولة الكيان في محكمة العدل الدولية، ومناقشة عضوية دولة فلسطين في مجلس الأمن، والأثر الكبير لعملية اغتيال عمال الإغاثة من المنظمة الأميركية "المطبخ المركزي للغذاء"، وما أحدثه من أثر هز بعض مواقف دول من التحالف المساند لدولة العدو، ترافق ونمو حركة احتجاج داخل الحزب الديمقراطي وتأثيرها على مستقبل الرئيس بايدن السياسي.
المقترح الأمريكي، وضع المسألة الجوهرية التي يفترض أن تكون قاعدة انطلاق "الحل المستدام" جانبا، مستفيدا من عمق الأزمة الإنسانية التي يعيشها أهل قطاع غزة، وآثار الكارثة أو النكبة الكبرى بمختلف مظاهرها، وترقبهم لأي حل ممكن، يمنحهم فسحة راحة من الموت والجوع، خاصة بعدما تكشفت لأهل القطاع ما حدث نتاج التدمير العام، بعد خروج قوات جيش العدو من بعض المناطق.
واشنطن، تدرك يقينا أن حكومة دولة الفاشية اليهودية لن تذهب لصفقة جوهرية في ظل التحالف القائم، وبأن رئيسها نتنياهو لن يضع رقبته السياسية تحت مقصلة غانتس ولابيد، بديلا لبن غفير وسموتريتش أي كان الثمن، مدركا أن الضغط الأمريكي لن يتجاوز راهنا حدود استخدام أدواتها في "الداخل الإسرائيلي"، وخاصة بعدما أكدت أنها ستعارض بقوة التصويت لصالح عضوية فلسطين الكاملة، بل وهددت بوقف تمويل الأمم المتحدة لو تم ذلك، ما يمنحه قوة مضافة لما يملك للتحدي العلني ورفض ما تقدمت به، رغم ما به من انحياز لها، لكن قواعد التهديد بداخل مكونه أعلى من القبول.
المقترح الأمريكي جوهريا محاولة لمحاصرة حركة حماس، ووضعها تحت ضغط المواجه الشعبية الفطرية التي تنطلق من البحث عن سبل وقف الحرب والتهدئة، من مطلق إنساني كامل الأركان بعيدا عن "التشويق والإثارة" التي ترتبط بالبعض الفصائلي، الى جانب أن حماس تصدم بنهاية "اليوم السياسي" بصدامها مع الممثل الرسمي الفلسطيني.
المقترح الأمريكي يضع حماس أمام ورطة الرفض المباشر، ما سيكون قوة دفع نحو ذهاب حكومة الفاشية لإكمال مخطط رفح، احتلالا أو تقسيما أمنيا يتوافق مع المخطط الشامل للسيطرة على قطاع غزة والمعابر كافة، باعتبارها هدفا رئيسيا من أهداف نتنياهو لـ "اليوم التالي" للحرب العدوانية.
رفض حماس المتسرع كان خطأ، تصرفت بصبيانية سياسية بدلا من محاولة التلاعب المضاد، بالحديث عن تقديم "رؤية شاملة للحل" ضمن آليات خاصة…شمولية الرؤية بخطوات تنفيذية متتالية وليس متوازية شرطا.
حماس لن تحصل على ما يمكن وصفه بـ "حل مقبول" ما دام الإصرار على فردية السلوك، موقفا وتفاوضا، وستجد أنها في قفص اتهامي مركب، غير معلوم الثمن المطلوب.
ملاحظة: سريعا فتحت الأبواب لرئيس الحكومة الفلسطينية محمد مصطفى..زار الأردن فمصر والتقى بالرئيس السيسي ثم السعودية في 48 ساعة…حدث لم يحدث لغيره منذ فرضت أمريكا منصب رئيس حكومة 2003..وطبعا بلاش الحكي أنه عشان فلسطين..بدها فانوس علاء الدين يحلها!
تنويه خاص: يا ريت نقابات الصحفيين العربية تشد حيلها بجد لكسر منع ذهاب الصحفيين الى رفح..ليش الاتحاد العربي ما ينسق مع الاتحاد الدولي للصحافة لعمل "قافلة صحفيين" يمكن تكون المساعدة الأهم لأهل القطاع…بدها شوية جرأة لكسر "طاسة الخوف"..
لقراءة المقالات كافة..تابعوا الموقع الشخصي