بكر أبو بكر
أمد/ هل نظرية “الوقت لم يحن للنقد”! تفيد شيئًا مقابل نظرية الثور والبصل؟
بالطبع لا، لأن وضوح مآلات الحدث الكارثية على فلسطين وعلى المقاومة بكل أشكالها كانت مؤشراته واضحة في سياق العدوان بعد مذبحة المعمداني البشعة، حيث وجب التوقف وإعادة النظر. وظهر بعد كل تصويت بالأمم المتحدة ضد وقف الحرب من أمريكا، وظهر من الدعم المالي والعسكري اللامحدود من الاستعمار (الاستخراب) الغربي للكيان الصهيوني، وظهر في عملية الحوار العلني الكاذب بين “نتنياهو” و”بايدن” وكأنهما مختلفان على استمرار أو وقف الدمار بينما هما مختلفان على طريقة الإدارة فقط، وتبييض وجه الكيان بأي الطرق الناجعة لتهجير وتدمير الشعب الفلسطيني وأعادة احتلال أرضه في غزة والضفة بالمستعمرات والأغوار وهو ما حصل.
إن الحاصل بين رأسي الإبادة والمقتَلَة والحرب الحالية أي “نتنياهو” ونظامه مقابل “بايدن” ونظامه هو حوار الأحبّة الذين يدعمون الثور المحصّن ويقاتلون رُماة البصل.
إن إطالة أمد العدوان بالكبرياء الفاشل وبدون البحث عن مخارج وطنية يغذي الأوهام لدى الناس ويحرف نظرها عن الخراب والكارثة التي لم يسبق لها مثيل. ويكلّ نظرها عن حجم الشهداء والجرحى والمكلومين، والدمار الذي قُدّر لغزة بما يقارب ال100 مليار دولار!؟ وبأرض عادت للعصر الحجري وأصبحت بلا معالم دمر ما فوقها وتحتها!؟
إن وهْم قدرة البندقية فقط بالقضاء على الطيارة هو من عنصر الخرافات والمعجزات التي ترتبط بالفكر الظلامي أو الخرافي الذي تحدثنا عنه، لأن قوانين حرب الشعب طويلة النفس تؤمن بالشعب ككل ودوره وتثبيته وإشراكه بالنضال، وتؤمن بالنفس الطويل لاسيما وميزان القوى والمعادلة وطبيعة الحلفاء كما نرى مختلّ بشكل ضخم جدًا.
في النقد رؤية جديدة قد لا يراها قصير النظر، أوالمؤمن بصوابية أفعاله بشكل مطلق فينهار أمام الواقع فيسحب سيف القداسة ليدافع عن نفسه ويحصّن إخفاقاته بالطعن ومظاهر الشتم والتخوين والتكفير.
في النقد اعتراف وفيه تقليب للفكرة وتبعاتها وإلا دون ذلك فهو ينهزم ذاتيًا قبل أن تظهر هزيمة أفكاره وربما خططه أمام الناس فعلى سبيل المثال تجد أن إطالة أمد الحرب ليست في مصلحة الضعيف، ضمن نظرية الحروب النظامية.
وأيضًا نظرية حرب الشعب التي تؤمن بثلاثية ، أو رباعية
الدفاع عن الناس، أو تحقيق ثباتهم وصمودهم، وانخراطهم بالثورة
وتؤمن بتحميل الاحتلال تبعات أفعاله وبكلفة كبيرة، وليس العكس
وتؤمن بالحفاظ على الأرض أو ما استرد أو وجد منها
وتؤمن بنظرية الضربات القصيرة المهدفّة والمؤذية للعدو وليست الطويلة المدمرة سواء للمقاومة أوالشعب.
وما يحصل مخالفة تامة لكل ما سبق، وعمل عقيم النتيجة لأنه لن يحقق ما طرح أو حصل من نتائج كما هو واضح الآن.
إن الفكرة الواعية القابلة للتقليب على أوجهها تفهم معنى المراجعة ومعنى التعديل ومعنى الاستبدال، لكن فئة الانفعاليين العاطفيين يسبحون في بحر الأماني فقط، ويحبون ما يخاطب القلب ويأنفون من العقل واستنتاجاته.
في أتون المعركة يٌفهم خطاب أو فكر التحفيز وشد الأزر، ولكن ما لايفهم مع تكاثر عوامل الهزيمة أو الدمار والخراب أن يبقى ذات التنظيم/الجماعة أو الأشخاص على ذات أقوالهم وذات تحالفاتهم غير ذات الجدوى ويرفضون المراجعة ويتهمون الناقدين بكل الشرور. بل ويكررون ذات أفعالهم الخاطئة بشكل لا يستفيد ولا يتعلم، وكأن الوسيلة الخائبة إن استخدمت تكرارًا ستثمر نتيجة أخرى! (سلسلة نجمعها تحت عنوان: النقد المحرم وجريمة التفكير)