عمر حلمي الغول
أمد/ حل العيد أمس الأربعاء 11 ابريل الحالي حزينا كئيبا، موشحا بشال اسود ملئ ببقع الدم، ومغبر بتراب الأرض المحروقة تتساقط منه دموع المكلومين بحرب الإبادة الجماعية الصهيو أميركية. حل بلا ضجيج، وبلا أضواء وزينات البيوت والشوارع والميادين والسيارات، وغابت المراجيح ومدن الملاهي، وإن فتحت أبوابها، فكأنها لم تفتح، ذهب المصلون الى المساجد، وأدوا صلاة العيد تحت وجع السعير والقارعة، صلوا صلاة الجنازة على الشهداء والاموات، وعرجوا على المقابر، زاروا احبتهم من اباء وامهات وازواج وأبناء واحفاد بصمت شديد، ودموع سكبها الوجع والموت المعلن في المقل.
الاجنة والأطفال حلقوا في فضاء الكون بأجنحة الملائكة وأرواحهم البريئة، وصدحوا بصوت واحد لا للموت، ولا للبارود والمدفع، ولا للمستعمر النازي الحاقد، ولا لقاتل الأرواح النقية، التي لا تميز بين انسان وإنسان، ولا بين دين ودين، ولا بين انثى وذكر، ولا بين غني وفقير، ولا بين ساكن قصر او خيمة عارية أمام الرياح الهوجاء، ولا بين طعام وطعام، بعدما فقدوا وضاع منهم الحضن الدافئ، والكلمة الطيبة، والابتسامة البريئة والنبيلة، وتلاشت وانعدمت الطرق امامهم، ومع ذبول الورود، وزوال الامل واليقين بالمستقبل الواعد، الذي اندثر وسقط في زحمة الموت والقتل الفاجر والمارق.
النساء هامت في ارض الرباط على وجوهها تبحث عن مأوى لها ولأطفالها من ريح النازية الصهيونية الهوجاء والحاقدة القاتلة والدامية، تركض من زاوية الى أخرى وهي تُهدأ من روع جنينها في رحمها واطفالها الهلعون من جحيم صواريخ وقذائف وبارود وقنابل الفسفور الأبيض والأحمر.. وتصرخ بأعلى صوتها تناشد رب السماء ان يلقي لها لقمة خبز، او شربة ماء .، وتسير هائمة على وجهها عشرات الكيلو مترات بحثا عن مكان آمن بعد أن زعق غربان إسرائيل وجيش موتها ومرتزقتها يطالبونها بالهجرة الى الجنوب وجنوب الجنوب، والطائرات الحربية والزوارق البحرية ومدافع الدبابات تلاحقهن في كل متر من ارض الوطن، والموت يهاجمهن من حولهن، واشلاء جثث ورفات الشهداء متناثر على الطرقات وتحت ردم البيوت والعمارات تنهشها الكلاب والقطط والحيونات الضالة، ولم تسلم من فجائع المناخ وسقوط الامطار والبرد والامراض والاوبئة والجوع القاتل .. حتى فقدن أطفالهن بين ايديهن وتحت أعينهن.. وقصفت اعمارهن قبل الأوان من ويلات الزمن الرمادي في غياب معتصم عربي أو إنساني..
والشيوخ والعجائز ساروا على عكاكيزهم او محمولين على اكتاف أبنائهم أو على عربات الكارات تحت شبح الموت الأسود وليل إسرائيل ووحشيتها ووحشية سادتها في واشنطن.. بعضهم لاقى حتفه على الطرقات تحت وابل القصف وجهنم المحرقة على مرأى ومسمع من العالم الحر، والبعض الآخر ترجل عن مسرح الحياة شاهدا على كارثة الإبادة الجماعية وضحية من ضحاياها، مدونون في ذاكرة التاريخ الحديث أبشع حروب الإبادة في عصر الذكاء الاصطناعي والسبيرانية القاتلة المتلفعة بثوب الحداثة اللاإنسانية..
حرثت الدبابات والطائرات الحربية والزوارق البحرية الأرض الفلسطينية في محافظات غزة، وقلبت عاليها واطيها، لم تبقِ دربا بلا تجريف ولا تدمير.. ونسفت ابسط مصادر الحياة الأدمية.. لا كهرباء.. لا ماء.. لا طعام.. ولا صدى صوت شقيق أو صديق.. تبعثروا كالفراش المبثوث في الأرض تحت السماء والطارق، كأن القيامة حلت عليهم لوحدهم دون سواهم من بني الانسان.. وعزرائيل إسرائيل وأميركا وامبراليوا العالم يلقون حمم نيرانهم وكفرهم ولعنات موتهم عليهم، وهذا بعض من اختبار الله للمؤمنين الفلسطينيين الأبرياء، الذين يرفع الكرت الأحمر الأميركي في وجوههم في مجلس الامن الدولي، وليدوس القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي بحذاء راعي البقر قاتل الهنود الحمر الاميركيين والفيتناميين والكمبوديين والافغانيين والعرب من العراقيين والسوريين والليبيين والسودانيين والصوماليين واللبنانيين، الذي يقتل الفلسطينيين على مدار ال187 يوما من الحرب الوحشية والقذرة..
ثم يسألونك عن العيد، قل لهم: عن أي عيد تسألون؟ ومتى يكون العيد والموت يطارد الأطفال والنساء والشيوخ؟ ولمن العيد تحت سيوف الموت وفجيعة الاحياء من بني جلدتهم، ومن أباطرة رأس المال المالي وغلاة الخزر الصهاينة النازيين أداتهم؟ وكيف يكون العيد بلا سلام وأمان، وبلا طفولة وبلا حارسات الأرض والوطن والدار، وبلا ورود؟
لا عيد للفلسطيني العربي في زمن الكارثة والابادة الجماعية، ولا عيد الا بتحرير الأرض والانسان من خزر هولاكو مرتزقة العصر الحديث، ومن ادواتهم وخصيانهم واذنابهم في الداخل والخارج.. وسيأتي العيد ذات يوم عما قريب عندما تزهر الأرض نوارها وورودها وشقائق النعمان.. سيأتي العيد لا محالة ذات فجر يتسامى غير بعيد مع رحيل العابرين عن ثرى الوطن السليب.. وتنجلي عتمة الليل بسوادها اللعين..