منجد صالح
أمد/ كتبت لي صديقة عزيزة، هي في الحقيقة والواقع طالبة شاطرة نجيبة عندي في دورة اللغة الاسبانية المُتقدمة في مكتبة بلدية البيرة،
كتبت لي “عرين” وباللغة الاسبانية، لغة سرفانتيس ولوركا، وبلغة اسبانية جميلة سليمة ومتقنة تقول لي ما ترجمته:
” استاذي العزيز،كيف حالك؟؟، اشتقنا لك كثيرا،
انا لست بخير، لم انم ليلة امس، كنت مشغولة ومنشغلة أفكّر فيما يجري عندنا،
كنت استعدّ لتحضيرات يوم وحفل عُرسي وزواجي، لكنني اصبحت أفكّر في إلغاء الحفلة!!!”،
لم أعلّق شيئا على رسالتها ولم اقل شيئا، بل قلت في نفسي دعها يومين ثلاثة كي تهدأ وتُقلّل من هواجسها،
اليوم صباحا قرّرت ان اهاتفها وأن اتحدّث معها،
للعلم والمعلومة تربطني علاقة صداقة وود وثقة مُتبادلة واحترام كبير معها، وارى فيها شابة ذكية شاطرة مجتهدة لطيفة، فهي مهندسة رغم انها تبدو وكأنها ما زالت طالبة بالتوجيهي،
شهقت فرحة مندهشة من اتصالي بها وفتح حديث طويل عن وضعها وحالتها وحتى هواجسها،
قُلت لها في البداية وقبل كلّ شيء لا داعي ان تُأجّلي العرس والزواج وتُلغي الحفلة أو “اللمة العائلية والاصدقاء، فالامور عندنا تسير بخطوات السلحفاة، أي بتغييرات طفيفة من يوم لآخر، لا وجود عندنا للكناغر الاسترالية ولا لقفزات عالية وطويلة ومديدة،
الامور تسير في بلادنا متر إلى الامام ومترين إلى الخلف، يتبعها مترين إلى الامام ومتر إلى الخلف، لا احد يعتقد او يمكن ان يتكهّن ان غذا سيكون لونه ورديا صافيا، في حين تُظلل السُحب الداكنة نهار وليل اليوم،
الحياة يجب ان تستمر، والزواج هو احدى تجلّيات استمرار هذه الحياة، بعجرها وبجرها، بحلوها ومُرّها، بنهارها وليلها،
وربما انه نوع من صمود وتحدّي الشعب الفلسطيني رغم كلّ المآسي التي يمر بها هو استمراره في عيش حياته واقتناص فرصة من بين انياب التمساح للفرح والبهجة، كما يحدث في مخيمات النازحبن في غزة،
ضمّة من الفرح بزواج شابين أجّلا موعد زفافهما لايام واسابيع وشهوربانتظار الفرج،
ليس من الضرورة القيام بحفلات “طنّانة رنانة”، ولكن نعم فليفرح الاهل والاحباب والاصدقاء والجيران واهل الحي،
في ازمنة الحرب الحياة تستمرّ ربما بصورة مختصرة وبوتيرة اقلّ صخبا، لكنها تستمر،
في مدن الحرب شارع يمتلئ بالمتاريس والمحاربين وازيز الرصاص، وفي الشارع المقابل أو الموازي يتنعّم بعض روّاد المقاهي بشرب النارجيلة، كما كان يحصل في بيروت ايام الحرب،
تنفّسف عرين الصعداء بعد كل هذا الحوار الهاديء الودّي وقالت لي: “لقد ارحتني يا استاذ، لقد كنت مكتئبة قبل مكالمتك،
فقلت لها استمري على بركة الله وقليل من الفرح مفيد لك ولخطيبك ولعائلتكما ولكل الاصدقاء،
اتمنّى ل عرين زواجا قريب اكيدا سديدا سعيدا وبالرفاة والبنين على مدى السنين.